احتضنت ديوانية المدرسة السعودية مساء أمس الاثنين 24 فيفري 2020 ندوة أدبية بعنوان: “دور المملكة العربية السعودية في تعليم اللغة العربية في الجزائر” ضمن نشاطات الصالون الثقافي الذي تنظمه دوريا “الملحقية الثقافية التابعة لسفارة المملكة العربية السعودية لدى الجزائر” بوجود أساتذة سعوديين وكذا أساتذة وشعراء ووجوه بارزة في المشهد الثقافي الجزائري.

تغطية: كوثر خليدة

وتعد هذه الندوة الثانية في برنامج ندوات الصالون الثقافي الذي تنظمه “الملحقية الثقافية التابعة لسفارة المملكة العربية السعودية لدى الجزائر” تحت اشراف الملحق الثقافي الأستاذ “ناصر بن طامي البقمي”، وذلك بعد ندوة “الشعر السعودي المعاصر” التي جرت فعالياتها الشهر الماضي في نفس المكان.

وفي هذا الصدد، عرفت الندوة الثانية هذا الشهر اقبالا أكثر وتفاعلا أكبر،حيث قد قدم الأستاذ “عبد الرحمان الغبيشي” وهو وكيل المدرسة السعودية بالجزائر محاضرة مطولة بعنوان “دور المملكة العربية السعودية في تعليم اللغة العربية بالجزائر”، إذ تباحثت هذه المحاضرة  سبل التعاون الجزائري السعودي في ميدان الأدب،كما عرج فيها في البداية على مكانة اللغة العربية السامية لما تحويه من خصائص ومميزات حباها الله عز وجل بها.

من جهة  أخرى، تطرق الغبيشي إلى  دور المملكة قبل افتتاح المدرسة السعودية بالجزائر، والذي تمثل في ارسال معلمين متخصصين لتعليم اللغة العربية لعدة ولايات جزائرية، وكذا اعداد مناهج متخصصة لمختلف المراحل الدراسية والمشاركة في مختلف الأعياد والمناسبات الجزائرية ليتحدث بعدها  عن دور المملكة العربية السعودية بعد افتتاح المدرسة، حيث كان ذلك سنة 2003، وقد تمثل دورها في ايفاد معلمين متخصصين في جميع المواد، والعمل المستمر على تطوير البرنامج ومواكبة آخر التحديثات في المناهج والوسائل العلمية، وكذلك انشاء مركز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، كما تهتم المدرسة أيضا بتكوين المعلمين وتأطيرهم للتمكن من استخدام الوسائل الحديثة لتعليم العربية،كما تطرق الأستاذ الغبيشي من خلال محاضرته إلى هبّة المملكة العربية السعودية لنصرة الجزائر والوقوف إلى جانبها ابّان وعقب الاستقلال، وكذا مواقف الملك سعود للاعتراف بالجزائر في الأمم المتحدة والدفاع عن قضيتها.

وفي الأخير ،تم التحدث عن جهود المملكة العربية السعودية في مجال تعليم اللغة العربية ونشرها على المستوى العالمي، مسخرة في ذلك كل الطاقات البشرية والوسائل المادية من خلال المدارس السعودية في الخارج ومراكز اللغة العربية لغير الناطقين بها، وكذا المعاهد السعودية المخصصة لتعليم اللغة العربية، ومن بينها مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية،وفي نهاية المحاضرة أشاد الأستاذ الغبيشي بسعي المملكة العربية إلى توطيد وتمتين العلاقات وأواصر المحبة والاخاء مع جميع الدول، خاصة الدول العربية منها، ومن بينها الجزائر.
في السياق ذاته،تخلل المحاضرة عرض فيلم مصور يبرز جهود المدرسة السعودية بالجزائر الحثيثة لتعليم اللغة العربية عن طريق مركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، تحدثت فيه مجموعة من الأستاذات عن المدرسة ومناهجها وطرائق تعليمها، حيث أشارت الأستاذة “صوريا أكتوف” الى أن مناهج التعليم في المدرسة السعودية الجزائرية تركز على المهام الأدائية وربط الأنشطة التربوية بالواقع المعاش. كما استمعنا إلى شهادات عدة طلبة من جنسيات مختلفة (الصين، تايلند، بريطانيا) وعم يتحدثون العربية بطلاقة.
وتجدر الإشارة إلى أن مركز تعليم اللغة العربية يضم عدة طلبة من جنسيات مختلفة، بهدف تحسين لغتهم العربية، وقد تخرج من المركز خلال السنوات الماضية أزيد من 1000 طالب وطالبة من جنسيات مختلفة.
بعد المحاضرة قدم مجموعة من الأساتذة من مدرسة السعودية وكذا أساتذة جزائريين من مختلف التخصصات والجامعات مداخلات وشهادات، بدءا بالأستاذة صوريا أكتوف من المدرسة السعودية، المهتمة بتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، التي وضحت أنهم يحاولون ادماج الطلبة غير الناطقين بالعربية في المناهج السعودية عن طريق تقديم برامج خاصة لهم لتعليمهم العربية، تتمثل في سلسلتي: اللسان العربي والعربية بين يديك، كما أوضحت أن العمل مع الطلبة يتراوح بين شقين: تعليمهم العربية وكذا ادماجهم في المناهج السعودية، هذا فيما يخص أولياء الأمور الذين يكون دافعهم من التعلم هو ديني بغرض قراءة القرآن وفهم معانيه والتحدث بلغته. بينما يتم مزاوجة عدة مناهج في تعليم الطلبة. وعن الصعوبات التي تواجههم في تعليم العربية لغير الناطقين بها أشارت الأستاذة أكتوف الى أن المدرسة في تواصل مستمر مع أولياء الأمور من أجل مساعدتهم لأن ما يقدم في المدرسة غير كافي وينبغي على التلميذ والطالب بدل جهد أكثر خارج المدرسة.
فيما أشار الأستاذ مشري من جامعة الجزائر 2 الى الاقبال الكبير والمتزايد للأجانب في الجزائر على تعلم اللغة العربية ليسهل تواصلهم وتعاملهم مع الجزائرين، كما أشار لوجود عدة مفردات في اللهجة الجزائرية المحلية مستمدة من اللغة العربية الفصية ولا تبعد عنها كثيرا. وبعدها تناول الكلمة الأستاذ علي ملاحي وأشار الى دور اللغة العربية في تدليل صعوبات التواصل بين الشعوب العربية المختلفة التي يجمعها وجدان واحد، فيما تكمن كل الصعوبة في التعامل مع غير الناطقين باللغة العربة، فيما أثنى على جهود المملكة العربية السعودية المعتبرة عن طريق المدرسة في تدليل هذه الصعوبات ومنح الكثير من الفرص والاسهامات العملية التي تجعل اللغة العربية وسيلة تتواصل وتنتشر أكثر وأكثر، في ظل الصراع القائم في الجزائر بين ثنائية الفرنسية والعربية الذي يعد من ترسبات الاستعمار الفرنسي الذي لا تزال تداعياته متواصلة.
ومن خلال كلمة الأستاذ عبد القادر تومي وهو أستاذ فلسفة بجامعة الجزائر أشار الى أن تعليم اللغة العربية هو بناء، يجب أن نراعي من خلاله الحفاظ على هذا البناء من الانهيار، فالقضية هنا ليست قضية لغة بقدر ما هي قضية تقدم، ومدى استعمال الانسان لهذه اللغة للتقدم والارتقاء بها، كما نوه بالعراقيل التي تأتينا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي لسلخ اللغة العربية عن وجدانها، لذا فالأهم هو كيف أننا نرتقي ونوظف هذه اللغة، كما أشاد بدوره لجهود المملكة العربية في هذا المجال.
وفي نهاية الندوة تم تكريم الأستاذ عبدالرحمان الغبيشي من طرف الملحق الثقافي بالسفارة السعودية الأستاذ ناصر البقمي.

للإشارة، تنظم المدرسة ملتقيات احتفاء باليوم العالمي للغة العربية بالتعاون مع الملحقية الثقافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *