يتعين الحديث عن أدب الأطفال وارتباطه بالفكر الانساني، بالعناصر الفاعلة في إنتاجه، ذلك إن تحديد معالم تتعلق بقيم مضافة في واقع الذات البشرية، كانت واقفة تتحررأصحاب مشاريع فكرية على ترتيب هوية الذات الفاعلة،من جهة ومن جهة ثانية معالم الفكر الذي يتحكم في توجيهها، وبالتالي أنتجت الحاجة إلى توسيع هذا المجال،بحيث لاتقتصر رؤيته في ذلك المورث الشعبي، وإنما بإنتاجية الراهن الفكري التي لها غايات مباشرة، ذات رسالة مجتمعية حضارية، وعلى الرغم من إبداعات الانسان ، يظل حبيس مختلف الطروحات.
بقلم:صباطي حميدة
وانتقال الغموض إلى العوالم المتخيلة، والمتتبع لتطور أدب الطفل يلاحظ أن المكانة المعرفية العلمية حلت محل الميتافيزيقيا.
فما الذي يجعل ماسمي بأدب الأطفال كمشروع مفتوح وغير مكتمل؟ وهل لأدب الطفل دور في تجاوز هذه الحدود والانفتاح على مقولات وطروحات جديدة لم تخلق في تربة الأدب؟ أم أخضع نصوصه ووسائله ليكون في خدمة هذا الطرح ويروج له؟
وبناء على هذا؛ يمكن أول ماينبغي للقارئ معرفته مفهوم أقرب لأدب الطفولةكما جاء به” أحمدزلط”، يعرفه بأنه” نوع أدبي متجدد في أدب أي لغة، وفي أدب لغتناهو ذلك النوع الأدبي المستحدث من جنس أدب الكبار(شعره ونثره وإرثه الشفاهي والكتابي)، فهو نوع أخص من جنس أعم يتوجه لمرحلة الطفولة، بحيث يراعي المبدع المستويات اللغوية والإدراكية للطفل.
يرجع هذا التنافر فيما إذا كان هذا الأدب موجه في ذاته إلى فئة عمرية أو هو نشاط فئات عمرية معينة، سميت بأدب الطفل في حين يرى البعض الآخر أنه أدب موجه لطفل من أجل تعليمه بطريقة سليمة، و باعتباره أحد أهم عناصر بناء المجتمع ، ولكن إذا كان أدب الأطفال رسالة ورؤية مسقبلية بداية من اعتبار أن الطفل أيقونة وله دور فعال من خلال توسيع خياله ومداركه واكتساب خبرات لفهم أعمق لواقعه، فيكون ذلكبداية من الحالة التي فيها ينخرط ذلك الفكر في الواقع، لتقدم عملية الانعكاس التي تقوم على تحليل الواقع، وهو مايجعل أدب الأطفال ذا أهمية في التنوع في العوالم المتخيلة، كون هذا الواقع متغير لذلك يحتاج تلك السناريوهات المتعددة،فهذا المعنى يلفت الانتباه لمتلقيهوفق تجربة تحاورفئات عمرية معينة، تبقى فاعلةفي لحظة تراثية مما تم معرفته في الحقبة الماضية ، وعبر هذه التحوليةووفقا لما توصلت إليهفي الراهن،حتى توضع أمام ماضيها الذي لاتنفصل عنه، وبين الماضي والحاضر يحيك لنا أدب الأطفال المكون التراثي، وعادة مانجد هذا النوع من الأدب هو جزء من الأدب العام بداية من أن أدب الأطفال جزء من التراث العربي،وعليه الحديث في مثل هذا الموضوع أفرز شكلا من التطور المرتبط بتطور الوعي بشكل عام، ولكن تقلبات الدهر ومسارات التاريخ،فرضت على الباحثين الاهتمام أكثر بهذا النوع من الأدب بغية النهوض به والاستمرار في توسيع مجالاتهبما يعود بنفع على المجتمع، كون أدب الطفل كما يعرفه علي الحديدي “قديم قدم قدرة الانسان على التعبير، وحديث حداثة القصة أو الأغنية التي تسمع اليوم في برامج الأطفال بالإذاعةالمسموعة والمرئية”، طفل اليوم يعدطفل عصره بما فيه من وسائل، يتلقى بها الخبرات من اذاعة وتلفزيون وغيرها ،فلديه الآن قبول ذاتي لكثير من الأشياء، وتنمية قدراته وابداعاته تصبح الهدف في تقدم وازدهار المجتمع، ذلك أن أدب الأطفال قد ساهم في فتح الفرص الجديدة والاستكشاف،من خلال كونه وسيط تربوي ، والأطفال هم الذين يحددون الأدب المفضل لديهم،وهذا الأدب الطفولي بدوره يرسخ الأفكار في ذهن هذه الفئة فيعمل على بناء الطفل الذي يعد الدعامة الأولى في المجتمع.
يبقى هاجس القارئ ، متمحورا حول هذا الأدب الموجه للأطفال، وإلى أي مستوى وصلت به الأقلام، وأصبحت قادرة على جعله محل البحث كغيره من الآداب ، ومن ثم محاولة اكتشاف فيه أيضا التعلق بمجالات الفكر الأخرى والتي تتعلق أكثر بما هو أدبي، ومساهمته فعالة في بناء المجتمع، مقرون بالانتقائية لما يقدم لهذه الفئة العمرية.