بعد شهر من التحاق المغني الأمازيغي معطوب الوناس، الذي يحيي الجزائريونكرى وفاته، اليوم الإثنين، بالخدمة العسكرية في صفوف الجيش الجزائري، بناحية وهران (غرب الجزائر)، اندلعت حرب “أمغالا” بين الجزائر والمغرب، سنة 1975، إثر نزاع حول الصحراء الغربية.
ونقل المطرب الأمازيغي المغتال تفاصيل هذه التجربة في مذكراته الشخصية المعنونة بـ”المتمرد“، وثق فيها حالته النفسية في تلك الفترة، وموقفه من الحرب بين المغرب والجزائر.
تفاصيل ما جرى
ليلة واحدة كانت أمام معطوب الوناس للفصل في أمر التحاقه بالجيش الجزائري، بناحية وهران، بغية أداء الخدمة العسكرية من عدمه.
لم يكن الوناس يعلم أن التحاقه بالجيش سيُصادف اندلاع نزاع بين المغرب والجزائر حول الصحراء الغربية.
“كان أصل النزاع تشابك عنيف على إثر هجوم عنيف قامت به القوات المغربية على فيلق جزائري في أمغالا بالجنوب الغربي للصحراء، قرب تندوف، أسفر عن مجزرة رهيبة”، يروي معطوب الوناس كاشفا تفاصيل ما حدث في مذكراته.
ويردف الوناس أنه أسابيع بعد ذلك، نظم الجيش الجزائري عملية مضادة في المنطقة نفسها، أوقعت خسائر وصفها بالفادحة في صفوف الجنود المغاربة.
في هذه الظروف المضطربة بين البلدين الجارين، وجد الوناس نفسه يخوض تجربة صعبة، مشيرا إلى أن هذا الحدث “أثر فيه بالغ التأثير وألحق به أعظم الضرر”.
يوما بعد يوم، تصاعدت وتيرة التوتر إلى أن تم إعلان حالة استنفار من الدرجة الأولى، وهو ما يعني أن كل الجنود، بمن فيهم معطوب الوناس، صاروا عمليا في شبه حرب.
يحكي معطوب الوناس أنه حاول ورفاقه الحصول على رخصة مدتها 36 ساعة، سعيا منه لعدم خوض هذه الحرب، لكن محاولته الأولى لم تفلح، كونه ما زال في مرحلة التكوين.
وما بقي راسخا في ذاكرة معطوب الوناس في تلك الفترة هي مشاهد “طابور طويل من الحافلات والشاحنات، وعلى متنها مئات من الرجال والنساء والأطفال المغاربة، كانوا يقيمون بصفة دائمة بالجزائر، وتم طردهم عنوة نحو وطنهم بأمر من بومدين”، كما يقول.
ويتأسف معطوب في مذكراته عن ما لحق بالمهجّرين المغاربة قائلا: “أعرفهم وألتقي بعدد منهم في القبايل، ولم نجد معهم أبدا أدنى مشكلة، ولم نواجه في علاقتنا بهم أقل القليل من الصعوبات”.
نداء الجذور
يتحدث المغني الأمازيغي الجزائري عن “الجذور المشتركة التي تجمع بين الجزائريين والمغاربة، وخاصة بين أمازيغ الجنوب المغربي بالأطلس الكبير وسكان منطقة القبايل الذين يتكلمون لغة واحدة”.
ويتحدث الوناس عما حصل: “أحس بأنني قريب منهم (يقصد المغاربة الذين خرجوا من الجزائر حينها)، وأتعذب من النظر إليهم وهم محملون على شاحنات دون أن أستطيع القيام بأي شيء لفائدتهم وهم إخوة لي، عوملوا بعنف وتم حشرهم بالشاحنات كالبهائم ورموهم بوجدة”.
ومن حسن حظ معطوب الوناس أنه لم يدفع به إلى “العمليات ضمن مجموعات التدخل المباشر”، كما يقول، لذلك لم يشارك في ما كان يقع على الحدود، حيث كانت المعارك مستعرة.
“لو أرسلتُ إلى جبهة القتال، لا أعتقد أنني سأكون قادرا على إطلاق نصف رصاصة على مغربي”، يضيف الوناس.
الحالة النفسية التي كان يعيشها معطوب الوناس في تلك، جعلته يفكر في حيلة للحصول على رخصة للذهاب إلى منطقة القبايل، ووقف خدمته العسكرية، وهو ما نجح فيه فعلا وترتب عنه عقوبة في حقه، كما يقول.