الحياء خلق يبعث على فعل الحسن وترك القبيح، وسببه رؤية آلاء الله عز وجل، ورؤية التقصير في العبد، فيتولد حالة تسمى الحياء، رؤية فضل الله عليك، ورؤية تقصيرك تجاهه، من اندماج هاتين الحالتين يتولد الحياء، والحياء من صفات المولى جل جلاله:
((إن ربكم حيي كريم, يستحيي من عبده إذا بسط يديه أن يردهما خائبتين))
ومن عقوبات المعاصي ذهاب الحياء، الذي هو مادة حياة القلب، والحياء أصل كل خير، وذهابه ذهاب كل خير، فقد قال عليه الصلاة والسلام:
((الحياء خير كله))
لكن الحياء الحقيقي لا يمنع من الأمر بالمعروف، ومن النهي عن المنكر، لذلك فرق العلماء بين الحياء والخجل؛ الحياء فضيلة والخجل ضعف النفس.
ويقول بعض العلماء: الحياء حالة حاصلة من امتزاج التعظيم بالمودة، فإذا اقترنا تولد بينهما الحياء، بشكل واضح: إن كنت ذا مكانة علية، ولك إحسان إلى إنسان، مكانتك العلية مضاف إليها إحسانك إليه, تنشأ حالة تسمى الحياء.
يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-: إن العبد متى علم أن الرب تعالى ناظر إليه, أورثه هذا العلم حياء منه، فيجذبه إلى احتمال أعباء الطاعة.
وردت كلمة الحياء في القرآن الكريم في آيتين:
﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ﴾
من علامات قيام الساعة: أن يرفع الحياء من وجوه النساء، وأن تزيل النخوة من رؤوس الرجال، وأن تنزع الرحمة من قلوب الأمراء.
الدكتور:راتب النابلسي