إن الإنسان بناء الله على الارض، ملعون من هدمه.بشتى أنواع  الهدم سواء كانت كلمة تقال عبر الأثير أو فكرة تنموا بين أفراد  المجتمع للتفرقة وخلق العداوة والبغضاء ،وهنا يطرح التساؤل ألا يوجد في صحفنا وفي أخبارنا مساحة للفرح  مساحة  للأمل  مساحة للحياة.

المسلم يصاب بالحزن لكن لا يصاب باليأس
بعض الناس يفرحون عندما ينشرون  التيئيس والتقنيط ونشر الكآبة وفقدان الأمل بين الناس فعندما يتكلمون  عن الأسرة : فعن الزواج يقولون  ليس هناك نساء في
المستوى (مكاش بنات الفاميلة )وعلى لسان النساء (مكاش رجال)
وعن الإستثمار  وعن الصحة وهناك  من جعلوا رسالتهم  تسويد كل مايرونه من  المشاريع  المجتمعية غلقو  أبواب  الخير  وفتحوا أبواب الشر، فالشر ولو كان قليلا   يروجونه ،والخير ولو كان كثيرا يقللونه ’…ونشروا ثقافة الهدم.
أين الأمل والتفاؤل
هدم القيم يعني هدم الأمل وهدم الأمل يستلزم  هدم  الحياة إنما الأمم  الأخلاق ما بقيت فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا
إنما الأمم الأمل والتفاؤل مابقيت …فإن ذهبت أمالهم ذهبوا.
فبالأمل يَذوق الإنسان طعم السعادة، وبالتفاؤل يُحسُّ ببهجة
الحياة،والإنسان بطبعه يحبُّ البُشرَى وتطمئنُّ إليها نفسه، وتمنحه دافعًا قويًّا للعمل، بينما التَّنفير يُعزِّز مَشاعر الإحباط واليأس لديه، ويُصيبه بالعزوف عن القيام بدَوره في الحياة؛ ولذلك قال – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه أنس بن مالك – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم – قال: يسِّروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تُنفِّروا.
الأخلاق ليست تلك الكلمات الجزئية  في وصفها للآفات الاجتماعية  للظلم مظاهر الفحش والفسوق  والعصيان او الإيذاء وكل المصطلحات المرعبة الأخرى التي فقدت هيبتها بتكرارها إذ أن ما تمدنا به وسائل الإعلام العالمية والمحلية من صور ومصطلحات مرعبة تهز مشاعرالعباد  وتسري  في  عروقهم أمراض اليأس والقنوط ؛وتميت في نفوسهم الأمل  في الحياة .
حتى صرنا مدمنين لتلك المشاهد وتلك الأخبار والمصطلحات والبرامج والحصص والعناوين والصور المروعة و التساؤل : أين التفاؤل  في الحصص؟  أين
التفاؤل في الأخبار ؟تدخل  عليك ..الهلع والخوف ، والقلق .تنتج لنا شعبا آيس من رحمة الله,يعطيك كل صباح  التحاليل  والتعاليق ..
صار عندنا الخوف على الأبناء ؛فكرة  الإختطاف سكتوا  عنه فاختفى كأنهم دعاة إليه ؛ أي هناك ناس تخصصوا في نشر الخوف مرة  على أبنائنا ومرةعلى اقتصادنا  ومرة  على  التعليم ؛الخوف الشديد على الأبناء عندما يكبروا من المخدرات حينما  لا يصلون ..الخوف  من الإرهاب والتطرف  عندما  يكبرون يبشر بعضنا ببعض كل ما هو سيئ و بكل ما هو  محزن وبل ماهو مؤلم صور للرعب  ملأت  الجرائد صور لأسلحة بيضاء صور إنفجار قارورات  غازصور لحوادث مرور مروعة .
حتى من يكتبون ويتكلمون عن الدين وعن الإسلام  دائما يبدؤون  بالترهيب و يخفون  الترغيب ويخفون رحمة الله  فأكثر من 90 في المائة من المقالات والفتاوى  فيها  تشدد،  فيها تعصب،  فيها تخويف ، فيها ترعيب ..
نشأت بينهم أفكارا يعبدون الله  خوفا لا محبة  الهدم ليس فقط أن نقتل إنسانا فنحيله إلى جثة هامدة بل الهدم الأفظع أن نقتل كل شيء جميل وبريء وطاهر في داخل الإنسان  فيصبحون أمواتا أحياء تمضي بهم الأيام والسنون فلا خلاص ينجيهم ولا شفاء يخفف عنهم ،وغياب الأخلاق تشكل الأذى في كتابات في مقالات  في  حصص في  برامج  المهم
كلها  تهدف إلى هدم الإنسان وأحاسيسه ومبادئه والذي يصدم في كل مرة أن لدى كل واحد فينا ألف قصة وقصة تثير من الأسى ما لا يحصى ؛وإلى الله المشتكى …
إننا فعلا أمة تريد الموات واستهلاك كل ما هو  ميت أو  كل  ما يوميت رغم افتخارنا  بتراث الإباء والأجداد المشحون بقيم الكبرياء والمنعة..وقوة الإيمان.
ان خطورة الهدم البشري بشقيه الجماعي والفردي تكمن في طبيعتها فهي عملية تفاعلية تسلسلية متشعبة فأننا إذا مسخنا إنسان أو مجموعة من الناس فأننا نخلق وضعا يستنسخ نفسه مع مجاميع او أفراد آخرين وليست كعملية الهدم المادي التي تحيل البناء إلى ركام لا حراك فيه فهي عملية تجري باتجاه واحد، أننا بحاجة إلى أن نتكلم وان نناقش ونرفع الأغطية،بحاجة الى خلق إحساس بالآدمية الحية،يجب ان ننوع مصادرنا المعرفية والفكرية وتحيين مفاهيمنا الدينية ، وأن نمر بعملية شفاء طويلة وصعبة
وربما بحاجة إلى يوم واحد من أيام السنة المملة نخصصه لقدسية الإنسان نعلن فيه أن الإنسان بناء الله على الارض، ملعون من هدمه.
بشتى أنواع  الهدم سواء كانت كلمة تقال عبر الأثير أو فكرة تنموا بين أفراد  المجتمع للتفرقة وخلق العداوة والبغضاء ،
لقد جعل الله – تعالى – الحياةَ الدنيا كثيرةَ التقلُّب؛ لا تستقيم لأحد على حال، ولا تصفو لمخلوق مِن الكدَر، ففيها خير وشر، وصلاح وفساد، وسُرور وحزن، وأملٌ ويأس، ويأتي الأمل والتفاؤل كشُعاعَين يُضيئان دياجيرَ الظَّلام، ويَشقَّان دروب الحياة للأنام، ويَبعثان في النفس البشرية الجدَّ والمُثابرة، ويُلقِّنانها الجلَد والمُصابَرة، فإن الذي يُغري التاجرَ بالأسفار والمُخاطرة: أملُه في الأرباح، والذي يَبعث الطالبَ إلى الجدِّ والمُثابَرة: أمله في النجاح، والذي يُحفِّز الجنديَّ
إلى الاستِبسال في أرض المعركة: أملُه في النصر، والذي يُحبِّب إلى المريض الدواءَ المرَّ: أمله في الشِّفاء والطُّهْر، والذي يدعو المؤمن أن يخالف هَواه ويطيع مولاه: أمله في الفوز بجنَّته ورضاه، فهو يُلاقي شَدائدها بقلب مُطمئنٍّ، ووجه مُستبشِر، وثَغرٍ باسم، وأملٍ عريض، فإذا حارَب كان واثقًا بالنصر، وإذا أعسَر لم يَنقطِع أمله في تبدُّل العسر
إلى يسْر، وإذا اقترف ذنبًا لم ييئس من رحمة الله ومَغفرته؛ تعلُّقًا وأملاً بقول الله تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا
عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
يغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾الزمر:
53]، وما أجملَ الآياتِ الكريمةَ التي تتحدَّث عن الأمل! وتبثُّ روح التفاؤل بين المسلمين!
فانظر إلى أمنيات الأنبياء والمرسلين والتي صوَّرها القرآن الكريم؛ فهذا إبراهيم – عليه السلام – قد صار شيخًا كبيرًا ولم يُرزَق بعدُ بولد، فيدفعه حسْن ظنِّه بربه أن يدعوَه: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ الصافات: 100، فاستجاب له ربُّه ووهب له إسماعيلَ وإسحاق – عليهما السلام. ونبي الله يعقوب – عليه السلام – فقَد ابنَه يوسفَ – عليه السلام – ثم
أخاه، ولكنه لم يتسرَّب إلى قلبه اليأسُ، ولا سرَى في عروقه القنوطُ، بل أمَّل ورَجا وقال: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 83]،
وماأجمله من أمل تُعزِّزه الثقةُ بالله – سبحانه وتعالى – حين قال: ﴿ يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87
وأيوب – عليه السلام – ابتلاه ربه بذَهاب المال والولد والعافية، ثم ماذا؟ قال الله تعالى: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي
مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى
لِلْعَابِدِينَ﴾ الأنبياء: 83- 84.
والنبي – صلى الله عليه وسلم – من خلال أحاديثه الشريفة، ومَواقِفه العظيمة، وتوجيهاته الرائعة – يحثُّنا على التحلي بالأمل والتفاؤل؛ فلقد كان رسولنا – صلى الله عليه وسلم – يُعجبه الفأل؛ لأنه حسْن ظنٍّ بالله – سبحانه وتعالى – فقد أخرج البخاري ومسلم عن أنس – رضي الله عنه – أن نبي
الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((لا عدوى ولا طِيَرة، ويُعجِبني الفأل: الكلمة الحسنة، الكلمة الطيبة))، فبالأمل يَذوق الإنسان طعم السعادة، وبالتفاؤل يُحسُّ ببهجة الحياة،والإنسان بطبعه يحبُّ البُشرَىوتطمئنُّ إليها نفسه، وتمنحه دافعًا قويًّا للعمل، بينما التَّنفير يُعزِّز مَشاعر الإحباط واليأس لديه، ويُصيبه بالعزوف عن القيام بدَوره في الحياة؛ ولذلك قال – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه أنس بن مالك – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((يسِّرواولا تعسروا، وبشروا ولا تُنفِّروا.
ولقد عاب النبي – صلى الله عليه وسلم – على الذين يُنفِّرون الناس، ويَضعون الناس في موقع الدُّونيَّة والهزيمة النفسيَّة، فقال – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه -: ((إذا قال الرجل: هلك الناس، فهو أهلَكهم))، قال أبو إسحاق: لاأدرى “أهلكَهم” بالنَّصْب (الكاف)، أو “أهلكُهم” بالرفع؟ إذا أردنا أن
نُصلِح المُجتمَع، فإن علينا أن نعلَم أنَّ أيَّ واقع لن يخلو مِن ناصرَ إيجابيَّة وأخرى سلبيَّة، ومُهمَّة المُصلِح لا تبدأ من الصفر، بل هي تَنبيه الناس إلى الإيجابيات الموجودة بينهم وتقويتها، وتقليل السلبيات ومُحاصَرتها، أي أن نتقبَّل عنهم أحسن ما عَملوا ونتجاوَز عن سيئاتهم، والقرآن الكريم له منهج رائع، وهو أنه يَبدأ بذكر الإيجابيات ويؤخِّر ذِكرَ السلبيات، حتى وإن كانت الإيجابيات قليلةً والسلبيَّات هي
الغالِبة، قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل!!
إن أقصى نقطة استضعاف وهي أول نقطة تمكين، ولكن بشرط أن تكون الأمة قائمة بشريعة ربها عاملة بأمره بعيدة عن نهيه، لا تخشى سواه ولا تخاف غيره أكثر منه..
نعمة القرآن التي لم تقدرها الأمة حق قدرها، ولم تعرف لها مكانتها وأثرها، ولم تجعلها نبراسًا لمسيرتها ولا نورًا لدعوتها، ولا دليلاً تجلي به غشاوتها وحيرتها. القرآن كلام من؟ كلام الخالق العظيم الذي يعلم السر وأخفى، والذي يدبر الأمر من قبل ومن بعد،( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَالْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) الروم:الآية 4،.كلام من خلق الإنسان ويعلم ما يصلح له وما يصلحه، سبحانه وتعالى.

بقلم الأستاذ/قسول جلول
باحث وإمام  مسجد القدس  حيدرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *