يتسأل اخواننا من أبناء الحركة الواعية عن الموقف من زيارة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان للجزائر بالايام المقبلة :
و لعله من المناسب ان نذكر بان حركتكم هي لا تزايد على الدولة فيما تعلق بالعلاقات الخارجية فسقفها هو تحت سقف الدولة و ضمنها في إطار المصلحة الوطنية و لكن الواضحة و المتفق عليها .
و اذكّر كذلك انه لا اجماع و لا توافق وطني الا في ثلاث مسائل أساسية اذا تحققت معا نقول حينها ان في تلك الدولة هناك اجماع وطني :
– الالتفاف حول المؤسسات القائمة و عدم الطعن في شرعيتها لان الطعن فيها هو طعن في اداء الدولة وظائفها ، و استمرارية و قيام اَي دولة هو في بناء مؤسساتها .
– التوافق حول سياسة الأمن و الدفاع و الوقوف مع المؤسسة العسكرية في اداء وظائفها الدستورية بعيدا عن اَي مناكفات سياسية أو الزج بها في اختلافات حزبية .
– التوافق حول السياسة الخارجية للدولة في إطار المصلحة العليا للوطن .
و هنا يجدر بي ان أسجل ملاحظات حول هذه الزيارة لولي العهد السعودي :
ان هذه الزيارة تأتي بوقت جد حرج :
– من حيث لا استقرار في مؤسساتنا الوطنية و تحضيرا لاستحقاق وطني كبير متمثلا في الانتخابات الرئاسية و ما يدور حوله من خلاف و تجاذبات خطيرة بين مكونات الساحة الوطنية و كذلك غموضا متعمدا من طرف السلطة .
– التباين الصارخ في مواقف الاحزاب من هذه الزيارة بين رافض و بين رافض و ساكت و بين من لو نطق لما وسعه مخالفة دوائر وزارة الخارجية .
– تأتي الزيارة و هناك اختلاف كبير بين الجزائر و بين المملكة في قيادتها لعاصفة الحزم و ما جلبته هذه الحرب من ويلات للشعب اليمني الشقيق : زهقا للأنفس و تدميرا للقدرات و البنى التحتية ، و تجاوزات تكاد تصل لحزائم حرب ضد الانسانية .
– حصارها لدولة قطر و الذي رفضته الجزائر و دعت الى تجاوزه عن طريق الحوار و عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول و خرق السيادات الوطنية .
– قيادة المملكة لحملة معلنة لوصف حركات مقاومة بأنها حركات ارهابية ، الامر الذي ترفضه الجزائر و تعتبر ذلك دفاعا مشروعا عن حقوق تكفلها شرائع الامم المتحدة في دحر الاحتلال ،
و نفس النعت تصف به حركات إسلامية ( الاخوان المسلمين ) على الرغم ان الجزائر تعتبره انه جزءا أصيلا من النسيج الوطني و الذي كان له الدور المشرف في الحفاظ على الدولة و مؤسساتها .
– قيادتها مع حلفائها من محور الثورة المضادة و حسب تصريحات امريكية إسرائيلية لما يسمى بصفقة القرن و الضغط على القيادة الفلسطينية من اجل التخلي على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، يناقض سياسة القضية المركزية التي تتبناها الدولة الجزائرية .
– ان هناك تدخلا سافرا للملكة في سوريا ، ساهم في تدميرها و شتت نسيجها المجتمعي ، و حدّها من اداء اَي ادوار في اَي صراع عربي اسرائيلي لتحرير الاراضي العربية المحتلة ، و كان ذلك التدخل بحجة إشاعة الحرية و الديمقراطية في سوريا ، الامر الي تعاني منه غالبية دول الخليج العربي و لا توافق عليه الجزائر بل و ترفضه .
– إسقاط الدولة بليبيا و إشاعة الفوضى فيها و تسليح فريق ضد فريق من طرف المملكة و محورها ، الامر الذي عمق الخطر القائم على حدود الجزائر الشرقية و التأثير السلبي المباشر على أمن و استقرار وطننا و الإقليم بصفة عامة .
– ان محاولات المملكة المتكررة مع محورها للثورة المضادة في استباحة حالة الاستقرار في تونس يزعج الحزائر لانها ترى ان أمن و استقرار تونس هو من أمن و استقرار الجزائر
– دعمها اللامشروط للمغرب في تجاوز قرارات الامم المتحدة تجاه قضية الشعب الصحراوي لاسيما في مسالة تقرير مصير هذا الشعب يخالف سياسة الجزائر القائمة بهذا الشأن .
– رعاية المملكة لتيار عقدي بتوجيهه للتحالف مع حفتر أحدث فتنة في ليبيا من قتل و سفك للدماء و له امتداداته في الجزائر من شأنه ان يكون محل خوف و توجسس و لا يؤسس لعمل يبني ثقة بين الدولتين ، لاسيما بعد فتاوي لرمز هذا التيار بنفي العلم عن مرجعيات الجزائر الوسطية المعتدلة .
– ان الصعوبات التي يعانيها الاقتصاد الوطني جراء تدهور أسعار النفط و ما انعكس ذلك سلبا على معيشة المواطن و حسب تصريحات الرئيس الامريكي ترامب كان سببها المملكة و ولي العهد محمد سلمان بتعويم السوق و خفض الأسعار ، و لعله يرقى احيانا لإعلان حالة حرب حقيقية ضد عديد من الدول من بينها الجزائر .
– قضية مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي و التي أصبحت قضية رأي عالمي يشار فيها بالاتهام لولي العهد السعودي ( بانتظار القضاء ) يشوه بالضرورة صورة مستقبليه من اَي دولة كانت و يحمل الجزائر اعباء و تشويه للصورة خارجيا هي في غناً عنه .
– ان تلك الملفات و غيرها من التباين الصارخ احيانا في وجهات النظر بل و في التهديد المباشر و الانعكاس السلبي على امننا و استقرار وطننا و مع مراعاة اللحمة الوطنية في الوقوف مع الدولة في سياستها الخارجية و التفاعل معها للدفاع عنها تفرض على الخارجية الجزائرية التأني في أخذ خطوات لترتيب هكذا زيارة من شأنها ان تحدث شرخا ربما في القرار السياسي و على الاكيد لا ترحيب حتى لا أقول رفضا شعبيا لهذه الزيارة و املنا التعقل و التبصر حتى لا نزيد من تفاقم أزمة الثقة المتنامية بين مكونات الساحة و بين دوائر السلطة و بين الشعب و حكومته .
– ثم لا يفهم ذلك باي حال من الأحوال انه دعوة لتجميد العلاقات أو تخفيضها أو قطعها او التشكيك في شرعية النظام السعودي ، بل على العكس من ذلك ، ندعوا لمزيد من تعميق اواصر الأخوة و المحبة و التعاون و التبادل على مختلف الاصعدة بين المملكة و الجزائر لأننا نعتقد إنهما محوران أساسيان في المنطقة كان يمكن ان يكونا مع غيرهما من محاور المنطقة عامل استقرار و تنمية و توازن اقليمي مهم لرعاية مصالح مختلف أقطار امتنا و استرجاع حقوقها المسلوبة ، و لكن العوائق الموضوعية و مصالح الشعبين تقتضي و تملي مثل ذلك الموقف الرزين و المتعقل الذي نراه من هذه الزيارة .
بقلم:عبد الاقدر بن قرينة