لا يجوز للإنسان أن يدخل ساحة الحوار قبل أن يستكمل أدواته العلمية والعقلية. منها أن يكون المحاور عالماً بالمسألة التي يريد أن يحاور فيهافموضوع الحوار والعلم بتفاصيله، والتسلح بالحجج والبراهين المؤيدة له سلاح فعال في يد المحاور الناجح، يمكنه منالوقوف على أرض ثابتة، وليس رمال متحركة.
إلى جانب ذلك، التكافؤ في الحوار أي أن يكون هناك تكافؤ بين المتحاورين، أي أن يكونا متقاربين من الناحية العلمية والثقافية، وفي العقل والفهم، وإلا فإن الغلبة ستكون للجاهل، وفيذلك يقول الإمام الشافعي: (ما ناظرت عالماً إلا غلبته، وما ناظرني جاهلاً إلا غلبني)
تحديد موضوع الحوار ونقطة الاختلاف،فقد يختلف المتحاوران في مسائل عديدة، وليس على مسألة واحدة، ثم يحدث الحوار في مسألة أخرى، بدون أن يتفق على المسألة الأولى، فيتشعب الحوار ويطول في أمر فرعية بعيدة عن موضوع المحاورة، ولهذا يكون الحوار عائماًلا زمام له، سائباً لا ينتهي إلى نتيجة.
أهتم الإسلام بالحوار اهتماماً كبيراً، وذلك لأن الإسلام يرى بأن الطبيعة الإنسانية ميالة بطبعها وفطرتها إلى الحوار، ويدعو الإسلام إلى الالتزام
بالآداب المرعية على من يريد المشاركة في أي حوار؛ لينجح بحول الله تعالىفي تحقيق الأهداف المطلوبة، ومن آداب الحوار:
المحاورة بالحسنى:من أهم ما يتوجه إليه المحاور في حواره التزام الحسنى في القول، والمجادلة، ففي محكم التنزيل يقول تعالى: ﴿ وَقُل
لِعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾
التواضع بالقول والفعل، وحسن الاستماع والعدل والإنصاف و الحلم والصبر، قال تعالى: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ
وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
الحوار الإيجابي الصحي هو الحوار الموضوعي الذي يرى الحسنات والسلبيات فيذات الوقت، ويرى العقبات ويرى أيضًا إمكانيات التغلب عليها، وهو حوار صادق عميق وواضح الكلمات ومدلولاتها وهو الحوار المتكافئ الذي يعطى لكلا الطرفين فرصة التعبير والإبداع الحقيقي ويحترم الرأي الآخر ويعرف حتمية الخلاف في الرأي بين البشر وآداب الخلاف وتقبله.
بقلم الأستاذ /قسول جلول
باحث وإمام بمسجد القدس