تم مؤخرا تداول فتوى تتعلق وجوب اخراج زكاة الفطر قوتا وليس نقدا ،وهو ما فنده امام مسجد القدس بحيدرة جلول قسول في حواره مع الصباح الجديد.

وفي هذا الصدد ، أكد قسول أن اخراج زكاة الفطر قوتا (التمر او الشعير او القمح ) لا يسد الا بابا واحدا وهو الجوع لان ضرورات وحاجيات الحياة ومتطلباتها كثيرة ومتنوعة : ( الأكل – الشرب – اللباس – المسكن – العلاج والأدوية – فاتورة الغاز والكهرباء …إلى آخره ) ،وإذا كان الفقير يحتاج الى نقود للعلاج أو تسديد فاتورة كهرباء وانت تعطيه كيسا من السميد ؟ فماذا يفعل به ؟ هل سيبيعه ؟

من جهة أخرى، قال قسول أن المقصد الذي شرعت من اجله زكاة الفطر هي إغناء الفقير في العيد وفي هذه الحالة لا يتحقق الإغناء لأن القوت لا يسد جميع الأبواب ،و ينبغي ان ينظر إلى هذه المسألة نظرة مقاصدية التي تحقق الحكمة من زكاة الفطر كما أنه في الجزائر عدد الأفراد التي تجب عليهم زكاة الفطر تفوق 40مليون أي كل من يملك قوت يومه حتى الفقير يشارك في هذه الحملة التضامنية لإظهار الفرح والمشاركة في الفرحة الكبرى يوم العيد ،عن ابن عمر رضي الله عنه قال :فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من الشعير على كل حر أو عبد ذكر أو انثى من المسلمين ” رواه الجماعة .
1صاع = 4 أمداد = خمسة أرطال وثلث = 2156غ قمح (غالب قوت أهل البلد )
وهو ما يعادل 120دج هذا العام .
عن أبي سعيد الخدري قا ل : ” كنا نخرج زكاة الفطر إذا كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام او صاعا من تمر أو صاعا من شعير او صاعا من زبيب او صاعا من أقط فلم نزل كذلك حتى قدم علينا معاوية المدينة . فقال ” إني لأرى مدين من سمراء الشام يعدل صاعا من التمر فاخذ الناس بذلك ” رواه الجماعة وفي روايات أخرى :
قال أبو سعيد : ” فلا أزال أخرجه كما كنت اخرجه ” انتهى .
من هذين الحديثين نجد أن مقدا ر زكاة الفطر هو صاع من الأصناف التالية : التمر – الشعير – الزبيب – الأقط : وهو اللبن المجفف الذي لم ينزع زبده . والسؤال الذي يطرح : هل هذه الأصناف تعبدية …بمعنى لا يجوز إخراج زكاة
إلا من هذه الأصناف الأربعة.. ؟ أم لا.. وأن الأمر واسع قابل للإجتهاد ..؟
قال المالكية والشافعية : هذه الأصناف ليست تعبدية ولا مقصودة لذاتها.

ويضيف المتحدث ذاته،لهذا كان الواجب على المسلم ان يخرج فطرته من غالب قوت البلد وفي قول من غالب قوت الشخص نقسه . لذالك قيل ” الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص” ولكن المالكية اشترطوا ان يكون هذا القوت من الأصناف التسعة التالية : الشعير-التمر- الزبيب- القمح- الذرة – السلت- الأرز- الدخن- الأقط ” وانظر رحمك الله في حديث أبي سعيد الخدري : قال معاوية ” إني لأرى مدين من سمراء الشام يعدل صاعا من التمر فأخذ الناس بذلك ” معنى هذا ان صدقة الفطر في عهد معاوية صارت مدين من القمح وأخذ الناس بهذا حسب رواية أبي سعيد الخدري .
والنتيجة التي نصل إليها أن الأصناف التي تخرج منها زكاة الفطر والتي ذكرتها الأحاديث ليست مقصودة لذاتها بل الأمر فيه توسعة ومجال الاجتهاد في هذا الباب ما زال مفتوحا ؟
ولكن السؤال الذي يطرح لماذا كان الناس لا يؤدون زكاتهم بالدينار(الذهب) أو بالدرهم الفضة) …؟ . والجواب أن ذلك يرجع إلى ثلاث أسباب :
1-ندرة النقود في ذلك الوقت فلم يكن للمسلمين نقود خاصة بهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ولم يتحقق لهم ذلك إلا في العصر الأموي على يد عبد الملك بن مروان حيث أصبح لهم الدينار الإسلامي الخاص بهم أما من قبل فقد كان لهم الدينار الذي يأتيهم من الروم وكان لهم الدرهم الذي يأتيهم من الفرس .
2- أغلب المعاملات التي كانت تتم بين المسلمين في ذلك الوقت كانت تتم عن طريق المبادلة وليس عن طريق البيع تأمل في قول معاوية ” إني لأرى مدين من سمراء الشام (القمح) يعدل صاعا من التمر ”
3- لقد ذكرت هذه الروايات أن زكاة الفطر تخرج من هذه الأصناف (الشعيروالزبيب والأقط والتمر) لأنها كانت طعام المسلمين وهي المادة المتداولة بينهم فلم يكونوا بحاجة إلى التعامل بالدينار والدرهم .قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه :” وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر ” .
إن إجتهاد معاوية رضي الله عنه هو الأساس الذي ننطلق منه في مشروعية إخراج القيمة لزكاة الفطر بدليل ان الحديث يذكر ” فاخذ الناس بذلك ..”
بمعنى ان الصحابة رضوان الله عليهم لم ينكروا على معاوية صنيعه ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .
فالقول بان إخراج القيمة بدعة وهي خلاف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم لا أساس له من الصحة
و بخصوص تحريم اخراج زكاة الفطر نقدا ،قال الامام ذاته أن غلمان اليوم  يقولون بالتحريم أو بالبدعة دون علم أو تثبت قال النبي صلى الله عليه وسلم ” إن الله يبعث لهذه الامة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها ” ولقد اتفق العلماء على أن الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز رحمه الله هو مجدد المائة سنة الأولى . وكان مذهبه جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر . وعن الحسن (البصري) رحمه الله قال : ” لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر ”
وعن أبي إسحاق قال : ” أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام ”
وعن عطاء : “انه كان يعطي في صدقة الفطر ورقا ” يقصد دراهم فضية .
هل هؤلاء الخيرة من التابعين و تابعي التابعين يخالفون سنة النبي صلى الله عليه وسلم حين أخذوا بجواز أخذ القيمة في زكاة الفطر ؟ وهل نحن أعلم بالسنة وأحرص عليها من الإمام الحسن وعمر بن عبد العزيز وغيرهما رحمهم الله . واين هذا الاجماع والإتفاق الذي يدعيه البعض في زحمة هذا الخلاف كله ؟يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” أغنوهم – يعني المساكين – في هذا اليوم ” .هذا هو الأيسر في عصرنا وخاصة في المناطق الصناعية التي لا يتعامل الناس فيها إلا بالنقود .
واختتم قسول قوله بأنه عندما نميل نحن إلى هذا الرأي فليس معنى هذا ان المذهب القائل بإ خراج الزكاة قوتا نهمله ولا نعمل به مطلقا .بل توجد هناك حالات استثنائية خاصة منها  إذا كنا في زمن الشدة والأزمات فدفع العين أفضل ( مثلما حدث في الجزائر أيام الإستعمار الفرنسي يوجد النقود ولا يوجد الطعام وأما إذا كنا في زمن السعة والرخاء فدفع القيمة أفضل كما هو الحال في أيامنا هذه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *