نتكلم عن الجبهة الداخلية بتبادل للاتهام بين القطاعات وبين الأفراد،والجماعات الكل يدعو إلى الإنقاذ والإصلاح فماذا أعددنا وماذا ننتظر بعدهذا ؟نتتبع برامج تليفزيونية كسائر الناس فشد انتباهي برنامج يبين مرض كرونا
انتشارا عدد المصابين بالآلاف عدد المتوفين  بالآلاف عدد الذين تماثلوا للشفاء …

…وكنت أتابع برنامج الاستعداد لليوم الأسود…..كن مستعدا ! يهدف إلىتعليم أفراد المجتمع كيف يتعاملون مع الشدائد والصعاب والكوارث والمحن
الطارئة،وكما تعلمون أن العلاقة بين الإنسان والأيام والعلاقات داخل المجتمع وبين الأمم هي علاقة تداول وعلاقته مع الطبيعة هي علاقة تعامل،فكيف يتعامل ويتفاعل في الصراء والضراء ؟ وكيف يتعلم من دروس الآخرين؟
فالطريقة الوقائية من الجميع في دولة  الصين وكيف خرجت من هذا الوباء ليست عنا ببعيد …وبعض الدول تهاونت وتعاملت مع جائحة كورونا …فاصبحت
تعد موتاها بالآلاف ،وهناك دروس وعبر تؤخذ من دراستنا للتاريخ الذين سبقوه في هذه الدنيا ،فيعلمنا التاريخ أن أمما تلاشت وزالت من فوق الأرض بسبب أخطائها وعدم
استعدادها ،وحدثنا التاريخ عن أقوام كقوم عاد وقوم صالح وقوم ثامود كيف أهلكهم اللهبذنوبهم ،وحدثنا عن أفراد رجالا ونساء كقارون وفرعون وهامان الخ
وحدثنا عن قرى ((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً
مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَان فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا الله لباس الجوع والخوف)).سورة النحل. !!لأنهم لم يستعدوا لليوم الأسود ولم يأخدوا بأسباب البقاء فهم في غفلة ساهون !
فالصورة ماثلة أمام أعيننا وقراءة واضحة لجائحة كورونا التي اجتاحت العالم ـ اللهم إجعل لهم مخرجا وفرجا ماهي العبرة والمواعظ التياستفدنا منها ؟

فنتكلم كثيرا عن محبتنا لوطننا ونعلم أن الأمن القومي لبلادنا في خطر بسبب ما هو واقع عند جيراننا من اللاأمن   فماذا أعددنا ؟
ونتكلم بملإ أفواهنا بأن الأمن الفكري لبلادنا مهدد ونعلم بدخول أفكار وقناعات عند مفكرينا وصناع الرأي من مثقفينا ….!!!  فماذاأعددنا ؟ونتكلم بغيرة عن ديننا وعن إسلامنا  ونعلم أن فكرنا ومرجعيتنا الدينية في
خطر تهددها الملل والنحل وحتى الطوائف !! فماذا أعددنا؟ونتكلم عن اقتصادنا بتحاليل مختصين  … …نحن مقبلون على  اقتصاد حرب لا قدر الله ، فماذا أعددنا ؟
نتكلم عن الجبهة الداخلية بتبادل للاتهام بين القطاعات وبين الأفراد والجماعات الكل يدعو إلى الإنقاذ والإصلاح فماذا أعددنا وماذا ننتظر بعد هذا ؟
ونبدأ بمرض كورونا الذي يهدد وجودنا على وجه الأرض فما ذ ا أعددنا للدفاععن  أنفسنا وأولادنا هذا الخطر الداهم ألا يجدر بنا أن نتذكر قول الشاعر العربي لقيط بن يعمر الأياد ***قوموا
قياماً على أمشاط أرجلكم *** ثم افزعوا قد ينال الأمن من فزعا
يا لهفَ نفسي إن كانت أموركم شتى َّ وأُحْكِمَ أمر الناس فاجتمعا
وقد أظلّكم من شطر حدودكم     هولُ له ظلم تغشاكم قطــــــــعا
مالي أراكم نياماً في بلهنية وقد ترونَ شِهابَ الحرب قدسطعا
إن مسارُنا على خطى الأسلاف فاظفر به واحذر صدى الإرجاف!
فلقد علمتنا الحياة بأن الدنيا حلوة خضرة وأن الله مستخلفنا  فيها لينظر
كيف نعمل …ّّ!
فالوقاية الوقاية …
فالدنيا دار بلاء وابتلاء وامتحان فهي كالطائرة ترجف القلوب وترعب النفوس في السماء ، فكيف يكون حالنا عندما تطل علينا مضيفة الطائرة في أول ظهور لها قبل تقديم الطعام والشراب ،تقدم لنا طريقة النجاة والتحذير واليقضة وكيفية الخروج من الطائرة فيحالة النجدة وما هي الوسائل المستعملة .
كذلك المجتمع نعلمه كيف النجاة في حالة الأخطار والتحذير واليقظةبالتضامن وبالتعاون وبالتآخي ليس بالكلمات والمقالات وإنما بالأفعال والتوجهات .
فالأخطار كثيرة تحوم حول بلادنا فاليقظة والوقاية ضرورة دينية،واجتماعية فالمجتمع كالسفينة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في،حديثه مبينا فيها بالتمثل العملي الأخطار والمصائب وأهمية الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر لدرء المفاسد ،فالمؤمن في الدنيا لا يأمن على صحته ولا على ماله ولا على أهله ولا على
عشيرته ولا على وطنه فيأخذ الحيطة والحذر من الغفلة … قال صلى الله
عليه وسلم: لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عنخمس: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه
وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟. رواه الترمذي.
وأن المؤمن  يعلم أن الدنيا لا تستقر على حال واحدة وأنها دار لأعمال الخير والشر والأحزان والمسرات والمصائب والابتلاءات والتقلب من حال إلى
حال.

وإن الله تعالى يداول الأيام بين الناس كما قال سبحانه: وتلك الأيام نداولها بين الناسوأن واقع الناس اليوم يشهد مآس مؤلمة وبلايا موجعة وفساداً وضلالاً ونكبات وذلا وهوانا في كل البلدان ،وحتى العالمية منه ومنها هنا يستلزم يقظة الضمير لكل شرائح المجتمع. والاستعداد لكل طارئ والدفاعع،ن وطننا وديننا وقيمنا ولتحقيق ذلك يستلزم:

*الضمير الحي اليقظ: هو صوت الحق الذي يوقظ صاحبه من غفلة فيرده عن ظلم
أويدفعه لعمل صالح ينفعه بما يدافع به عن نفسه وأهله ووطنه..
*الضمير الحي اليقظ: بأخذ الاحتياطات والعمل بالتوجيهات لمحاصرة مرض
كورونا ولا يكون ذلك إلا بالتعاون
الضمير الحي أي النفس اللوامة التي تلوم صاحبها وتزجره إذا ماأخطأ فسرعان
مايتوب ويرجع إلى الله: وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
الضمير الحي اليقظ تلكم المانع أو السد المنيع الذي يحول بين صاحبه وبين معصية الله عزوجل وظلم العباد والتهاون في الدفاع عن البلاد لأن المعاصي
مجلبة لغضب الله على المجتمع.الضمير الحي اليقظ هو ذلك الهاتف الذي ينادي صاحبه دائماً بأن الله معكم
أينما كنتم والله بما تعملون محيط.
الضمير الحي اليقظ: هو الذي يذكر صاحبه دائماً بأن الله سيحاسبه علىالصغير والكبير والنقير والقطمير عن الأمانات  كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته..
الضمير الحي اليقظ: هو مقام الإحسان والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك فبمراقبتك لله تدافع عن أرض الله وعن عباد الله فبطاعته تجلب التآخي والمحبة.فبطاعته تجلب الشفاءإنَّ الضمير الحي اليقظ يُنجي صاحِبَه منَ المهالكِ ويُبعدُه عَنْ شرِّ المسالكِ ومن صفاتِ الضميرِ المؤمنِ أَنّ صاحِبَه دائمُ التذكّرِ فإذ
همَّ بأمرِ سوء ارتدعَ وانزجرَ وابتعدَ عن المعاصي وأدبَرَيقولُ اللهُتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ
مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) )الأعراف.
ولذلك وُصِفَ الضميرُ الصالحُ بالحيِّ اليقظِ فهو حيٌّ ما دامَ
نورُهوهَّاجَاً فكانت نفسُه لوَّامةً ووُصِفَ الضميرُ الطالحُ بالميِّتِ متى ما انطفأَ نورُه فكانتْ نفسُه أمَّارةً بالسوء لا يتألم لآلام
الآخرين.*(من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم).
إن تربية الضمير وتقوية الوازع الديني في نفوس الناس فيه سعادة الأفراد،والمجتمعات والدول وهو بمعنى اليقضة الدائمة للمجتمع وبدونه لن يكون إلا
مزيدا من الشقاء وعندما يباع الضمير وتختفي اليقظة ستجد من يخون أمته،ويبيع وطنه ويدمر مجتمعه..
وعندما يباع الضمير أو يغيب من النفوس تهمل الواجبات وتضيع الحقوق،والأمانات ويوسد الأمر إلى غير أهله وتظهر الخيانات وتحاك المؤامرات،وتقدم المصالح الشخصية الضيقة على مصالح المجتمع والأمة .. **
فلنحذر من الغفلة وبيع ضمائرنا ولنتذكر قوة الله وقدرته وعلمه …
** الضمير اليقظ يقي صاحبه من المهالك!!
إن مراقبة الله في السر والعلانية من الأهمية بمكان وينبغي للعبد أن يراقب الله في جميع أحواله وأقواله وأفعاله وحركاته وسكناته لأن الله أقرب إليك من حبل الوريد قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ
مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} (ق: 16.
ذلك الضمير الحي اليقظ الذي جعل محمداً صلى الله عليه أشد حياًءً منالعذراء في خدرها وكان يستحي من الله أن يراه على معصية ولو صغيرة فما أحوجنا في هذه الأيام إلى يقظة الضمير وإلى الإعداد والاستعداد حتى نبني
هذا الوطن ونحافظ عليه.إن الضمير في الإنسان واليقظة هو حارسه وراعيه وهو مسعده أو مشقيه هذا
الضمير الذي لا يشاهد بالعين ولا يرى بالمجهر ولا يعرف عن طريق تشريح الأطباء لأنه ليس بقطعة من جسم الإنسان إنما الضمير الإنساني محله القلب فإذا صلح صلح كل شيء وإذا فسد فسد كل شيء قال صلى الله عليه وسلم (أَلا وإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وإذَا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهيَ القَلْبُ) رواه
البخاري.
فالضمير الحي اليقظ يدفع الإنسان نحو الطريق القويم والعمل الراشد فكم يؤنب الضمير الحي اليقظ صاحبه على سوء أفعاله حتى يصل به إلى الإقراروالاعتراف على سوء الاختيار والاقتراف ويجد من ضميره محاكمة لا يقدر علىالتخلص مما يرد عليه منها من اللوم والتعنيف فيكون داخله صراع عنيف ولوم شديد بين نفس أذنبت وضمير نادم وفي ذلك قال تعالى في المتقين أصحاب
الضمائر اليقظة {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواَْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْوَمَنيَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى  مَافَعَلُواْوَهُمْ يَعْلَمُونَ}آل عمران135. فالضمير الحي اليقظ دائما يعاتب صاحبه ويجعله يحاسب نفسه وينظر ما قدم لنفسه استجابة لأمر الله تعالى ولأمر رسوله
قال تعالى:- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَد وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّاللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) الحشر18.يقولُ ابنُ كثير _ رحمه الله
_ في تفسيرِ قولِه تعالى: {وَلْتَنظُرْنَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَد }:
((أي حاسبوا أنفسَكم قبل أن تحاسبواوانظروا ماذا ادخرتُم لأنفسِـكم من الأعمالِ الصالحةِ ليومِ معادِكم
وعرضِـكم على ربِكم واعلموا أنه عالمٌ بجميعِ أعمالِكم وأحوالِكم لا تخفىعليهِ منكم خافية ولا يغيب عنه من أموركم جليل ولا حقير و لذا حث المصطفى
صلى الله عليه وسلم على إيقاظ الضمائر الإنسانية والوطنية وصحوتهاومراقبة الله عز وجل فى الحركات والسكنات أمام الناس وفي الظلمات.

بقلم الأستاذ:قسول جلول
باحث وإمام مسجد القدس حيدرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *