يعتبر التكامل الاقتصادي إحدى أهم السبل للنهوض بإقتصاد الدول و تحقيق التنمية،وتعد مناطق التبادل الحر أولى الخطوات نحو تحقيق أي تكامل ،لهذا وقعت الجزائر رفقة 43 دولة أخرى على الاتفاق المتعلق بإقامة منطقة أفريقية للتبادل الحر، خلال أشغال القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي المنتظمة، نهاية شهر مارس الماضي في العاصمة الرواندية “كيغالي”.
هذا الإجراء تباينت بشأنه قراءات المحللين الاقتصاديين حول الإضافة التي يمكن أن يقدمها مستقبلا للإقتصاد الجزائري، في حال ما تجسد على أرض الواقع.
كما يعتبر تنافس القوى الكبرى على الاستثمار في افريقيا المهدد الاول لنجاح هذه الاتفاق.
و كانت الجزائر السباقة للتوقيع هذا الاتفاق خاصة في ظل بحث الحكومة الجزائرية عن مصادر لتنويع الاقتصاد .
عودة الاقتصاد الافريقي للتجارة الدولية
وخلال كلمة ألقاها في القمة، نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية، جددالوزير الأول الجزائري أحمد أويحي التزام الجزائر، بجميع المبادرات الرامية لبناء الوحدة الأفريقية.
واعتبر أويحيى أن هذا الإنجاز “سيدعم مكانة وثقل القارة في المفاوضات حول التجارة الدولية، التي لا تأخذ قواعدها بعين الاعتبار مصالح الأفارقة و حقوقهم”.
ولم يخف الوزير الأول بعض الصعوبات التي قد تواجه هذا التحدي، منها الوطنية والإقليمية، غير أنه يرى أن هذه الصعوبات لم تقلل من حماس الجزائر في أن تكون من الموقعين الأصليين على الاتفاق.
وتوقع أويحي أن يكون لهذه السوق، على المدى المتوسط ، انعكاسات ايجابية على اقتصاد بلده، الذي يشهد مرحلة تدعيم و تنويع واعدين.
وتشمل منطقة التبادل الحر السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا، ومجموعة شرق أفريقيا، ومجموعة تنمية الجنوب الأفريقي، والمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، فضلا عن منطقة الاتحاد المغاربي ومجموعة دول الساحل والصحراء.
سوق حر في مواجهة المنافسين
هذه الخطوة، وصفها أستاذ الاقتصاد بجامعة البيض عبد الرحمن مساهل ب”الايجابية”، بات يهدد تجسيدها بعض القوى الأجنبية، ممن ترى أن مصالحها قد تتأثر.
نجاح هذا الاتفاق متوقف، بحسب مساهل، على حكمة القادة الأفارقة، وعدم الإذعان للضغوط الخارجية التي ستعمل بحسبه على إجهاض المشروع في مهده.
ويقول مساهل في إن منطقة التبادل الحر ستكون مفيدة للاقتصاد الجزائري، إذا ما كان بمقدور المؤسسات الجزائرية المنافسة داخل القارة.
وهذا ما يتطلب، وفق تقديره، أن يكون المنتج الجزائري ذا جودة وتنافسية ليحتل مكانته، فضلا عن العمل على التصدير للاستحواذ على حصة كبيرة من السوق الإفريقية.
ويصف مساهل حجم التبادل التجاري بين الجزائر وأفريقيا ب”الضعيف”، مما يتطلب على الحكومة أن تبذل قصارى جهدها من أجل دعم الصادرات والمنتجات المحلية الموجهة للتصدير نحو السوق الإفريقي.
اتفاق على الورق
في رأي مدير معهد هايك للتفكير الاقتصادي مصطفى راجعي، فإن الدول تسعى إلى تحقيق مبادئ تتعلق بحماية منتوجها الوطني، وهو ما يقف عقبة أمام التبادل الحر.
ويلاحظ الباحث أن من جملة الصعوبات المتوقعة، اشتراط بعض البلدان الحفاظ على المنتج الوطني، أو دعم منتجات بعينها، أو الالتزام بمعايير صناعية أو بيئية مكلفة للمنتجين.
ومن هذا المنطلق، يعتقد راجعي أن الاتفاقيات التجارية الأفريقية القديمة والجديدة منها، ستكون مثقلة بالبنود التي تحمل العديد من القيود تحت مسميات عدة.
ومن أجل الوصول إلى تطبيق تحرير التجارة، وفق اعتقاد راجعي، ينبغي فتح المجال لحركة السلع دون قيود، حتى يكون المستهلك المستفيد الرابح.
كما استبعد راجعي أن تعود هذه الخطوة بأي نفع على الاقتصاد الجزائري أو اقتصاد دول أفريقية أخرى،ويفترض الباحث أن تكون هذه الاتفاقات مجرد أوراق جرى التوقيع عليها من قبل الزعماء، تحتاج إلى اتفاقيات أخرى تشرح كيفية تطبيقها.