بقلم سمير قاسيمي
الساحة الثقافية في الجزائر غير مستعدة لأي نوع من الصراحة والشفافية. غير مستعدة لاحتضان مثقفين نزهاء ولا حتى الاعتقاد بوجودهم أو تخيل امكانية وجودهم.
أملك زاوية نظر أخرى في قضية الراهن الثقافي تقوم على مسألتين في غاية الأهمية بالنسبة لي: الأولى هي النضال الثقافي بما يعنيه ذلك من أخلاق ونزاهة. والثانية أن يملك المتحدث في الشأن الثقافي نظرة شاملة للواقع الثقافي، بما يعنيه ذلك من ضرورة امتلاك القدرة على طرح البدائل.
زاوية نظري هذه منعتني من التوقيع بيانات نشرت في النت، فمنذ ظهوري في الساحة الأدبية اخترت لي مكانا بعيدا جدا عن المؤسسة الثقافية الرسمية، فأنا لا أقبل تماما أن توفدني وزارة الثقافة باسمها ككاتب أمثلها في أي نشاط ثقافي، سواء تعلق الأمر بالمعارض الدولية على غرار ما يحدث عندما تكون الجزائر ضيفة شرف، أو ما تعلق بأي سفرية ثقافية كالأسابيع الثقافية أو غيرها.
إنه خيار شخصي بقدر ما أعرف أنه يضر بي من حيث الظهور الإعلامي، بقدر ما يجعلني في منأى عن كل اتهام أو مساءلة أو حتى رد لأي جميل.
إيماني بالنضال الثقافي هو إيمان بضرورة أن يكون المناضل على قدر كبير من النزاهة والأخلاق التي تجعل من أي تصريح يقدم عليه لا يفهم في غير معناه أو سياقه، ولا يرجى منه أيضا تحقيق مصلحة شخصية مهما بلغت ومهما كانت تافهة،
لم أوقع أيضا، لأنني وأنا اشاهد هذا الحراك، وأقرأ تصريحات البعض وقفت عند حقيقة لم تعجبني: إنني أمام معركة لسانية: سب، شتم، اتهامات.، قذارة وتراشق خرائي نتن..، الخطير أن بعض من يصرح كنت شاهدا على حلبه في فترة ما بقرة الثقافة، هناك أيضا من استفاد من مشاريع بملايين الدينارات، بمبالغ أنا خريج الرياضيات قد أخطئ في عدها.
كل ذلك يحدث، من غير أن أقف عند تصريح واحد يقدم البدائل التي يجب أن يملكها كل من يريد قلب أي واقع ثقافي كان أو سياسي.
مشكلتي شخصيا لا علاقة لها بميهوبي أو بتومي أو بأي وزير للثقافة في الجزائر، بل بالسياسة الثقافية التي لو أحسنا وضعها واتفقنا بخصوصها، لن يكون أي وزير قادم إلا مجرد منفذ لها. إننا في دولة لا تملك سياسة ثقافية، ولا رؤيا ولا حتى تعريفا واضحا للثقافة، ولا مجلة ثقافية تحفظ ماء الوجه.
كيف يمكن ونحن في عام 2018 أن نجد من المقبول كلما مرض فنان أو كاتب أو طرد من مسكنه أن نستجدي وزير ثقافة لإنقاذه. كيف يمكن لوزارة الثقافة أن تكون وزارة ومنتجا للفعل الثقافي في نفس الوقت، ونحن سعداء بهذا الواقع، وحين نرفع صوتنا لا نرفعه إلا للحصول على دعمها وما تلقيه إلينا؟ متى نستقل عن المؤسسات الرسمية؟ متى نتحرر من الرعاية السامية؟ متى نفرض نحن واقعنا؟ متى نصبح نخبة حقيقة لا ننتظر عطف السلطة بل نفرض عليها ما نرغب فيه؟ متى نصبح سضاغطة، قوة موازية لأي مؤسسة حتى وزارة الثقافة؟… هذه الروح الاتكالية تجعلني أسائل المشتعلين في الحقل الثقافي أن يتحدوا لا لإسقاط ميهوبي أو أي وزير بعده، بل لإيجاد أرضية ثقافية ننطلق منها.
بالنسبة للكتاب والمؤلفين، هناك جهل حقيقي بقانون المؤلف وبجدوى الديوان الوطني لحقوق المؤلفين، والذي بالمناسبة لم يعد يمثل للأغلبية شيئا، ولبعض مدعي وسماسرة الثقافة والأدب إلا صندوقا يمول سفرياتهم إلى الخارج بالتذاكر ومصاريف الرحلة.