هذه السنة اجتمع المتناقضان  حق وباطل  ظهر الحق  وزهق الباطل وهما شهر رمضان الذي جعله الله هداية للعالمين وبشرى للمتقين ـ وكذبة افريل التي انتشرت في السنوات الماضية .

كذبة أفريل تسمى عند بعض الكفار بيوم الحمقى والمغفلين: وذلك لما يفعلونه من أكاذيب؛ فيصدقهم من يسمع فيصبح ضحية لذلك؛ فيسخرون منه، ومن العجب أن بعضا من وسائل الإعلام  تنشر ذلك في حصص وعبر وسائل التواصل
الاجتماعي  وأصبحت ثقافة يدعوا إليها المغرضون الذين تشبعوا بثقافة الغرب ونحن لنا ثقافتنا وديننا الذي اعتبر هذه الآفة.
من مساوئ الأخلاق، وبالتحذير منه جاءت الشرائع، لم يأت في الشرع مشروعية الكذب؛ إلا في أمورٍ معينة محدودة لا يترتب عليها أكل حقوق، ولا سفك دماء، ولا طعن في أعراض، بل هذه المواضع فيها إنقاذ للنفس، أو إصلاح بين اثنين، أو مودة بين زوجين؛ ففي الإصلاح بين المتخاصِمين، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً” (رواه البخاري ومسلم.
وعن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا يحل الكذب إلا في ثلاث؛ يحدِّث الرجل امرأته ليرضيها، والكذب في الحرب، والكذب ليصلح بين الناس” (رواه الترميذي
إن المسلم إذا كذب في غير هذه المواطن الثلاث اتصف بصفات أهل النفاق؛يقول-صلى الله عليه وسلم-: “أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ
خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا –وذكر منها- إِذَا حَدَّثَ
كَذَبَ”.
وأشنع الكذب: الكذب على الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وصاحبه معرَّض للوعيد الشديد، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تكفير فاعله، قال تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) [النحل: 116]، ولم يرد قول الله لا يفلحون إلا في موضعين من القرآن كلاهما في مقام خطورة الكذب على الله. وعن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار” (رواه البخاري ومسلم.
وفي زماننا الآن، قد يكون المسلم مساهماً في نشر مثل هذه الأكاذيب على الله ورسوله عبر الوسائل الإلكترونية المتعددة، فيسارع لنشر ما يأتيه من رسائل دون تثبت وتمحيص، ومع أن وسائل التثبت والتمحيص سهلت وكثرت بحمد الله.
ومن أوجه الكذب، الكذب في البيع والشراء وخاصة في شهر رمان وله وعيد شديد؛ فعن أبي ذر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم” قال: فقرأها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرار، قال أبو ذر: خابوا
وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: “المسبل، والمنَّان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب” (رواه مسلم.
والصدق في البيع والشراء جالب للبركة عكس الكذب؛ فعن حكيم بن حزام -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعهما” (رواه البخاري ومسلم.
ومن أوجه الكذب التي يتساهل فيها كثير من الناس أن يحدِّث بكل ما يسمع؛ فعن حفص بن عاصم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “كفى بالمرء كذباً أن يحدِّث بكل ما سمع” (رواه مسلم.
ومن أوجه الكذب: الكذب ليضحك القوم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ويل للذي يحدِّث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له، ويل له” رواه الترمذي وأبو داود.
ولما فيه من مجاهدة النفس وعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تارك الكذب ببيت في وسط الجنة فقال: “أنا زعيم بيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً”.
ومن أوجه الكذب: وهو ما قد ينتشر هذا اليوم بما يسمى (بكذبة أبريل) وهو الذي يُسمى عند بعض الكفار بيوم الحمقى والمغفلين: وذلك لما يفعلونه من أكاذيب؛ فيصدقهم من يسمع فيصبح ضحية لذلك؛ فيسخرون منه.
ومن العجب أن -بعضاً- من وسائل الإعلام تسارع في نشر مثل هذه الأكاذيب تحت مسمى كذبة أبريل، والكذب داء عظيم إذ يعد من قبائح الذنوب وفواحش العيوب وقد جُعل من آيات النفاق وعلاماته، ويُعد صاحبه مجانبًا للإيمان،
ولقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبغض الخُلق إليه الكذب؛ فالكذب والإيمان لا يتفقان، ومع ما في كذبة أبريل من الكذب الصراح، فيه من مشابهة الكفار الذين أمرنا بأن نجتنب مشابهتهم؛ لأنّ المشابهة ولو كانت ظاهرًا فلها علاقة بالباطن كما ترشد إلى ذلك الأدلة القرآنية والنبوية.
بقلم الباحث /قسول جلول
إمام مسجد القدس حيدرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *