قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:في حديث أسامة -رضي الله عنه- عند الترمذي “مَن صُنِع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرا؛ فقد أبلغ في الثناء”.

وأحسن ما يُدعى به للإنسان أن يقال له: “جزاك الله خيرا”؛ ولذا، صفة إيجابية  كانت في المجتمع اتصف بها العلماء والمصلحون تكلموا عنها في شهاداتهم ويعترفون لأهل الفضل عن هذه البلاد ويذكرونهم بحسنات أعمالهم كالمجاهدين  والعلماء ورجال السياسة …ولكن اختفت هذه الصفة وأصبح بديل عنها كل نقد وكل اتهام .

لا أدري هل اختفى الخير من  كل الناس ؟أم لا يزال الخير وإرادة الخير في البلاد علينا بالتعاون لإبراز هذه الفضيلة ،حيث امتدح الله عز -عز وجل- من يعترف بذلك، ويثني على فاعل الخير بالخير، قال الطبري -رحمه الله- في تفسير قوله -تعالى-: (وَلاَ تَنسَوُاْ

الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) [البقرة:237]، قال -رحمه الله-: “ولا تغفلوا –أيها الناس- الأخذ بالفضل بعضكم على بعض فتتركوه”. ولما لهذه الصفة وهي نسبة الفضل لأهل الفضل، لما فيها من الواقع الإيجابي والأثر الطيب على المجتمع؛ لأن طبيعة ابن آدم أنه ينشط إذا فَعل الفضل فأثني عليه بذلك، لما لهذة الصفة من المزية العظمى في المجتمع حتى ينشط أهل الخير في بذل الخير، أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يُشكر صاحب الفضل؛ لأن من يشكر صاحب الفضل إنما يشكر في الحقيقة ربه -عز وجل-،لم؟ لأن الله -عز وجل- هو الذي أجرى هذا الفضل على هذا المخلوق، ولذا قال -صلى الله عليه وسلم-، كما عند أبي داود والترمذي من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-: “مَن لم يشكر الناس لم يشكر الله -عز وجل-“.

ونحن في هذا المقام نشكر الرئيس عبد المجيد تبون  وشفاه الله تعالى على ما قدَّم وعلى ما بذل لهذه البلد ، فنسأل الله -عز وجل- أن يوفقه وأن يسدده خطاه وأن يعينه فعل الخير ، فقد أظهر -وفقه الله- مكانة العلماء، وبيَّن منزلة  العلماء، ودعم جميع مؤسسات الدولة ، فنسأل الله -عز وجل- أن يسدده وأن يعينه على ما فيه صلاح البلاد والعباد،  وهذا من فضل الله -عز وجل- على هذه البلاد،  (ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ )يوسف:38، (هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ) النمل:40

وهذا يؤكد ويقرر ما ذكرناه مسبقا من أن الاجتماع ووحدة الصف فيها الخير كله، فيها الأمن، فيها الرخاء، فيها السعادة؛ وتلك المواقف الطيبة من فخامة رئيس الجمهورية تدل على هوية هذه البلاد ومواقفه من قضايا الساعة ( قضية  فلسطين ـ قضية الصحراء الغربية ـ ، وتلك المواقف الطيبة النيرة كانت بمثابة الصفعة لأعداء هذه الدولة، ولاسيما الكائدين والحاسدين التي تبث سمومها في المجتمعات العربية ، فنسأل الله

-عز وجل- المزيد من فضله.

فنسبة الفضل لأهل الفضل جاءت بها الشريعة، النبي -صلى الله عليه وسلم ما ترك وما أغفل شيئا؛ ولذا، يقول أبو ذر -رضي الله عنه- كما في المسند: “ما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما”، فنسبة الفضل لم يدعها رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، ماذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-في الأشعريين

قال: “إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو”، يعني: ليس عندهم طعام في الغزو، “أو قلَّ طعام عيالهم في المدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد فاقتسموه، فهم مني وأنا منهم”.

خديجة -رضي الله عنها-، ماذا صنعت وماذا قدمت للنبي -صلى الله عليه وسلم-؟ ولكن -صلى الله عليه وسلم- ما تركها ولا نسي حقها وفضلها من الثناء ومن المواقف الطيبة، في الصحيحين، من حديث عائشة -رضي الله عنها- “أن هالة أخت خديجة استأذنت النبي -صلى الله عليه وسلم- فعرف استئذان هالة، فارتاح فقال: “اللهم هالة!”.

قالت عائشة: فغرتُ، فقلتُ له: “ما تذكر من امرأة عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين؟ -يعني: قد سقطت أسنانها من الكِبَر- قد أبدلك الله خيرا منها؟”، فماذا قال -صلى الله عليه وسلم- لعائشة، كما جاء في المسند؟ قال: “آمنَتْ بي إذ كفر بيَ الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها الأولاد إذ حرمني أولاد النساء ،وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكرها، وكان إذا ذبح الشاة قال: “اذهبوا بها إلى صديقات خديجة”، قالت: فغضبت، فقال -صلى الله عليه وسلم-: “إني رزقتُ حبها”.

هذه مواقف نبيلة شريفة منه -صلى الله عليه وسلم-، نسب فيها الفضل لأهل الفضل.

مواقف أبو بكر، عبد الله بن عثمان، الصديق، عتيق الله من النار، ما هي المواقف الطيبة التي صنعها مع النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ وما هو الموقف الأعظم الأشرف الأنبل منه -عليه الصلاة والسلام- لأبي بكر؟.كأنه يقول لنا من لم يشكر الناس لم يشكر الله …؟وهي مبثوثة في السيرة النبوية العطرة ،وأن يكافئ صاحب الفضل، لكن؛ إن لم يستطع؟ قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما عند أبي داود والنسائي: “مَن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا الله له حتى تروا أنكم قد كافأتموه”، يعني: إذا لم يستطع الإنسان أن يكافئ صاحب الفضل فليثن عليه، ويدعو له.

ولذلك؛ المهاجرون لما أتوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما عند أبي داود والترمذي، قالوا: يا رسول الله، إنا نزلنا على قوم ما رأينا قوما أبذل من كثير منهم ولا أحسن مواساة من قليل من هؤلاء، فخشينا أن يذهبوا بالأجر كله، كفونا المؤنة يا رسول الله وأشركونا في المهنأ، فقال –صلى الله عليه وسلم-: “لا”، يعني: ما ذهبوا بالأجر كله، “ما دعوتم الله لهم،

وأثنيتم عليهم”.

وأحسن ما يُدعى به للإنسان أن يقال له: “جزاك الله خيرا”؛ ولذا، في حديث أسامة -رضي الله عنه- عند الترمذي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَن صُنِع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرا؛ فقد أبلغ في الثناء”.

ونحن، نسأل الله -عز وجل- أن يجزي ة الرئيس  خير الجزاء على ما قدّم وعلى ما بذل، ونسأل الله -عز وجل- أن يشفيه ويعافيه ويسدد خطاه وأن يعينه هو وإخوانه ووزراءه على ما فيه صلاح البلاد والعباد.

بقلم الأستاذ /قسول جلول

باحث و إمام مسجد القدس بحيدرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *