كنت قد قرأت منذ سنوات لذات الكاتبة أعمالا روائية لا تقل أهمية عن هذه الأخيرة لما تناولته من حجم الظلم و الاضطهاد الذي تتعرض له المرأة الأفغانية على وجه خاص و بقية العالم بوجه عام، لم أكن أنوي الفراغ من قراءتها لولا أنها أحكمت علي من فك الوقت لتقتنص ساعة ما ظننته حرية في صمت ما. شعرت بشحوب يعلو وجهي و أنا أتمثل مريم في المرأة التي سردتْ علي مدى بشاعة الحياة التي عاشتها طوال سنوات القرن العشرين و ما تلتها بل و قبل ذلك بكثير. رغم أن بطلتنا “مريم” كانت محظوظة كون والديها يتمتعان بثقافة واسعة و حرية لم تتلقها أية فتاة أفغانية اخرى ناهيك عن كون عائلة والدها كانت من الاستحالة بمكان أن تستمر الحياة فيها ثانية نظرا لفظاعة التنمر و السادية الممارسة على الزوجة، الأخت و بقية أفراد العائلة حيث قد يصل ذلك في مرات كثر إلى حد القتل دون المساس بكرامة الرجل الذي فعل ذلك..المركزية الذكورية ( الفجة) استغولت على كل ما هو جميل أفغاني وقتذاك و حتى اللحظة.
تمردت مريم على واقعها الأفغاني و ظهر أكثر وقت دخول الروس أفغانستان إذ لم تترك مجالا لهم لتنقاد وراء سياستهم حيث تجبر كثير من الطالبات وقتها وهي منهن على الانضمام إلى الحزب الشيوعي و هو ما دعاها إلى محاولة كظم غضبها لولا انزلاق لسانها عن مكانه لتنفجر بكل كلمات الشتم و الرفض أمام ما حدث ليجر العائلة إلى مآزق لم تتوقف إلا حين هربوا إلى باكستان و منها إلى دلهي و الرحلة تطول لتصل إلى أمريكا،،هناك غرقت في حياة أكثر تعاسة مع “قيس” زوجها ” الذي خبأ لها وجه الحياة الشاحب و الكهف المظلم الذي لم تكن لتتوقع ان تعيشه متذكرة بذلك مآسي من عاشتها من رديفاتها…
لتنجب طفلها البكر ‘ دوران ‘ الذي حجب عنها سوداوية ما مرت به مع قيس دون أن يمل الأخير من ضربها و اغتصابها كما كانت تسمي ” العلاقة الزوجية المزرية” التي مارستها معه بتقزز طيلة حياتها معه. وصولا إلى محاولة هربها منه و طلبها الطلاق و خداعها من قبله للتودد مرة اخرى بأنه زوج محب غيور على زوجته و هنا انطلت الخدعة على والدها و أختها لتتم عملية خطف ولدها الوحيد منها و أخذه إلى كابل” معقل الأفكار الظلامية و جحيم الله على الأرض”.
لن أستمر بالحديث عن الرواية، ربما القراءة وحدها ستجعلكم تفقدون أعصابكم لمجرد أن تدركوا نهاية ما حدث لدوران، ولدها الأكبر. لحظة نسيت أن أخبركم، مريم تزوجت من سعودي منفتح و انجبت منه دوران الأصغر…
المفاجأة ستكون في الأخير…

 بقلم:هاجر سايح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *