إن  ماوقع من التدافع على شراء الأضحية يعكس مدى ضعف الوازع الديني في تعاملاتنا (شهداء الأضحية ) لماذا ترك بعض السلف الأضحية..؟” الأضحية شابها شيء من فساد النية وانحرفت عن مقصدها…لو نهتم بالاركان والفروض كما نهتم بالسنة لسعدنا في الدنيا والآخرة ومن هنا
يتبين لنا أن بعض الصحابة رضوان الله عليهم قد تركوا الأضحية كأبو بكر وعمر هو رضي الله عنهما وبلال وأبو أيوب الانصاري وابن عباس رضي الله عنهم .
وقد كانت لهم أسبابهم المتعددة والمتنوعة وفق اجتهاداتهم المبنية على أصول تركز على الواقع وعلى مقاصد شرعت من أجلها الأضحية .
من خلال استقرائنا لأقوالهم تبين لنا بعض الأسباب التي جعلتهم يتركون الأضجية وهي :
1- الرياء : قال الله تعالى : ” واعبدوا الله مخلصين له الدين ” وجاء في الأثر : ” الرياء شرك ” ولا شك أن الأضحية هي نوع من العبادة التي يجب أن تكون خالصة لوجه الله الكريم إلا ان هذه الشعيرة بعد ذهاب الرعيل الاول الذي تربى بين أحضان الرسول صلى الله عليه وسلم قد شابها شيئ من فساد النية فانحرفت عن مقاصدها الحسنة وهو ما يعبر عنه علماء المقاصد : المقصد الأخلاقي في فقه العبادات ..هذا الواقع جعل بعض الصحابة كأبي أيوب الأنصاري لا يضحي ..؟؟ عن عطاء بن يسار أخبره أن أبا أيوب الأنصاري أخبره قال : ” كنا نضحي بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته ثم تباهى الناس بعد فصارت مباهاة ” الموطأ ص 257.
وفي رواية : كنا نضحي عن النساء وأهلينا فلما تباهى الناس تركناها ” الموافقات ص 611.
2- التسوية بين الفرض والنفل : قال ابن حزم رحمه الله :
” الأضحية سنة حسنة وليست فرضا ومن تركها غير راغب عنها فلا حرج عليه في ذلك ” المحلى 1/354.
قال الإمام الشاطبي : “من مقاصد الشرع عدم التسوية بين المندوب والواجب ” الموافقات ص611.
وهذا هو السبب الذي جعل كل من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لا يضحيان خشية ان يعتقد الناس أن الأضحية صارت فرضا وليست سنة :
قال احد السلف :” إني لأترك أضحيتي وإني لمن أيسركم مخافة ان يظن الجيران انها واجبة ” نفس المرجع والصفحة .قال عكرمة تلميذ ابن عباس رضي الله عنه : بعثني ابن عباس بدرهمين أشتري بهما لحما وقال لي :
من لقيت فقل : هذه أضحية ابن عباس ..؟؟ والمغني المقاصدي من عمل هذا الصحابي ما يلي :
ا-ان الأضحية ليست في منزلة الفرض بل هي في منزلة السنة .
ب- ان يصحح للناس نياتهم في شراء الأضحية كأن يشتري أحدهم الغالية السمينة ليباهي به الناس وهو نفس الغرض الذي قام به بلال رضي الله عنه حين ضحى بالديك ..
3- الصدقة أفضل من الأضحية : روي عن بلال رضي الله عنه أنه قال :
ما كنت أبالي لو ضحيت بديك .. وقال : لأن آخذ ثمن الأضحية فأتصدق به على مسكين مقتر فهو أحب إلي من أن أضحي ” المحلى ج7ص385.
الخاتمة : عندما كنا في أيام الوباء وزمن الكرونا اخترنا رأي بلال رضي الله عنه وهو أن الصدقة أفضل من الأضحية خاصة وأن الناس كانت حبيسة البيوت ويصعب عليهم التنقل خوفا من العدوى .
أما في هذه السنة وبسبب غلاء الأسعار وحتى نفوت الفرصة على بعض المرتزقة وللاحداث الأخيرة التي راح ضحيتها شخصان على خلفية التدافع من اجل شراء الأضحية فاننا نميل إلى رأي ابن عباس رضي الله عنه :
أنا شخصيا سأذهب إلى السوق وأشتري لحما حسبما تيسر لي وستكون هي أضحيتي باءذن الله …

بقلم الاستاذ جلول قسول
باحث وإمام مسجد القدس حيدرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *