بكلمات بسطية تعبر عن معاناة كل مهاجر انتقلت أغنية المرحوم دحمان الحراشي من المحلية إلى العالمية ،رحل صاحبها وبقيت كلماته و ألحانه تجوب العالم من فنان لآخر، آخرهم رشيد طه الذي أبدع و أبهج كل مغترب.
وعاج الحديث عن الأغنية العالمية يا الرايح هذه الأيام عقب وفاة الفنان رسيد طه الذي أداها و ساهم في اعادة بعثها خارج الجزائر في العديد من المناسبات.
وجدت “يا رايح”، حضوة كبيرة في الأوساط الفنية والجماهيرية، يفضل الرسالة التي توجت بها مسار كل مواطن قرر ترك موطنه ليحيي أوطانا أخرى.
وكان لصداها عامل رئيسي، يتمثل في كونيتها التي عبرت الحدود، فغطت آلام الناس ومعاناتهم في دول تحسب لها الديمقراطية فتمارس عنصريتها على الآخر المغترب.
لم توجه الأغنية في البداية سوى للمواطن الجزائري، فإذ بها تخترق حدود الخصوصية وتخاطب المواطن الكوني في رحلة بحثه عن مستقبل أفضل، فيتعثر في مآلات الغربة ويصدم كما صدم غيره.
هي أغنية جزائرية ذات شهرة عالمية كتب كلماتها وغناها المطرب الشعبي الجزائري دحمان الحراشي، الذي تناول من خلالها معاناة المهاجر في الغربة وما يعيشه من إقصاء وتهميش وشوق العودة إلى الوطن.
جاءت الأغنية في شكل نصيحة للمهاجر، بدعوته للعودة إلى الوطن، باعتبار أنّ الهجرة نحو وجهة ثانية لا تعتبر حلا، بل هي طريقة للهرب من المواجهة، التي سرعان ما يندم إذا مشى فيها.
وصدرت في سياق اجتماعي واقتصادي هشّ في أغلب الدول العربية ومنها الجزائر بعد الاحتلال الفرنسي، الذي أدى إلى هجرة العديد من العائلات نحو أوروبا.
في المقابل، عرف هؤلاء المهاجرون تمييزا عنصريا وتحقيرا، مما دفع بالعديد من الفنانين إلى الدفاع عنهم في شكل أغان.
وكان الفنان دحمان الحراشي، أحد أبرز المبدعين الجزائريين، الذين قدموا بأسلوبهم الشعبي أعمالا خالدة للبسطاء، الذين ابتلعتهم الغربة أو السلطة.
ينحدر الحراشي (1920-1980)، واسمه الحقيقي عبد الرحمن عمراني، من عائلة محافظة. عمل والده مؤذّنا للجامع الكبير.
تندرج أعماله ضمن النوع الشعبي الأندلسي بكلماته وألحانه وطبوعه، التي ارتبطت بالمهمّشين والبسطاء وكانت وسيلة للمقاومة ضدّ الاحتلال الفرنسي.
عالج هذا الفنّ مواضيع اجتماعية هامة في السياق الجزائري في ذلك الوقت منها الهجرة، الصداقة، الحب، ذكريات البلد وحكايات زواياه.
ويعدّ محمد العنقة أحد رواد “الشعبي الجزائري”، عازف عود وصاحب أكثر من 300 أغنية شعبية، كان لها تأثير على جيل موسيقي وعلى الثقافة الشعبية للبلاد.
وبلغت “يا رايح” أغنيته الأشهر، التي وجهها في البداية إلى صديقه المصرّ على الهجرة كحلّ لوضعيته ومن أجل مستقبل أفضل، صبغة عالمية وكانت أغنية كلّ مغترب عن وطنه.
قدم رشيد طه “يا رايح” عام 1993، فكانت أشبه بملح التسعينيات، وضمها لألبوم “ديوان” في أوت 1997 وكانت رقم 11 في قائمة الأغاني الفردية الأكثر استماعا في فرنسا.
وفي سبتمبر 1998، قام طه بأداء الأغنية مع الشاب خالد وفوضيل في العاصمة الفرنسية، باريس.
وبفضل نجاحها الكبير، عرفت الأغنية حوالي 350 إعادة في جميع أنحاء العالم من قبل فنانين مختلفين وبلغات عديدة بما في ذلك والهندية والتركية واليونانية والصربية.
وقدمها الفنان اليهودي من أصل جزائري، انريكو ماسياس، عام 2003 في مسرح أولمبيا باريس. وفي جانفي 2012 ، أدت المغنية الجزائرية أمل بوشوشة الأغنية.
وفي عام 2015، قدم طه الأغنية مع الفنانة كاثرين رينقر، وقالت خلال الحفل “إنها تحكي قصة المهاجرين والمسافرين ومن خرجوا من بلدانهم نحو وجهة اعتبروا أنها الأفضل، لكن في النهاية ندموا”.
تعدّ “يا رايح”، من الأعمال الفنية التي شخصت حال المغترب ودعته إلى بناء الوطن، التي وجد صداها في أغلب أعمال رشيد طه مثل “يا المنفي”. وحددت اتجاهاته الفنية نحو الالتزام بقضية الهجرة إلى جانب مبدعين جزائريين وأفارقة آخرين