مشاهد  في رمضان  لاينبغي  لها  أن  تكون، مشاهد مرعبة دماء تسيل لصائمين،  أموات صائمين ،عائلات تفطر على الأحزان  والمآسي  ووالدمو قبل آذان المغرب بقليل فإن السائقين يسيرون بسرعة جنونية يعرضون حياتهم ،وحياة غيرهم للخطر مشاهد رعب وجنون كأنهم سكارى.

وهذا الوقت كما تعلمون هو وقت الدعاء فيه مستجاب يفترض أن تكون الطمأنينة في النفوس والسكينة في القلوب والتوجه إلى الله بالدعاء السرعة الجنونية فقد للعقل،عرضة للتهلكة، فصيامه باطل  لفقد عقله.

للصائم فرحتان: فرحة

حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه

يفقد أحد الأقارب أو الوالدين أو الأبناء فيحزن الإنسان بفقدهم

والفراغ الذي تركوه في العائلة، فإن  شهر رمضان  هو مدرسة  روحية وطهارة  صحية ، ومزرعة للحسنات  تربي الإنسان وتجعل  الشهوات والرغبات في اليد والمثل  والمباديء غذاء للعقل والروح حتى  يرقى  الصائم بروحه إلى مصاف الملائكة ، غير أن بعض  المظاهر تفقد الصيام رسالته وحكمته وروحه ، قبل دقائق من انتهاء يوم الصيام

ينطلق السائق المجنون فاقد لعقله تاركا وراءه أثار الدمار كأنه  كان مصفدا  في  بالصيام  وتحرر من  هذه  العبادة المتعبة، فأول شيء يسرعون إليه  ويفرحون  به عودتهم إلى عاداتهم  السيئة التدخين والسهرات ،يفترض أنهم تتعلموا من الصوم فضائل الأعمال ، والصبر والتعاون وتتخلوا عن العادات القبيحة  والأفعال  السيئة وأنهم تخرجوا من  مدرسة الصيام والقرآن.

لا شك أن شهر رمضان هو شهر المراقبة، وهو شهر الخشية، وهو شهر صناعة الضمير الحي، فغاية الصوم هى التقوى بكل ما تحمله كلمة التقوى من معانى الإخلاص والمراقبة، والبعد عن الحرام، والأمل فى رضوان الله عز وجل، حيث، يقول الحق سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

وإذا كان رمضان شهر القرآن، والتأمل فيه، والعمل به، والإفادة من عبره وعظاته، فإن القرآن الكريم قد جاء مفعمًا بالآيات الحاثة على المراقبة المؤدية إلى صناعة الضمير الحي،«إِنَّ فِى ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ». وذلك حيث يقول الحق سبحانه فى سورة المجادلة: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى

الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»، فكم يحتاج الإنسان إلى أن يربى نفسه دائما على مراقبة من لا يغفل ولا

ينام، ولا يعجزه شيء فى الأرض ولا فى السماء، وإذا كان شهر رمضان يعلمنا المراقبة الذاتية، فإنه كذلك يساعد على صناعة الضمير الحى اليقظ الذى يخاف من الله ويسعى لتحقيق مرضاته، حتى إذا غابت عنه رقابة البشر وهمَّت نفسه بالحرام والإفساد فى الأرض تحرك ضميره، فيصده عن كل ذلك ويذكره بأن هناك من لا يغفل ولا ينام، قال سبحانه وإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ. كِرَامًا كَاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ.

بهذا الضمير الإنسانى اليقظ يستطيع الإنسان تأدية العبادات على الوجه الأكمل، فتجده  خاشعا لله، مراقبا له تمام المراقبة فى صلاته وصيامه، ثم يتعدى أثر هذه المراقبة إلى بيعه وشرائه، وعمله وإنتاجه، وسائر تصرفاته، وبذلك ينضبط السلوك والتصرفات، وتُحفظ الحقوق وتُؤدى الواجبات.

أمـا إذا مـات الضمـير وانعــدمت المـراقبــة لله عز وجل نتـج عن ذلك فسـاد فى الأخلاق والمعاملات، وكثير من جوانب الحياة ، وجنى المجتمع كله حسرةً وندمًا، وعانى كثيرًا من وجوه الخلل والاضطراب الاجتماعى وفقدان الثقة لغياب الضمير الحي.

بقلم الأستاذ/ قسول جلول

باحث وإمام مسجد القدس حيدرة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *