نشر الطمأنينة في النفوس منهج إلهي نبوي
بعض النفوس تبحث ما يؤلمها، ما يحزنها ،تعيش الخراب والدمار ….يناقشونك
في كل المواضيع ليس قصد التعرف والتعلم وإنما قصد نشر ثقافة التيئيس
والقنوط ؟
يتحدثون عن الطلاق ويحثون عليه ويشجعون عليه ويجعلون له مفكرين ومنظرين
ووو ولا يتحدثون عن الزواج ولا يدعون له الزواج فاشل …الطلاق ناجح
..القراءة فاشلة والرسوب ناجح الحرقة ناجحة والاستقرار في البلد فاشل
…. فلغتهم التعتيم والتعميم كل الرجال غير صالحين ؟ كل النساء غير صالحا
يتحدثون عن الساعة وأنها قريبة ليس من أجل العمل بل للتيئيس ؟؟؟
اتساع ثقب الأزون للتخويف ….كمية البترول ستنتهي قريبا ….الماء في
طريقه إلى الزوال …..الأمراض كثيرة …..المستشفيات لا تقوم بدورها
…التربية فاشلة الصناعة فاشلة ؟؟؟؟
لا يوجد جار صالح ولا أخ صالح ولا أبن صالح ولا بنت صالحة وووووكثرت
القلق ، الكآبة ،الوسواس بمستوياته ،..التخويف من العين، التخويف من
السحر قتل الأمل ….قتل التفاؤل ….؟؟؟
مرّ نبيّ الله عيسى عليه السلام وتلاميذه على جيفة كلب، فقال أحدهم: ما
أشدّ نتانة رائحته، وقال ثانٍ: ما أشد سواد شعره، وقال ثالث: ما أشد مضاء
مخالبه. نظر إليهم عيسى عليه السلام وقال: ولكن انظروا ما أشد بياض
أسنانه.
رسالة أوجهها الى من لا يرون إلا السلبيات في الشخص أو المجتمع وينسون
الإيجابيات، يعظمون السيئات وينسون الحسنات.
هكذا هم السوداويون والمتشائمون والعاجزون دائمًا لا ينظرون الا بنظارة سوداء.
رغم كثير من السلبيات في مجتمعنا إلا أن أخيارنا أكثر من أشرارنا،
والإيجابيين أكثر من السلبيين، والصالحين أكثر من الفاسدين وشباب الفضيلة
أكثر من شباب الرذيلة
تفاءلوا بالخير تجدوه.. ما أروعها من كلمة، وما أعظمها من عبارة.. نعم
ليست حديثا نبويا، ولكنها حقيقة واقعة، ووصفة مجربة.. من تفاءل بالخير
وجده، ومن سعى للسعادة حصلها، ومن عاش التشاؤم قتله، أو قتل بالهم عمره
فضاع سدى وحسرة، والمرء يختار لنفسه، فكل من التفاؤل والتشاؤم فن يحسنه نوع من الناس، ويجلبه إلى نفسه وحياته، وينقله إلى من حوله.
التفاؤل فن تصنعه النفوس الواثقة بفرج الله، فمن عرف باب الأمل لا يعرف كلمة المستحيل، ومن عرف حقيقة ربه لم يتوقع إلا الجميل.
التفاؤل من الصفات الرئيسية لأي شخصية ناجحة.. فهو يزرع الأمل، ويعمق
الثقة بالنفس، ويحفز على النشاط والعمل، وهذه كلها عناصر لا غنى عنها
لتحقيق النجاح.
فالنفوس المتفائلة وحدها هي التي تمضي نحو مرادها بثباتٍ ويقين وهدوء
وسكينة، فالمتفائل ينتظر الفرج قبل النظر إلى المصيبة، ويعلم أن اليسر في
طي العسر، وأن الفرج مع الكرب، وأن النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسرا.
فتراه دائما يغلب الأمل على اليأس، والتفاؤل على التشاؤم، والرجاء على
القنوط، ويرى قرب الفرج كقرب ضوء النهار آخر الليل.
تفاءل لتسعد؛ فأنت من يصنع السعادة؛ بالبسمة الحلوة، والكلمة الطيبة،
وحسن الظن في الحاضر، وتوقع الخير في المستقبل، وتجديد الإيمان بالقضاء
والقدر، مع قلب قانع بالعطاء راض بالقضاء، ومنسجم ومتجاوب مع سنن رب
الأرض والسماء، كل ذلك يجعل النفس متفائلة برحمته، مطمئنة إلى قدره،
راضية بقضائه وعطائه؛ فلا يرى في الحياة إلا كل ما هو خير.
إذا أصبحت عندي قوت يومي .. .. فخل الهم عني يا سعيد
ولا تخطــر هموم غـــد ببـالي .. .. فإن غدا له رزق جديد
أســلــم إن أراد اللـــه أمــــرا .. .. وأترك ما أريد لما يريد
تفاءل لترى جمال الحياة؛ فإن جمال الحياة لا يراه إلا المتفائلون.
فالحياة من دون التفاؤل كاللوحة من دون ألوان، وكالروض من غير زهور..
فغير نظرتك إلى الحياة لتجعل من حاضرك واحة من السعادة، ومن مستقبلك
حديقة من اﻷمل، ومن ماضيك بئرا للنسيان ومخزنا للتجارب.
تفاءل فإن ربك الله من أسمائه الرحمن الرحيم، الحليم الكريم. ومن أسمائه
الوهاب الرزاق الفتاح العليم. ومن أسمائه الغفار التواب العفو الرؤوف
الرحيم. ومن أسمائه الحكم العدل اللطيف الخبير، ومن أسمائه الشكور الودود
الولي الحميد، ومن أسمائه الوكيل الحسيب القريب المجيب.
تفاءل فإن من صفات ربك أنه يسبغ النعم، ويدفع النقم، ويزيل الهم، ويكشف
الغم، ويريح القلب، ويسمع النداء، ويجيب الدعاء.. وهو سبحانه أعدل من
حكم، وَأَنْصَرُ مَنِ ابْتُغِيَ، وَأَرْأَفُ مَنْ مَلَكَ، وَأَجْوَدُ
مَنْ سُئِلَ، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى
إن أعظم صفات المتفائلين هو ثقتهم المطلقة في الله، وحسن ظنهم برب
العالمين، فمن أحسن ظنه بربه نال أعلى درجات التفاؤل، ووفقه الله لكل
خير، وألهمه الحكمة (أنا عند ظن عبدي بي) حديث قدسي
وإني لأدعو الله حتى كأنما .. أرى بجميل الظن ما الله صانع
أساس التفاؤل الإيمان بقدر الله، والرضا بقضائه، وعلم المؤمن أنه لن
يصيبه إلا ما كتب الله له، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن
ليصيبه، {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل
المتوكلون
لا الأمرُ أمري ولا التدبيرُ تدبيري .. ولا الشؤون التي تَجري بتقديري
لي خالقٌ رازقٌ ما شــاء يفـعل بي .. أحاطَ بي علمه من قبل تصويري
التفاؤل في القرآن
تفاءل فإن كتاب الله إليك يدعو للتفاؤل: اقرؤوا إن شئتم: {سيجعل الله بعد
عسر يسرا}، {فإن مع العسر يسرا . إن مع العسر يسرا}، {سيؤتينا الله من
فضله ورسوله}، {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}،
{ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا}، {ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته
ويعظم له أجرا}.
وحتى المذنبين يدعوهم ليتفاءلوا بمغفرة الله لهم: (قل يا عبادي الذين
أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا)
…
تفاءل فأنبياء الله كانوا متفائلين:
إبراهيم يطلب الولد على كبر وقد شاخ وشاخت زوجته، وكذلك زكريا: عظمٌ
واهن، وامرأة عاقر، وسن طاعن، وقد بلغ من الكبر عتيا، ومع ذلك يقول (فهب
لي من لدنك وليا)، وموسى في أحلك لحظات الضيق والكرب وقد ألجأه جيش فرعون
إلى البحر فلا مهرب فيما يرى الناس: {(إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي
سيهدين)، ويعقوب يفقد ولديه واحدا تلو الآخر ومع ذلك يقول: (عسى الله أن
يأتيني بهم جميعا( يابني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح
الله )}، ونوح يدعو قومه ليلا ونهارا قريبا من ألف سنة وما يأس ولا قنط،
وسليمان يطلب ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فيعطيه، وأيوب في أوج المرض
ينادي ربه فيشفيه، ويونس في بطن الحوت وظلمات الليل والبحر يستغيث بربه
فينجيه. (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله
مع الله)
فإذا بليت بنكبة فاصبر لها .. من ذا رأيــت مسـلــما لا يــنكــب
وإذا أصابك في زمانك شدة .. وأصابك الخطب الكريه الأصعب
فـادع الإله فــإنه أدنــى لمن .. يدعــوه من حــبل الوريـد وأقرب
تفاءل فإن نبيك كان سيد المتفائلين:
بل كان المعلم الأول لغرس الأمل في النفوس ولو في أشد الأزمات، كان
متفائلا في أمره كله، في ترحاله وحله، وفي حربه وسلمه.
خباب يشكو له قسوة ما يفعله الكفار بالمسلمين فيقول(والله ليتمن الله هذا الأمر).
في الهجرة يحاصره المشركون في الغار فيقول لأبي بكر: (لا تحزن إن الله
معنا)، (ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟)
يدركه سراقة في الهجرة لينال مائة ناقة فيقول: [ارجع ولك سوارا كسرى-(
تطرده ثقيف وتؤذيه أشد الأذى ثم يقول: {لعل الله أن يخرج من أصلابهم من
يعبد الله لا يشرك به شيئا)
كان يتفاءل بالكلمة الطيبة والاسم الحسن والهيئة الحسنة ويقول: [ويعجبني الفأل]
حتى في المرض يتفاءل (لا تسبوا الحمى؛ فإنها تُذهِبُ خطايا بني آدمَ كما
يُذهبُ الكِيرُ خبثَ الحديدِ). ويزور المريض فيقول: (لا بأس طهور إن شاء
الله)، ويقول: [إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في أجله، فإن ذلك لا يرد
شيئا، ويطيب بنفسه) الترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد. “أي يجعله يتفاءل
بالشفاء وطول العمر فتطيب بذلك نفسه”.
يا صاحب الهم تفاءل، ويا صاحب المرض تفاءل، ويا صاحب الدين تفاءل، ويا
صاحب البلوى تفاءل
فيجب على كل مسلم أن يجعل الهموم همّاً واحداً ألا وهو إرضاء الله تعالى
وإحسان ما يلاقيه به يوم معاده إليه ووقوفه بين يديه حتى يوقى السوء
ويلقى الخير كما قال تعالى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ
الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ حَتَّى إِذَا
جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ
صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا
وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَإِذَا نُفِخَ
فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا
يَتَسَاءَلُونَ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ
خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ
النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ﴾ المؤمنون: 97.
بقلم الأستاذ/ قسول جلول
إمام مسجد القدس حيدرة