من المعلوم شرعا ومن المعقول عقلا أن شهر رمضان هو مدرسة روحية وطهارة صحية ومزرعة للحسنات تربي الإنسان وتجعل الشهوات والرغبات في اليد والمثل حظوالمباديء غذاء للعقل والروح حتى يرقى الصائم بروحه إلى مصاف الملائكة غير أن بعض المظاهر تفقد الصيام رسالته وحكمته وروحه.
الإسراف والتبذير :” إن الإسراف والتبذير داء فتاك يهدد الأمم والمجتمعات، ويبدد الأموال والثروات، وهو سبب للعقوبات والبليات العاجلة والآجلة.
فقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحيون أن يتكلموا على الأكل في رمضان ولم يرد في سيرهم شيء من ذلك ؛ بالمقابل نحن حديثنا طوال اليوم والليل على الأكل وأنواعه وما نقوم بشرائه يزيد عن الحاجة ويدخل في خانة التبذير والإسراف المنهي عنه .
في الحقيقة رمضان هو شهر الإقتصاد والإقلال من الإنفاق شهر الجوع لنعرف قيمة نعم الله علينا شهر الصبر لنتحكم في أهوائنا؛ فالأصوب يقل الإنفاق في رمضان إلى النصف فإذا كان الإنسان ينفق في غير رمضان 50 ألف دينا ر ففي رمضان 2500 د ج ونحن الآن ننفق في رمضان ميزانية نصف السنة هل هذا هو الصيام …؟! أي أن صيامنا ولائم و أن الإسراف سبب للترف الذي ذمه الله تعالى وعابه وتوعد أهله في كتابه , إذ قال تعالى: بعدما وصفهم وهم يتقلبون في سموم وحميم قال:(إنهم كانوا قبل ذلك مترفين ) قال ابن كثير رحمه الله: (كانوا في الدار الدنيا منعمين مقبلين على لذات أنفسهم ) فإياكم يا عباد الله أن تكونوا من المترفين فرب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة. كما أن التبذير والإسراف سبب يؤدي بصاحبه إلى الكبر وطلب العلو في الأرض قال صلى الله عليه وسلم: (كلوا واشربوا ولا تسرفوا)
لا يقتصر الإسراف في رمضان على الأسر الميسورة الحال فقط، بل يشمل – وللأسف الشديد – غالبية الأسر من مختلف الطبقات والفئات غنيها وفقيرها – خصوصًا في العزومات والولائم الرمضانية التي يكون التفاخر بها هو سيد الموقف – كما امتد الإسراف أيضًا إلى الإفطار في بعض المساجد وذلك عندما لا يتم التنسيق مع إمام المسجد أو القائم على برنامج الإفطار، حيث يحضر كل شخص أفضل ما لديه من الأطعمة والتمر والعصائر، مما يفيض عن حاجة الذين يفطرون في المسجد، وقد يكون بعضها مما لا يسهل حمله أو نقله فيرمى ويُتلَف!
بقلم الاستاذ : قسول جلول باحث وإمام مسجد القدس حيدرة