بقلم : محمد جرافة 

تحية رمضانية خالصة لك سي مراد دهينة ولكافة مناضلي حركة رشاد

ترددت كثيرا في موضوع توجيه هذه النصيحة إلى اصدقاء لم التقي مع بعضهم عشرات السنين…لكن ضميري ظل يؤنبي كلما  قرات مقالا او تصريحا لاحد قيادات حركة رشاد وهو يحلل او يشرح بعض الاوضاع الداخلية التي تعيشها الجزاير..أو استمع إلى بعض الأحكام التي تصدر عبر مواقع التواصل أو عبر اليوتوب…لقد كان لتلك  الافعال وقعا بليغا على نفسي لما له من تأثير سلبي على الواقع الجزايري عموما وعلى الحراك خصوصا ..اقول هذا  شفقة وليس امتعاضا ولا رفضا لحرية التعبير…ولا انتقاصا من  مجهود اصحاب علم ودراية اعرف جلهم واثق في معظمهم رغم تباعد المكان …

غير أن التصريحات الأخيرة من طرف بعض الأصدقاء هناك والمتعلقة بالوضع في الجزاير عموما وبالتدافع الذي خلقه الحراك الشعبي خصوصا و الذي انا جزء منه منذ ولادته في 22فيفري 2019م  ولا ازال وسطه داعما ومساندا له ..قد أثارت لغطا كبيرا وأحدثت بلبلة في الساحة الإعلامية على الخصوص.. وهي تصريحات توحي بانه  تنقص الاصدقاء في حركة رشاد معلومات ومعطيات حقيقية..او انهم يعتمدون في الغالب على تسريبات مغرضة نحن نعرف مصدرها وضمن اية استراتيجية تسوق ولأي غرض.. وطبعا كما تعلمون فإن الاعتماد على معلومات خاطئة ستعطي نتاءج خاطئة  وربما تساهم في الهدم من حيث يحسب أصحابها بأنهم يساهمون في البناء  أو انهم يصححون للاوضاع ولذلك اقول في عجالة

1…أن الحديث عن المؤسسة العسكرية الحالية بالطريقة والاسلوب اللتان يقع الترويج لهما هذه الأيام  من قبل البعض في داخل الوطن وخارجه  هو حديث يفتقر إلى البصيرة والرشد.. وهو مجانب للصواب.. وفي الغالب لا ينقل الحقيقة الواقعية الحالية والتي انا شخصيا على اطلاع واسع بجزء منها ومن مصادري الخاصة ومن داخل المؤسسة وليس عبر التحليل أو عبر الاعتماد على المعلومات المغلوطة أو المسربة.

فالحقيقة هي ان الجيش الوطني اليوم قد استرجع العقيدة النفمبرية والخط الباديسي.. وقد قرر بعد أن تمت تصفية ما يعرف عندنا في الجزاير بضباط فرنسا..قرر أن ينهي الوصاية الخارجية على الجزاير  وفي مقدمتها الوصاية الفرنسية التي ظلت تتدخل في الشأن الداخلي الجزايري  بصفة مفضوحة وفي الجيش الوطني كذلك وذلك عبر الجنرالات الموالين لها والذين نعرفهم بأسمائهم ومراتبهم ومواقعهم في الجيش الجزايري..حدث ذلك منذ الاستقلال السياسي و استمر بشكل نسبي  إلى غاية 2017م…وهذه حقيقة نحن على علم بها وما شهدنا إلا بما علمنا .. ولاشك أن محاولة فك الارتباط مع فرنسا ومخابراتها في هذه السنوات الأخيرة  قد ازعج المخابرات الفرنسية المكلفة بالملف الجزايري فحركت جميع خيوطها وخلاياها النائمة.. و حركت بقايا البذرة الخبيثة التي ما تزال تحتل مواقع نافذة في الدولة الجزايرية وذلك بهدف التشويش على القيادة العسكرية ومحاولة تحجيم دورها في الصراع الحالي  الدائر في الوطن.. وهو صراع بين مؤسسة رياسة الجمهورية والمتحالفين معها من انصار التبعية للوجود  الفرنسي.. وبين الحراك الشعبي الشامل الذي يبدو أنه لقي عند انطلاقته دعما معنويا على الاقل من الجيش الوطني.. وقد تجلى ذلك ظاهريا عندما رفض  الجيش لأول مرة أن يزج به في مواجهة المتظاهرين السلميين بل وأعلن صراحة بأن مطالبه مشروعة وأن رؤية الشعب هي متوافقة إلى حد ما مع رؤية الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير…

اما الحقية الثانية وهي مرة  فهي ان هناك تسريبات مضادة أو معاكسة للحقيقة الأولى ويتم توظيفها بمهنية ووفق خطة مدروسة وانا على اطلاع على بعض بنودها وهي تريد أن تنقل للمواطن صورة أخرى معاكسة تماما وتريد أن تدخل الشك لدى الرأي العام أو على الأقل تحدث بلبلة في صفوف الحراك الشعبي الذي بات يزعج جهات عديدة في الداخل والخارج …

اقول هذه الشهادة لوجه الله ثم الوطن وليس تقربا ولا تزلفا لجهة لأن الله قد اغناني عن ذلك .. فانا رجل معارض للنظام والسلطة الفاسدة  مثلكم وأشد .. وقد تعرضت  للسجن ثلاث مرات لهذا السبب وذلك ابتداء من سبعينيات القرن الماضي.. ثم في الثمانينات والتسعينات….ولا أقول هذا من باب تزكية للنفس معاذ الله.. ولكن من باب أن يطمئن  كل الناس.. ولكم أن تسالوا بعض قياداتكم القديمة وحتى المعاصرة عن ذلك من باب الاطمئنان فأنا مناضل من أجل جزاير حرة وكاملة السيادة ومن أجل شعب سيد فوق أرضه يختار من يحكمه بإرادته الحرة ويحاسبه ويعزله عند الاقتضاء…

3.. و في هذا السياق اقدم شهادتي بكل صراحة وبدون عقدة ولا مزايدة حول  بعض الجنرالات الحاليين الذين أشارت إليهم بعض التعليقات والتحليلات  المغرضة والذين يحتلون مواقع هامة في مؤسسة الجيش الوطني الشعبي حاليا فاقول  ان بعضهم على الاقل هم من حفظة القرآن الكريم ومن الملتزمين دينيا وسلوكيا.. و هم يمكون ثقافة واسعة جدا في تخصصات متعددة إضافة إلى تكوينهم العسكري الذي لا غبار عليه.. وان أغلبهم متحصلين على شهادة  دكتوراه في تخصصات متعددة ..واكثر من ذلك فهم عكس ما يروجون ضدهم فهم  ليسوا متورطين لا في الفساد ولا في الافساد… واما طنيتهم فهي عالية وسلوكهم المهني هو خير شاهد على ذلك…

ان ما دفعني للكتابة حول هذا الموضوع الحساس والذي يعتبر بمثابة ( طابو) عند البعض انما هي الحقيقة والحقيقة فقط ..وخاصة عندما علمت بان بعضهم بات يتألم عندما يقرأ على صفحات الفايسبوك أو يستمع على قنوات اليوتوب تحليلات عارية عن الصحة تمس كرامتهم  أو تمس كرامة المؤسسة التي ينتمون إليها  والتي قدموا لها  ثمرة حياتهم…

ومن هنا اقول بان تلك التصريحات والتي تتكرر هذه الأيام تزامنا مع استمرار الأزمة الجزايرية التي اتمنى ان لا تطول هي اولا شهادة زور وبهتان ضد هؤلاء الشرفاء.. وان فيها تحليلا مغلوطة بقصد  ومغلطة للرأي العام الوطني وحتى الدولي ..غير أنها لا تخدم لا المشروع الإسلامي ولا الوطني..و انها لا تساهم في حل المشكلات بل تساهم في خلق مشكلات جديدة نحن في  الجزاير في غنى عنها …

4..ان محاولة الفصل بين الفريق قايد صالح وقيادات أركان الجيش ومختلف الضباط بمختلف الرتب هي مشروع وهمي وهو لا يتعدى كونه احلام يقظة عند البعض وخاصة الذين يحملون حقدا  على الجيش  الجزايري.. وهم ينتظرون أن ينفجر من الداخل أو ينقلب على قيادته لان الجيش له قواعد تحكمه وله منهج يتبعه وهو وحده من يختار قيادته بعيدا عن اي تدخل مهما كان نوعه ..

5. ان هذه  التحليلات المغرضة التي تصب في الخانة السالفة الذكر فزيادة على كونها بنيت على معطيات عارية عن  الصحة وأنها لا تتعدى كونها مجرد اوهام او احلام عند البعض فإنها بكل تأكيد  لا تخدم  لا الجيش الجزايري ولا الدولة الجزايرية ولا الشعب الجزايري  الذي يخاطبونه من الخارج عبر  القنوات التلفزيونية وعبر اليوتوب…

وهي قبل ذلك و بعد ذلك تحليلات واحكام لا تخدم سوى أعداء الجزاير والشعب الجزايري..ثم هب لو انقسم الجيش على نفسه لا سمح الله.. وكل فرقة أخذت سلاحا وواجهت فرقة اخر ى او انتصرت لقيادة اخرى فكيف تتصورون حجم الكارثة…

6…ان محاولات رشاد لاختراق الحراك الشعبي  بغية اعادة توجيه مطالبه او استعماله في تصفية حسابات وخصومات كما فعلت وتفعل غيرها من التنظيمات التي أشرت إلى نواياهم اعلاه لن يساهم في الحل وفي انهاء الازمة بل انه سيزيد الوضع احتقانا وربما يكون ذلك  سببا في انقسام الحراك أو افتتانه وهذه  من وجهة نظري خطيءة لا تغتفر…

7..ان اتهام الحراك بأنه موجه من جهات معينة للهتاف لصالح القايد صالح أو تقديسه أو الانحياز له  هو اتهام خاطيء وهو لا يعدو ان يكون شهادة زور…لأن الحراك في حقيقته لم يفعل ذلك.. بل لقد شهد الواقع أن هناك حرص شديد على مطالبة الجيش في مرافقة الحراك لتجسيد مطالبه ولقد ظل يطالب القايد صالح بالتدخل لترحيل بقايا العصابة ومنهم بدوي وبن صالح..كما ظل المتظاهرون متمسكون بالسلمية وبعدم   الاصطدام  في مواجهات مع الجيش تجنبا للكارثة… ووفق ذلك حرص معظم المتظاهرين على رفع  شعارات مثل (الجيش والشعب خاوة خاوة.. لا لحكم العصابات..وغيرها )

وانا واحد من المواضبين على المشاركة في هذا الحراك  عبر مختلف مسيراته منذ 22فيفري. بل لقد وصلتنا تقارير مفصلة من مختلف ولايات الوطن من داخل الحراك نفسه.. وهي موثقة عندنا بالصوت والصورة ومجملها هو في الاتجاه المشار إليه اعلاه ما عدا بعض الاستثناءات..وهي ليست كما يتم ترويجها عبر الفسادبوك

نعم لقد رفعت  اخيرا أصواتا وشعارات  من قبل مجموعات معروفة وهذا من حقهم وحرية التعبير  تكفل لهم ذلك ..وقد كان مضمونها  (الجيش ديالنا والقائد خاننا ..وأخرى طالبت بعزل القايد  صالح.. )..لكن تلك الاصوات كانت معزولة في باقي ولايات الوطن  فيما عرفت بروزا اعلاميا على مستوى الجزاير العاصمة.. وهي من وجهة نظري  كانت خطيرة على الدولة والشعب لأنها كانت تهدف إلى تقسيم الجيش وبالتالي تدمير البلد.. ومن هذه الزاوية تصدى لها شباب الحراك نفسه بسلمية و… مبينا للرأي العام الدولي بأن تلك الاصوات لا تمثل سوى اقلية..

8.. وأخيرا اذكركم وجلكم عاش احداث عام92  و شهدتم كيف تم تأجيج الوضع يومها  عبر  بعض المغالين وكيف تم التسويق لشعار مسمار جحا حتى خرجت الأوضاع عن السيطرة فاطلت  الفتنة على الجزايريين.. ثم  حدث ما حدث فهل نريد استنساخ تلك التجربة التي كادت أن تخرب الوطن..

انا  اتذكر جيدا يومها  موقف رابطة الدعوة الإسلامية والجهود التي بذلت من أجل تفويت الفرصة على المتربصين والمغالبين  التي حاول  من خلالها الشيخ أحمد  سحنون رحمه الله ان يثني  قيادة الجبهة الإسلامية للانقاذ عن ممارسة التصعيد والمغالبة لكن الحماس العام دفع قيادة الجبهة حينها إلى تجاهل كل ذلك فكانت الكارثة الكبرى التي صار يعرف تفاصيلها الكثير ..

هذا ما اخشاه أن يتكرر اليوم  اذا لم يتداركه العقلاء…

والله نسأل الهداية والتوفيق للموقف البصير والحكيم

د.عز الدين جرافة 25 ماي 2019م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *