أثر التقشف على القطاع الثقافي الذي قلصت ميزانيته، مما أحال بعض الفنانين على التقاعد المسبق،كما أدى إلى نقص فرص العمل و الإنتاج إلى جانب المرض الذي طال بعض الفنانين،كلها ظروف كانت سببا في تدهور الحالة الإجتماعية و الصحية لفنانين طالما كانوا سببا في إدخال البهجة للبيوت الجزائرية و لم يجدوا اليوم من يتكفل بهم و بحالتهم على غرار زعباطة و هواري بلا حدود و غيرهم.
سارة العايبي/شافية سعدي
بين لائم و مناشد ،تتعدد الآراء بخصوص الوضع الحالي للفنان الجزائري الذي يبحث عن العيش بكرامة مثله مثل موظفي باقي القطاعات العمومية الأخرى.
سليم ألك: الفنان في الجزائر مقهور
و في تصريح للفنان الكوميدي المعروف ب”سليم ألك” للصباح الجديد ،أكد هذا الأخير أن ظاهرة مرض الفنانين و معاناتهم سبقنا إليها فنانين من الجيل القديم على غرار لاسبيكتور الطاهر،و يحي بن مخلوف و غيرهم ،و من خلالهم أدركنا أن الفنان في الجزائر مقهور.
كما أكد ذات الفنان أنه كان من المطالبين بوضع مرسوم خاص بالفنان لكن لم يجد من يسانده من زملائه في المهنة، ليواصل قائلا:”الإشكال يكمن في أننا كفنانين لم نتفق فيما بيننا ،خاصة و أنه كل من هب و دب أصبح يمارس هذه المهنة.
و بخصوص تدهور الحالة الصحية لبعض الفنانين دون وجود من يتكفل بهم، قال سليم أن القيام بعملية تيليطون من أجل جمع الأموال لعلاج الفنان تعتبر عيب وعار وهي إهانة للفنان في حد ذاته”.
كما ناشد ابن الفهامة،وزير الثقافة عز الدين ميهوبي على اعتبار أنه أيضا فنان أن يترك أثرا لمسيرته على الوزارة من خلال تفعيل مرسوم خاص بتنظيم هذه المهنة.
الفنان المسرحي فري مهدي: لابد من ايجاد قنوات أخرى لتمويل الفنان
من جهته، أكد الفنان و المخرج المسرحي فري مهري محمد ، أن الفنان الجزائري يعاني التهميش و الإقصاء سواء بقصد أو بغير قصد، و للأسف هناك فنانين أثبتوا احترافيتهم منذ الاستقلال ثم ماتوا منسيين،و بالرغم من البحبوحة المالية التي عرفتها الجزائر في السنوات الماضية ،إلا أن الفنان بقي مقصى إلا فئة قليلة ممن استطاعت التأقلم مع الوضع و العمل في ظل هذه الظروف يقول ذات المتحدث.
و في هذا السياق،قال فري” نتمنى ايجاد بديل للفنان المسرحي حتى لا يصبح وسيلة في يد وزارة الثقافة ، كما يجب ايجاد قنوات أخرى لتمويل نشاطه،و قبل كل هذا لابد أن نحسن بعض الأمور فيما بيننا كفنانين”.
ابن مسكود: الهامل تكفل بوالدي
عاد يوسف مسكود ابن الفنان القدير عبد المجيد مسكود مع موقع الصباح الجديد للظروف الصعبة التي مرت بها العائلة و التي وصلت إلى درجة توقع نهاية أجل الوالد الفنان ،و بخصوص التكفل به، قال مسكود أن المدير العام للأمن الوطني عبد الغاني الهامل تكفل بالحالة الصحية للوالد ،كما منح له فرصة القيام بحصص التأهيل الحركي في مركز التدريب التابع للشرطة.
و بخصوص الحالة الصحية لصاحب يا دزاير يا العاصمة،قال يوسف مسكود أن والده بصحة جيدة في الوقت الراهن و هو و هي في تحسن ملحوظ.
بهية راشدي: التلفزيون و الإذاعة الجزائرية أولى بالفنان من وزارة الثقافة
قالت الممثلة بهية راشدي بخصوص تهميش الفنان، بأنه يتمثل في عدم الالتفاف به،كما صرحت للصباح الجديد بأنها لم تعمل منذ ثلاث سنوات مع التلفزيون الجزائري،كما شهد الميدان الثقافي في الجزائر فوضى في التسيير،ذلك أن هناك من الفنانين من وصل به الأمر إلى التسول،وهناك من مرض قضاء و قدرا وهناك من يقتل بطريقة أو بأخرى.
و أضافت ذات الممثلة، أن الفنان اليوم يبحث عن من يستمع لانشغالاته،عن من يستقبله،قائلة ” لما أتألم أتألم على جميع الفنان”.
و بخصوص دور وزارة الثقافة،قالت بهية راشدي،أن ما يهمها هو التلفزيون الجزائري و الإذاعة لأنها تستقطب أكبر جمهور،كما أن معظم الحصص و البرامج يكون عصبها الفنان،سواء استضافته أو دعوته، فلا يتغير في البرامج سوى العناوين أما الموضوع فهو الفنان ،لهذا يجب أن لا يهمش الفنان من طرف هاتين المؤسستين لأنهما ليستا ملكا لأحد،كما يكمن المشكل في أننا نحتقر بعضنا و هو ما يولد الضغينة ،لتواصل حديثها :” أنا شخصيا لي حصة خاصة بالأطفال تحمل الكثير من الأخلاق و الإرشاد و الدروس لكن رفض عرضها طيلة 3 سنوات رغم أن أخلاقي عالية و الناس تشهد لي بذلك إلى جانب أن حصتي درستها طيلة سنوات”.
الممثل والرسام عصام بلقيدوم: لا ندري لماذا كل فن يقدم رسالة لا يدعم
بطل فلم طائر بلا وطن الذي كرم في العديد من الدول للصباح الجديد ،بأن الفن الهابط و أصحابه هم من يحتل الساحة الفنية في الوقت الراهن،وهم من تمول احتفالاتهم.
و لكوني رسام طلبت من وزارة الثقافة رعاية معرضي في ديسمبر الماضي فرفض الطلب،لكن صديقي موسيقار عرض علي التمويل مؤكدا أن الوزارة تقدم له إعانات بين الحين و الآخر، ليواصل ذات المتحدث أنه ليس بحاجة لدعم وزارة الثقافة،ذلك أن دعمه هو إعجاب الناس برسوماته.
و بخصوص الحفلات التي تقام من أجل جمع التبرعات للفنانين المرضى،قال راسم أن حالة من البكاء ترتابه عندما يرى فنان مريض بمرض عضال و زملاءه يجمعون له المال من أجل العلاج،وهو ما يوضح غياب الأمل بالنسبة لبقية الفنانين.
و في سياق آخر، و بخصوص فيلمه “طائر بلا وطن” الذي أدى فيه دور البطولة ،قال راسم أن الفيلم حاز على المرتبة الثانية في أنقرة،فقام رئيس البلدية بدعوته لتكريمه على هامش دورة كروية ،فرفض الدعوة بحجة أنه لولا كرة القدم لما كرم.
المستشار بوزارة الثقافة منير بومرداس:على الفنان أن يسوي وضعيته قبل أن يلوم أطراف أخرى
قال المستشار الثقافي منير بومرداس في حديثه للصباح الجديد حول واقع الفنان الجزائري،
أنه لابد أن يسوي الفنانون و الكتاب وغيرهم،وضعيتهم مع الديوان الوطني لحقوق المؤلف ،من جهة أخرى إذا كان الفنان يملك بطاقة فنان فإن حقوقه سيأخذها أما إذا لم يكن مسجل فإنه لاتوجد ميزانية و لا مادة قانونية تجبر وزارة الثقافة على تقديم إعانة للفنانين،إلا إذا كان في شكل تكريم أو قرار من السلطات العليا مثل حالة عتيقة.
بدورنا،يقول بومرداس،نطالب الوزارة المعنية بتشكيل صندوق لمساعدة الفنانين على المستوى الصحي.
و بخصوص الحالة الصحية لمعظم الفنانين ،على غرار هواري بلا حدود،عبد المجيد مسكود،حزيم،قال المستشار الثقافي ،بأن أكبر ما يمكن أن تقوم به وزارة الثقافة في مثل هذه الحالات هو تقديم ملف الفنان لوزارة الصحة، كما صرح بومرداس بأن الصحة مجانية في الجزائر سواء للفنان أو لغيره.
وفي موضوع آخر ،وفيما يتعلق بقلة الإنتاج الثقافي،قال منير بومرداس بأن أغلب الفنانين يقولون بأن دور الثقافة أو المهرجانات لا تستدعي الفنانين،فكوني مديرا لدار ثقافة بميزانية صفر نتيجة للتقشف كيف لي أن أدعو فنان،و هذا لا يلغي وجود المحاباة في استدعاء الفنانين .
من جهته طالب منير بومرداس بتصنيف الفنانين مثل ماهو معمول به في البلدان العربية و الغربية، فالخلط الموجود حاليا يجعل الفنان المزيف يأخذ مكان الفنان الحقيقي، ذلك أن فنان مثلا سجل أغنية واحدة طوال حياته يصنف مثله مثل العنقى أو آخرين، لذلك يجب مراعاة عنصر الأقدمية في التصنيف.
و بخصوص مطالبة بعض الفنانين والمثقفين لإعانات من وزارة الثقافة،قال بومرداس هناك من الفنانين من منعهم الحياء وعزة النفس من المطالبة أمثال عثمان عريوات ،عمر الزاهي، سيدعلي كويرات ،يحي بن مبروك إللى درجة أنهم ماتوا في صمت، والسبب في ذلك أن الفنان المزيف أخذ مكان الفنان الحقيقي،لهذا يجب للفنان المحترف الانتماء للمؤسسات الثقافية كما يجب عليهم التصريح بممتلكاتهم الفكرية لدى ديوان الوطني لحقوق المؤلف، لأن هناك من الفنانين لا يدفعون اشتراكاتهم الرمزية ثم يطالبون بحقوقهم.