بقلم محمد الصالح حرزالله

 

التجربة التي تخوضها مصالح االجمارك هذه الأيام . في حربها ضد الفساد بين أعوانها , هي تحربة رائدة إذ وضعت إستراتيجية محكمة تمثلت في تشديد إجراءات المراقبة من ظاهرة تهريب الأسلحة والمخذرات والمواشي والبنزين والمواد الغذائية المختلفة ؟ وعززت إمكاناتها بإنشاء مراكز حدوجية جديدة , وإقتناء الطائرات مروحية لتسهيل عملية المراقبة , وقد مكنت هذه العملية من إحالة أكثر من  مائة جمركي على العدالة بتهمة الرشوة والفساد , وإحباط العديد من عمليات التهريب عبر الموانئ والحدود .

إن هذه هذه العملية على أهميتها تبقي منقوصة , إذا أو بقيت  مرحلية أو تقتصر على جهاز معين , بل ينبغي أن تطال جميع الأجهزة والإدارات والأشخاص , للأن الفساد  ظاهرة عامة , لا تستثني مؤسسة معينة , أو جهازا معينا

صحيح أن جهاز الجمارك , جهاز حساس , يضطلع بمهمة نبيلة , تتمثل أساسا في حماية الإقتصاد الوطني , ولكنه ليس الجهاز الوحيد المريض بظاهرة الرشوة والفساد , وليس الجهاز الوحيد المعني بعملية مكافحتهما , لذلك ينبغي القضاء على هذا الداء الذي ينخر الإقتصاد الوطني , توفير جملة من الشروط والأليات والادوات والبرامج .

وأهم  هذه الشروط , ألاتكون سياسة محاربة هذه الظاهرة , مرحلية بل سياسة دائمة , ووفق إستراتيجية دقيقة ودائمة . تشترك فيها جميع الأجهزة المعنية بذلك , إضافة الى تفعيل مختلف القوانين المعدة لذلك , كقانون مكافحة الرشوة والفساد بل والمفسدين .

وكذلك تفعيل مختلف الأجهزة والمؤسسات التى لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة , بمكافحة الظاهرة , كالمرصد الوطني لمكافحة الرشوة والفساد , ومصالح المالية والتجارة , ومصالح الشرطة وغيرها من الهيئات والمنظمات .

ولا ننسي أيضا تفعيل أجهزة الرقابة وتمكينها من الأدوات اللازمة , وتحفيزها وحمايتها من التعسف والتدخلات , وذلك بالحرص على تطبيق القانون , تطبيقا عادلا يطال كل مخالف دون إستثناء .

وهذا لا يتأتي إلا بإصلاح عميق في جهاز العدالة بحيث بكون جهازا مستقلا إستقلالا تاما .

والسؤال المطروح  هل ستنخرط مختلف المؤسسات والهيئات المعنية بمكافحة الرشوة والفساد , إلى مبادرة مصالح الجمارك أم ستضل الحملة المعلنة من طرف الجمارك مجرد حملة ظرفية رمضانية

 

ملاحظة:

نشر هذا المقال بتاريخ 15 اوت 2011 بمجلة الإقتصادي

One thought on “الحرب على الفساد”

  1. بوركت أستاذ ..كانت مقالاتك تنبه الرأي والمعنيين بالامورالحساسة في جميع المجالات …ولكن الفساد غلب على النفوس فلم تعد تصغي للعبر تحياتى لك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *