في ذكرى المولد النبوي الشريف  هذه السنة لا نتكلم عن أن المفرقعات بدعة في الدين  وتبذير لأموال المسلمين  وأذى للمرضى وللناس أجمعين،ولا نتكلم عن الفرح المذموم بالمولد وأنه لا يبرر ارتكاب المحرمات ولا الإخلال بالواجبات ولا التسبب في أذى أحد من الناس بالمفرقعات، وإنما نتكلم عن المعنى العميق حيث أنّ الجزائرين  إذا أهلّ هلال ربيع
الأوّل، أجمعوا أمرهم، وأخذواأهبتهم، استعدادا لاستقبال يوم عظيم  بل شهر عظيم وللاحتفال بموسم كريم ، فإحياء ذكرى المولد النّبوي إحياء لمعاني النّبوة، وتذكير بكلّ ما جاء به محمّد صلى الله عليه وسلم  من هدى، وما كان عليه من كمالات نفسية، فعلى المتكلمين في هذه الذكرى أنْ يذكّروا المسلمين بما كان عليه نبيّهم من خلق عظيم، وبما كان لدينهم من استعلاء
بتلك الأخلاق لان ميلاده ملاد رسالة ، لأن ميلاده ميلاد أمة ومن ثم لابد أن نغرس في جموع المحتفلين بالمولد النّبوي الشّريف معانيَ ساميةً، وأفكارَ راقيةً عن منزلة نبوة محمّدٍ صلى الله عليه وسلم ، ومكانته في قلوب المؤمنين، ووجوب الاقتداء به، وجعله نبراسًا يهتدى به، وشكر الله على أن بعثه فينا وجعلنا من أمّته.
وهذه السنة جاءتنا في ظرف خاص وجاءتنا هذه المناسبة مقرونة  بذكرى وطنية لها وقع كبير في نفوس الجزائريين  ألا وهي  مناسبة 01نوفمبر ذكرى إندلاع الثورة المباركة فالنحيى المناسبتين بما تستحق :
الأولى بالتعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم ومناقبه  والإقتداء به والإهتداء بهديه  صلى الله عليه وسلم والثانية بالتعريف مناسبة
الثانية 01 نوفمبر ذكرى إندلاع الثورة المباركة  حتى لا ننسى …والترحم على الشهداء وحمل أماناتهم ….وشكر الله على نعمة الإستقلال.
مناسبة إفتتاح جامع الجزائر  صرح ومعلم ثقافي حضاري وعنوان استقلاللاالجزائر  وتثبية هويتها وتحديد مرجعيتها ….وذلك يوم 01 نوفمبر وما يرمز إليه من  معاني  وأبعاد ثقافية واجتماعية ودينية.
هذه السنة تقتصر مظاهر الإحتفال بخير المصطفى صلى الله عليه وسلم على التذكير بمناقب المصطفى وسنته في الممحافظة على النفس البشرية ، والدعوة إلى الوقاية من الآفات المهلك  ونشر ذلك  في وسائل التواصل الإجتماعي وإحياء المولد النبوي الشريف بالمسابقات القرآنية  والأحاديث النبوية الشريفة وستكون رمزية في قلوبنا ثم على مستوى أسرنا ،
فاحتفالنا بالمولد النبوي الشريف يعني الحفاظ على أرواحنا ، واحتفالنا يعني التغلب على جائحة كورونا ….
ونحن في زمن احوج ما نكون فيه لأن نستغل المناسبات الإسلامية الصغيرة والكبيرة في التعريف بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ليكون قدوة لشباب في تعاونهم
هذه المناسبة المباركة تتخذ كنطقة وقود للتزود بالإيمان ولجذب كل شاب
مسلم تائه وعاصي وغافل ، إن  ذكرى المولد النبوي الشريف هي وقفة مع النبي صلى الله عليه وسلم نتذكر سيرته وأعماله وصفاته  فهو رحمة للبشرية جمعاء تذكير الأمّة في هذه الذكرى: بوجوب الإيمان بنبوّة محمّد صلى الله عليه وسلم  والعمل على الدّعوة لها.
والعمل بهديه وسنّته، وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه.
وايقاظ المشاعر في قلوب النّاس عامّة والأجيال الصّاعدة خاصة  بمحبّته وتعظيم شأنه ، وتوقيره ولزوم الأدب معه,والصّلاة عليه وتذاكر سيرته وتمثلها في حركاتنا وسكناتنا، والتّخلق بأخلاقه وشمائله.
قال المولى عز وجل :فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُوَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ الأعراف: 157 كما أنه ، لا توجد مناسبة تذكر الأمّة بنبيّها أعظم من ذكرى المولد
النّبوي الشّريف، فيجب اغتنامها والإكثار من النّدوات والمحاضرات والدّروس  التي تُعْنى بالذكرى
وهنا نذكر بما قاله الشّيخ عبد الرّحمن الجيلالي -رحمة الله عليه- :” قامت فكرة إحياء ذكرى تعظيم ليلة ميلاده عليه الصلاة والسلام في العالم الإسلامي، لا على أنّها شعيرة دينية ولا أنّها دين يتبع ولا على أنّها مطلوبة من المستحبات أو من المندوبات فيما اصطلح عليه الفقهاء ولا على أنّها عقيدة من عقائد الإسلام الأساسية، ولا نقول: إنّها عبادة يرجى ثوابها ولا هو عمل تعبدي تعبدنا الله بتكراره كلا.. وإنّما الأعمال بالنّيات وإنّما الأمر فيها يرتكز على أنّها مجرد رمز وتعبير عاطفي عن محبته وعن تقدير مقام النّبوة ومجرد إعلان شعور باطني بإظهار وإشهار فرحة المسلمين بذكرى المولد .
فتذكيرنا له بمناسبة مولده صلى الله عليه وسلم تذكير برحمته قال الله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ يونس: 58، وأيّ فضل أعظم
من نبيّ الرّحمة محمد صلى الله، وأيّ رحمة أكمل منه. لابد أن نغرس في الناس في ذكرى المولد النّبوي الشّريف معانيَ ساميةً، وأفكارَ راقيةً عن منزلة نبوة محمّدٍ صلى الله عليه وسلم ، ومكانته فيقلوب المؤمنين، ووجوب الاقتداء به، وجعله نبراسًا يهتدى به، وشكر الله على أن بعثه فينا وجعلنا من أمّته صلى الله عليه وسلم

بقلم الاستاذ/ قسول جلول

باحث وإمام مسجد القدس حيدرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *