بقلم:عبد العزيز بوباكير

اتصل بي هاتفيا عز الدين قرفي صاحب دار النشر “الشهاب”، وقال لي:” الجنرال خالد نزار سينظم في مكتبتي، بباب الواد، ندوة صحفية لتقديم مذكراته، ويريد قبل لقاء الصحافيين أن يجلس معك ومع عبدو ب”. ولما سألت عز الدين عن الدافع والسبب لهذه الدعوة الكريمة الغريبة، أجابني: “هو يريد أن يتحدث إلى أقلام جادة ورزينة، فاختارك أنت وعبدو ب.” حمدت الله على هذه الشهادة من جنرال، وبعد تردّد وأخذ وردّ قبلت. إذن، أنا قلم جادّ ورزين!.

وصلت في الموعد بسيارتي المتهالكة، في نفس اللحظة التي وصل خالد نزار بسيارته المصفّحة. وما أن نزلت من سيارتي، حتى أحاط بي 15 من حرّاسه، صارخين في وجهي:” واش جيت تدير هنا؟” قلت لهم:” اسألوا الجنرال”، وأشرت إليه، وهو ينزل من سيارته. وبإشارة من يده أفهمهم أن دعوه. وكان خالد نزار قد تعرّض قبل أيام إلى محاولة اغتيال في أعالي الأبيار.
جلسنا في الطابق الأول للمكتبة، أنا والمرحوم الصديق عبدو ب.، ولم يكن آنذاك مديرا للتليفزيون. وحاورنا الجنرال مدة نصف ساعة حول محتوى مذكراته، والوضع في البلد، ومحاولات التدخل في الشؤون الداخلية الخ… وكان سؤالي الأخير له: “هذا الشاب يُشبهك”، متظاهرا بالجهل، ردّ “هو ابني لطفي”، كان مسلّحا مثل الحرّاس الآخرين، وتذكرت اعتداءه بالضرب على الصحفي “صاص” في مطعم بالشراقة. ثم نزلنا للجلوس مع الصحافيين، وانطلقت الندوة الصحفية لخالد نزار في جو مكهرب وانهال عليه الصحافيون، متلهفين وبعضهم خائفين، بالأسئلة. تحدث الجنرال عن أشياء كثيرة. لكن النقطة التي ركز عليها هي مواقف آيت أحمد من الوضع في الداخل. وكان حسين آيت أحمد قد وصف وقف المسار الانتخابي بالانقلاب، ورفض اقتراح خالد نزار بتولي الرئاسة. فشنّ خالد نزار حملة شعواء على آيت أحمد، متهما أيّاه بالامتثال لأوامر الفرع الفرنسي للأممية العمالية SFIO
ومما قاله الجنرال في اللقاء:” نحن لا نصنع الرؤساء، ولا الملوك”، وكان يقصد المؤسسة العسكرية
JE NE SUIS NI FAISEUR DE PRESIDENTS NI DE ROIS
وكان جالسا إلى جانبي الصحفي القدير هابت حناشي، فقلت له:” يا هابت لا تطرح عليه أي سؤال، اقرأ له فقط من مذاكراته الصفحة 261 بعنوان فرعي “كيف عيّنت زروال” COMMENT J AI DESIGNE ZEROUAL
وقرأ هابت ما ورد في الصفحة، فبُهت الجنرال الذي لا يصنع الرؤساء، وابتسم هابت الذي لم يطرح السؤال. وفعلا هو الآن لا يصنع الرؤساء، هو فلاح في بوشاوي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *