وقف هيكل والي مع العشرات من زملائه الموظفين في شركة  فوسفات قفصية و المجتمع الكيميائي في مظاهرة احتجاجية وسط العاصمة التونسية بسبب  تواصل تعطيل إنتاج الفوسفات من قبل عاطلين عن العمل منذ أكثر من شهر، بينما لا تزال جهود الحكومة واتحاد الشغل أكبر منظمة نقابية تراوح مكانها في الوصول إلى حل لمعالجة الأزمة.

ومما زاد من غضب المحتجين تطاول معضلة الفوسفات لسنوات، بعد تواتر عمليات تعطيل في منطقة الحوض المنجمي بالجنوب الغني بهذا المنتج والمحروم من التنمية. لكن الجديد هو تحول تونس من أكبر مصدّر عالمي إلى مستورد، حيث بلغ إنتاج الفوسفات عام 2010 قرابة 8.5 ملايين طن، وكانت عائدات الصادرات منه تدر أرباحا طائلة على الدولة وتغذي مخزونها من العملة الصعبة. لكن توقف الإنتاج كليا بعد غلق جميع مغاسل هذا المنتج ومنع عبوره إلى مصانع المجمع الكيميائي بقفصة وصفاقس وقابس جنوب.

ومن جانبه، قال هيكل والي في تصريح له ان  الحكومة لم تقدم أي حلول بديلة لتنمية محافظة قفصة وأضاف رئيس مصلحة قسم المشتريات بالمجمع الكيميائي -أول زبون وطني لشركة الفوسفات- إن إنتاجه بلغ في أحسن حالاته بعد الثورة أقل من ثلاثة ملايين طن جراء احتجاجات العاطلين عن العمل بمحافظة قفصة، في ظل غياب أي حلول تنموية بديلة تقدمها الحكومة لهؤلاء،كما برر اعتصامه مع زملائه الغاضبين بخوفه من إفلاس شركة فوسفات قفصة وتسريح عمالها نتيجة غياب الحلول من قبل الحكومة التي زادت قراراتها في تعميق الأزمة والغموض بشأن مصير شركة الفوسفات المنهكة ماليا بتوظيف العمال.

ومن جهة آخرى، اتفقت الحكومة التونسية مع الاتحاد العام التونسي للشغل على جملة من الإجراءات لإعادة نشاط الفوسفات فورا، تتضمن إلغاء الاعتصامات المعطلة للإنتاج مقابل تعهد الحكومة بتوظيف نحو سبعة آلاف عاطل عن العمل في شركة فوسفات قفصة وشركات البيئة ومؤسسات حكومية،لكن يقول هيكل والي إن الحكومة لم تقدم أية حلول بديلة لخلق مشاريع تنمية في محافظة قفصة، ما عدا إثقال كاهل شركة الفوسفات بالعمال. وفي عام 2010 كانت شركة الفوسفات والمجمع الكيميائي يوظفان عشرة آلاف عامل، أما اليوم فيتجاوز عدد العمال 30 ألفا، كما حذر عز الدين السعيدان من وضع صعب للاقتصاد التونسي في ظل تعطل إنتاج الفوسفات وهذا الكلام يتفق معه المدير العام لشركة الفوسفات رمضان السويد الذي يؤكد أنها في إطار تفهمها للاحتجاجات قامت بكل ما في وسعها لتشغيل العاطلين عن العمل، لكنه يؤكد أن طاقة استيعاب الشركة محدود أمام ارتفاع عدد هؤلاء في محافظة قفصة التي تتصدر قائمة البطالة في البلاد.

وفي موضوع متصل،يقول السويد إن المفاوضات الحكومية والنقابية مع المحتجين في منطقة الحوض المنجمي مستمرة لتقريب وجهات النظر وإعادة الإنتاج بأسرع وقت ممكن، في وقت لم يستبعد فيه إمكانية توريد الفوسفات من الخارج من أجل تأمين بعض العقود مع زبائن أوروبيين وتوفير الأسمدة الفلاحية وبشأن الإجراءات الحكومية بتوظيف سبعة آلاف عاطل عن العمل في شركة فوسفات قفصة، يقول السويد إنه ليس سهلا على الشركة المنهكة بارتفاع الوظائف والأجور أن توفر ذلك العدد من الوظائف، معتبرا أنه من الخطأ الاستعانة فقط بالشركة لحل أزمة البطالة.

من جهة أخرى ،يرى الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أن الإجراءات الحكومية الأخيرة تزيد من تدهور الوضع المالي لشركة فوسفات قفصة ولا تحل المشكلة، معتبرا أن هذه الحلول ترقيعية تمت تجربتها منذ عام 2011 بتوظيف آلاف العاطلين عن العمل، لكنها لم تحل مشكلة تعطيل الإنتاج،وبسبب استمرار سد المنافذ المؤدية إلى مناجم الفوسفات ومنع استخراجه، يقول سعيدان إن الدولة ستخسر 7بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الذي يساهم به الفوسفات، فضلا عن الانعكاسات السلبية الأخرى المرتبطة بتراجع قيمة الصادرات وتدني رصيد العملة الصعبة وانخفاض الدينار،ويتابع سعيدان أن الاقتصاد التونسي سيعيش وضعا صعبا للغاية في الفترات القادمة مع تعطيل إنتاج الفوسفات الذي كانت صادراته تدر أرباحا هامة، داعيا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة وأخرى هيكلية لإنقاذ الاقتصاد وإعادة عجلة الإنتاج لتجنب الإفراط في الاستدانة الخارجية 70بالمائة .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *