“إيقاف الحرب في اليمن لدواعي إنسانية دون حل سياسي شامل سيكون له تداعيات اقليمية”
في مكتبه الذي استقبلنا فيه،جمع السفير اليمني بالجزائر علي محمد علوي اليزيدي بين مختلف القضايا التي يشهدها الوضع الحالي في اليمن و ما خلفته من أزمة انسانية سببها الرئيسي الميليشيات المنقلبة على الشرعية ، مؤكدا على الدور الذي ينتظره اليمنيون من الجزائر في حل الأزمة اليمنية و إعادة إعمار اليمن .
بين السياسة و الإنسانية كيف ترون حال اليمن اليوم؟
لايخفى على احد اليوم ما وصلت إليه الحالة في اليمن من تدهور للوضع الإنساني وهذا يعود أساسا إلى جذور المشكلة الأساسية التي أوصلتنا إلى هذا المنعطف الخطير والمتمثلة في انقلاب الحوثيين على التوافق الوطني في مؤتمر الحوار الوطني ومع استمرار الحرب نتيجة تعنت الطرف الانقلابي وعدم قبوله بالمفاوضات السياسية وآخرها جنيف المعتمدة على المرجعيات المتوافق عليها يطيل أمد الحرب مما يفاقم الأزمة الإنسانية يوماً بعد يوم. ولهذا فنحن اليوم مطالبون -مع المجتمع الدولي- بالبحث في الحلول السياسية والوضع الإنساني معاً من خلال الضغط على قوى الانقلاب للقبول بالحلول السياسية المعتمدة على المرجعيات وقرارات مجلس الأمن ودعم جهود المبعوث الدولي مارتن غريفيث لحل الأزمة والإيفاء من قبل الدول الغربية بتعهداتها فيما يتعلق بتقديم الدعم الانساني لليمن لمواجهة الأوضاع المتردية وفي مقدمتها المجاعة التي تهدد أكثر من 18 مليون إنسان يمني وعدم الاكتفاء بما تقدمه السعودية والإمارات من دعم، وضمان وصول هذا الدعم لمستحقيه.وبالتالي فان البحث في وقف الحرب بدوافع إنسانية دون حل سياسي شامل سيؤدي إلى مزيد من العنف والصراعات وتفاقم الأزمة الإنسانية وهذا بدوره ستكون أثاره كارثية على اليمن والإقليم والعالم .
هل يمكننا الحديث عن القومية العربية من جديد بعد شرق أوسط جديد و الربيع العربي؟
بالتأكيد نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الحديث عن القومية العربية في ظل المخاطر التي تهدد الأمة وخاصة المشروع الصهيوني الأمريكي الذي يتبناه الاستعمار الأمريكي باسم الشرق الأوسط الكبير أو الشرق الأوسط الجديد والذي يهدف إلى خلق سايكس بيكو جديد بتمزيق الممزق وتجزئة المجزء من خلال إثارة النعرات الطائفية والمذهبية وهو ما نشاهده في العديد من الأقطار العربية . ولن نستطيع إيقاف هذا المخطط إلا بموقف قومي عربي واحد يتجاوز كل الخلافات السياسية والمناطقية و الطائفية والاقليمية وغيرها.
مبدأ الجزائر هو عدم التدخل في شؤون الدول هل ترون (بالنسبة لليمن) أن ذلك يخدم مصلحة كلتا الدولتين ؟
نحن نحترم مبدأ الجزائر الشقيقة في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى ولكننا في اليمن نعول على ثقل الجزائر في تدخلها لحل الأزمة اليمنية سلمياً وكذلك دعمها لليمن في مجال المساعدات الإغاثية وإعادة الإعمار وغيرها.
تتكفل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالجزائر بنفقات عودة اليمنيين إلى بلدهم، هل سجلتم عودة اليمنيين إلى بلدهم ؟
تم تسجيل عدد من الحالات التي تكفلت بها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الجزائر للعالقين والراغبين بالعودة إلى وطنهم.
بخصوص الجانب الاقتصادي، تراجعت العملة المحلية الريال بـ300 بالمائة من يقف وراء انهيارها ، وهل تلقيتم مساعدات من اجل رفعها؟
أشرنا في سؤال سابق إلى أن الانقلابيون عندما أسقطوا الشرعية اليمنية استولوا على الاحتياطي المحلي الذي يقدر بالمليارات وعلى الاحتياطي النقدي الأجنبي وأرصدة المؤسسات الوطنية والشركات والتي تقدر بمئات المليارات. وهذه الأموال استحوذت عليها الميليشيات وخزنتها لديها حتى تسنح لها فرصة لضخها في السوق لشراء الدولار بأي ثمن وذلك في محاولة منها لانهيار الريال وسعياً في ذلك لإسقاط الحكومة الشرعية. وهذا ما حدث فعلاً حيث ضخت الميليشات تلك الأموال إلى الأسواق لشراء الدولار بأي سعر يضاف إلى ذلك توقف الصادرات من النفط والغاز ولتي تعتمد عليها اليمن في تغطية نفقاتها إلى حد كبير. تلقت اليمن وديعة سعودية للحفاظ على مستوى صرف الريال وقدرها ملياري دولار كما تلقت مؤخراً دعماً سعودياً وقدره مائتان مليون دولار.
- هل تكفي الوديعة السعودية لوقف انهيار الريال اليمني ؟
الوديعة السعودية ساهمت إلى حد كبير في وقف تدهور العملة اليمنية إلا أن الأزمة أكبر بكثير من هذا الدعم وتحتاج إلى دعم دولي جاد.
- تمتلك اليمن من النفط ما يجعلها رائدة في مجال التصدير ما الذي حرمها من ذلك، و هل يمكن أن ترى المشاريع النفطية النور في اليمن؟
تمتلك اليمن ثروات نفطية وغيرها من الثروات المعدنية ولكنها مع الأسف لم تستغل حتى الآن بالشكل المطلوب، وما تم التنقيب عنه واستخراجه من قبل شركات محدودة وبالأخص شركتي هنت وتوتال، واختصر التنقيب في ثلاث محافظات فقط على مستوى الجمهورية ولم تتوسع هاتين الشركتين في نشاطها.
حضرت بعض الشركات في التسعينات للتنقيب عن النفط ولكنها واجهت بعض الصعوبات مما أدى إلى انسحابها ويعود ذلك إلى عدم الاستقرار السياسي في اليمن، وإرساء نظام سياسي مبني على وجود مؤسسات وهيئات تشريعية وقضائية وتنفيذية يسير عليها المجتمع لا تتأثر بتغير الرؤساء والحكومات، فالرئيس السابق كان يتحكم بكل مفاصل الدولة ومؤسساتها وهيئاتها. وكذلك عدم الشفافية في التعامل مع الشركات العالمية المؤهلة للتنقيب عن الثروات في اليمن، يضاف إلى ذلك الصراعات المستمرة على السلطة. كل ذلك أدى إلى عدم إقدام الشركات النفطية العالمية على استثمار أموالها في اليمن. إذا استطعنا أن نزيل الأسباب المذكورة فإن اليمن ستكون من الدول الهامة المصدرة للنفط والغاز.
- في الأخير كيف تقيمون العلاقات الجزائرية اليمنية؟ وكيف تصفون الشعب الجزائري؟
العلاقات الجزائرية اليمنية علاقات قوية بدأت بعد قيام الثورة الجزائرية واستقلال الجزائر عن فرنسا في 1 نوفمبر عام 1962. وقيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962 في الشطر الشمالي من اليمن. وكذلك قيام ثورة 14 أكتوبر 1963 في الشطر الجنوبي من اليمن ضد الاستعمار البريطاني واستقلاله في 30 نوفمبر 1967. نمت هذه العلاقات وقدمت الجزائر الكثير من الدعم في عدة مجالات وأهمها بناء عدة معاهد ودعم لكليات علمية في الشطرين وبعد قيام الوحدة توسعت هذه العلاقات من خلال تشكيل لجنة وزارية مشتركة بين البلدين كانت تتابع تنفيذ الاتفاقيات المتبادلة وتعقد اجتماعاتها بانتظام وكان آخر اجتماع لها في جوان 2010 في صنعاء، ومن المقرر أن تعقد اجتماعها القادم في الجزائر. وفي ظل هذه العلاقة الوثيقة أصبحت مواقف البلدين منسجمة حيال القضايا العربية والإسلامية والعالمية، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.
وفي المجالات الأخرى هناك علاقات ثقافية قوية بين البلدين، حيث يقدم الجانب الجزائري كافة التسهيلات للطلاب اليمنيين للدراسة في الجزائر في كل الجامعات والمؤسسات العلمية المختلفة. كما تقوم بتدريب وتأهيل العديد من الكوادر اليمنية في تلك الجامعات والمؤسسات. وتستقبل جامعة صنعاء عدد من الطلاب الجزائريين طبقاً للبرتوكول الثقافي بين البلدين.
الجزائر بلد عربي ذات تاريخ عريق وشعب أصيل يعتز بانتمائه إلى الأمة العربية والإسلامية، وقدم مليون ونص شهيد ليبقى جزئاً من الوطن العربي. ويتعامل الشعب الجزائري مع الوافدين العرب إلى الجزائر تعامل أخوي ينم عن اعتزاز الجزائريين بانتمائهم إلى العروبة والإسلام.