جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ» رواه أحمد وأبو داود والبخاري في الأدب المفرد ، فهذا حديث عظيم وأصل كبير من أصول الأخلاق العظيمة التي تنبؤ عن جوهر الإنسان الجميل ، ورقي فكره ، ولا يتصف به إلى مكارم الناس وعظمائها ، إن شكر أحدهم على جميل فعله هو تشجيع له على المواصلة قدما في عمل كل ما هو جيد له ولغيره .
وان شكرا أمهاتنا وأزواجا وبناتنا على مقدموه لنا خاصة في شهر رمضان الكريم من مجهودات كبيرة في اعداد فطور رمضان تزيين موائده بما لذ وطاب لهو بحق واجب أكيد على عظماء الناس الذين يعرفون للمرأة حقها وقدرها .
وتخيل أخي الكريم ، أن تحضير إفطار رمضان يبدأ من بعد الزوال إلى تحضير المائدة قبيل المغرب ، من ثمّ تزيينها بمختلف الديكورات في الأكل ، وأنت تعرف يأخذه التزين من وقت ، ثم بعد الإفطار على عجل يقمن بغسل الأواني الذي لا ينتهي إلا مع صلاة العشاء أو يزيد وبعد ذلك يحضرن القهوة والحلويات والى غير ذلك من العادات الجزائرية .
وكم بعد العشاء من وقت إلى السحور .إنها سويعات قلال ، وهن أول من ينهضن بعد تعب شديد ليحضرن بركة السحور ؛ إنني مازلت أتذكر قول امرأة مسنة كبيرة وهي تقول لي : إنّ أشد الم عند النساء بعد الولادة ، ألم تعب رمضان ، و إنّ اشد الم فيه حينما لا نسمع كلمة الرضا من أزواجنا وأولادنا.
كم ستكلفك أخي الكريم كلمة شكر لهذه المرأة العظيمة …يا الله ….حينما يمر علي حديث النبي صلى الله عليه وسلم كحديث عائشة رضي الله عنها التي قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ) رواه الترمذي وابن ماجة ؛ إنّ الخيرية ليس أن تظهر الابتسامة خارج بيتك لغيرك من بني البشر ، إنما الخيرية الحقيقية هي أن تعيشها داخل بيتك مع اهل وأولادك ، وبخاصة مع زوجتك حتى تظهر لها نوعا من الاحترام والتقدير ، ولذلك حينما سئلت السيدة أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: ( كان يكون في مهنة أهله – تعني: خدمة أهله – فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة ) رواه البخاري ، فلا حرج أبدا أن يساعد الرجل زوجته في عمل البيت ، بل قد يصل الأمر إلى الوجوب في بعض الحلات إن كان من عرف أهل البلد أو الاشتراط ولذا قال فقهاؤنا تنكح المرأة لنظيراتها .
إنّ جمال الإسلام في جمال أخلاقه ومكارمه ، وههو النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ي حدِيثِهِ سعد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَنَا مَرِيضٌ بِمَكَّةَ ، فَقُلْتُ : لِي مَالٌ ، أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ ؟ قَالَ : لاَ قُلْتُ : فَالشَّطْرِ ؟ قَالَ : لاَ قُلْتُ : فَالثُّلُثِ ؟ قَالَ : الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ ، أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ ، وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ ، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ ، وَلَعَلَّ اللَّهَ يَرْفَعُكَ ، يَنْتَفِعُ بِكَ نَاسٌ ، وَيُضَرُّ بِكَ آخَرُونَ صحيح البخاري ، فانظر أخي حفظك الله تعالى ورعاك إلى ذلكم اللفظ الجميل للنبي عليه السلام ، فلم يكف بقول صدقة البيت التي تتمثل في المصاريف البيتية بل تعداها إلى كلمة الرفع حتى يشعرك أي الأخ الكريم انك وأنت في بيتك لا باس أن تطعم زوجتك بيدك ليحفزك بمزيد من تقدير هذه المرأة التي تصون شرفك ومالك وتصنع معك أسرة يملؤه الحب والسكينة .
لقد لخص الله تعالى هذه الأخلاق الفاضلة بقوله في الكتاب الكريم (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف ) النساء: 19؛ قال ابن كثير: “أي: طيِّبُوا أقوالكم لهن، وحَسّنُوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله”. إن المعاشرة الحسنة لا تبنى إلا على التقدير والاحترام المتبادل بين الطرفين .
إن النساء أمانة غالية في أعناقنا ، فقد جاء من حديث خويلد بن عمروٍ -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم: “اللهم إني أحرّج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة”.رواه النسائي بإسناد جيد. ومعنى “أُحَرِّجُ” أي أُثم كل من لم يعط لهن حقا ، وخاصة ماهو موجود بيننا من الأعراف السائدة التي في كثير منها غير مبنية على علم وتأصيل ديني بل هي من عنجهية جاهلية تربت مع الكثيرين وللأسف الكبير .
إن النساء أخي القارئ الكريم وصية النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال( استوصوا بالنساء خيرًا) متفق عليه ؛ وها أنا أوصيك أخي الكريم بما ذكرا آنفا من الآيات والأحاديث ، أن تذهب إلى زوجتك لتقول لها شكرا و الشكر قد يكون بالفعل أو القول ، فلا باس أخي أن تهدي لها هدية ، فان الهدية عربون المحبة وقد جاء من حديث النبي عليه السلام انه قال : ( تهادَوْا تحابُّوا )رواه البخاري في الادب المفرد وهو صحيح . فان الهدية تزيد في المحبة وهي غير ثمنية أي متعلقة بالمال بغلائه بل هي فقط رمزية تنبِؤ على تقدير المرئ لأخيه ، فكل لما يسر له ؛ وان أقل الشكر أن تقول كلمة الشكر ولا بأس أن يكون ذلك بين الأولاد ليحدث بذلك جوا عائليا بامتياز وهو في نفس الوقت نقل للتربية لهم وتعليمهم لتوقير المرأة وخاصة بين الذكور .
فاللّهم اجعلنا ممن استوصوا بنسائنا خيرا واحفظ اللهم تعالى ازواجنا وبناتنا ونساء المؤمنين ….اللهم آمين . كتبه أحمد موسى إمام أستاذ لدى مسجد باريس الكبير