تم اختيار أدرار منذ الثمانينيات كقاعدة تجريبية في مجال استعمال الطاقات المتجددة بداية بالشمسية إذ ذاك وكان المشروع تحت إدارة الحاج سليمان الشريف أحد أبناء غرداية البررة والكفاءات العلمية الوطنية وإلى جانبه لفيف من الإطارات من مختلف الجهات، وقد اختار منطقة ملوكة عندنا للانطلاق في هذه التجربة. كما اختار أيضا غرداية كميدان فسيح وقاعدة لهذه التجربة فالصحراء الجزائرية كلها شمس. وتراوحت التجربة بين الأقدام والاحجام وتم إنشاء هيئة وطنية للأبحاث والتجارب واختيرت أدرار مقرا لها وهي يواصل نشاطاته تحت إدارة البروفسور حمودة.
منذ أيام تم تعيين المدير العام للطاقات المتجددة ومقرها غرداية رئيسا مديرا عاما لمجمع سونلغاز، وتزامن هذا مع إنشاء هيئة وطنية للطاقات المتجددة ونقاش على مستوى النخبة وعبر شبكة التواصل الاجتماعي حول مشروع الديزيرتيك مع الألمان الذين كانوا يحلمون باستثمار ضخم في هذا المجال بإمكانه مد أوروبا كلها بما تحتاجه من طاقة ويقال أن الماكنة الفرنسية وقفت في وجهه، بينما لاح استثمار مماثل في المغرب شرع في تنفيذه.
حين كان الدكتور حميد بصالح على رأس وزارة البريد، قصدته في مكتبه وأنا أحمل إليه جملة من الانشغالات المتعلقة بقاطعه، وأنا أحدثه عن المنطقة فاجئني بقوله إني أعرف أدرار جيدا حرارتها شكلت ميدان بحث خاص لي، لقد عملت مع الحاج سليمان الشريف على البحث في الطاقة الشمسية هناك، وزرت أولف، وأعلمك أن الألمان قاموا بدراسة في عام 1941 حول الطاقات البديلة وتوصلوا إلى تحديد ثلاثة مناطق في العالم أمريكا والسعودية والجزائر وتحديدا أدرار (أولف، رقان، عين صالح) وحين زرت مركز البحث في فرانكفورت 1996 وجدت في مكتب مديرها خريطة تحدد مسار خط من أدرار إلى فرانكفورت.
كان الوزير يواصل الشرح وأنا استمع إليه كتلميذ لكنني لم أستطع أن اخفي ما كان يجول في خاطري، فقلت له سيدي الوزير إنك في المكان الخطأ، ليتك بقيت في الجامعة، ابتسم ابتسامة خافتة، وعدت به إلى قطاعه فقلت له هل يمكنني أن أعرف سبب انقطاع التعامل العمومي موبيليس وبقاء جيزي يشتغل بدون مشاكل، أجابني قبل أن أكون وزيرا كنت عضوا في مجلس إدارة اتصالات الجزائر، وكنت أقول لهم أنكم تقومون بالسينما ذلك لان السبب فيما سألت عنه هو التجهيزات فقط، نحن حفرنا على طول البلاد ودفنا الملابير وبسبب أو أخر يتم قطع الكابل فيتوقف كل شيء بينما هم كانوا مرتبطين بالساتل.
خرجت من عنده وقد أدركت أنني كنت جالسا لعالم أكثر من وزير سياسي، حتى التقيت أحد الإطارات السامية من ذات الوزارة بعد أن غادرها بصالح، وأبلغني أنهم تلقوا من هيئة دولية ردا على مشروعه لاقامة الحكومية الإلكترونية تعترف فيه بأنها أول مرة تتلقى رؤية بهذا المستوى من إفريقيا، مقابل تلقيه تحفظات من المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، وقد رد عليهم بما يوحي بأنهم لم يدرسوا الموضوع دراسة جادة.
اختفى بصالح، ولكن المشروع الحلم الذي استغل عليه منذ الثمانينات وهو استغلال الطاقات المتجددة يطرح نفسه بقوة اقتصاديا وسياسيا وماما لا شك في أن في هذه البلاد الألاف من الشباب من ذوي الكفاءات العليا والتي بإمكانها أن تنهض بهذه البلاد وخاصة في مجال هذه الطاقة المتجددة، فمحطة الطاقة الشمسية في أدرار وحدها مكنت سونلغاز من ربح مليار سنتم يوميا. فكم ستربح البلاد حين يرى المشروع الجزائري الألماني النور.

عبد القادر بكراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *