كم من الوقت أهدر وضاع بسبب غباوة السياسيين الذين سجنوا التاريخ في جهلهم وقصورهم، وأختزلوه في ذواتهم فقط.
كانت جدتي وأمي وخالاتي وعماتي وأهل قريتي، وكل من أعرف، يحتفلون بالناير بشكل طبيعي. كان جزءا من الذاكرة الشعبية. كانت أمي تهيء لذلك قبل أسبوع بأن تذهب لسوق لعشاش يوم الأحد أو مغنية (تلمسان) لشراء ما يلزم من حبوب جافة، ولوز، وبلوط، والڤرڤاع، الكرموس المجفف الأبيض والأسود، والبيض، والقمح المڤلي، والحمّوم، والبركوكس بالحليب والبيض، وغيره ونفرح من القلب بلا سياسة وبلا دروس في الوطنية. لم نكتشف ينّاير أو الناير البارحة. لهذا أمنت دوما وما زلت، أن مشكلة الأمازيغية واحتفالات العيد الأمازيغي، ليست مشكلة الشعب، ولكنها مشكلة النظام، وفشله في إيجاد طريق وطني يدرج في منظومته التنوعات الوطنية يجمعها شيء مهم ومصيري اسمه التاريخ الوطني المشترك والمواطنة، والقيم الإنسانية. فاختزل النظام تاريخ الجزائر كله في سنوات قليلة وحارب المواطنة واعتبرها بعبعا وما ما يزال. أتمنى أن تكون قرارات هذه المرة ناتجة عن قناعة عميقة وجدية ومدركة للرهانات القادمة، لأن الجزائر ليست بخير ومريضة بتاريخها، ولأن الجزائر ليست خارج النظام الدولي الجديد الذي يراد فرضه بالتفتيت والتدمير الداخلي والعودة به إلى النظم القبلية والدينية والطائفية المتهالكة والمتقاتلة.