بقلم:مشري بن خليفة
اشتغلت في بداية حياتي العملية في بداية الثمانينيات بالصحافة والتي كانت حلمي الذي بذلت كل جهدي لتحقيقه ، كنت قد بدأت الكتابة في نهاية السبعينيات ، ولما نلت شهادة البكالوريا بالجزائر العاصمة ، ذهبت للتسجيل في معهد الاعلام ، وسألتهم عن برنامج التكوين ، فاستغرب الموظف سؤالي ، فقال لي لما تطلب البرنامج ، أريد أن أتعرف جيدا عن المقاييس التي سوف ادرسها في الصحافة ، فجاءني بالبرنامج اطلعت عليه لم اجد مقياس اللغة العربية وفنيات التعبير فيها ، ولم اجد اي مقياس له صلة بممارسة الكتابة العربية وقواعدها ، فأعتذرت من الموظف بتسليمي الملف ، قررت عدم التسجيل في معهد الصحافة ، ذهبت الى جامعة الجزائر المركزية وسجلت تخصص أدب عربي ، من ثم كانت البداية بدخول عالم الصحافة ، بالرغم أن اسمي الادبي سبقني ، كانت الانطلاقة بالعاصمة من جريدة الشعب ، كنت أكتب بهذه الجريدة ذائعة الصيت ، كنت اكتب فيها الى جانب صحفيين كبار وكتاب لهم شهرتهم في ذلك الوقت تعلمت منهم كل التقنيات و أخلاقيات المهنة ، ثم بعد ذلك صحفيا بصحيفة أضواء الى جانب صحافيين شباب ، أستطاعوا فرض خطاب اعلامي مغاير ، اذكر منهم عبدالعالي رزاقي واحميدة العياشي و عبد القادر دعميش وحورية بن شبيرة ومحمد هلوب واحمد ختاوي وغيرهم كثير ، وبعد ها غادرت أضواء و بدأت العمل بمجلة المجاهد الاسبوعي التي كانت مدرسة صحفية بأتم معنى الكلمة ، وفي نفس الوقت كنت أكتب في العديد من الجرائد الاخرى ، كنا نناضل من اجل الثقافة ونشرها والتعريف بها وتقديم الادباء الشباب في تلك الفترة الثمانينيات ، وكان نصالنا ايضا من اجل حرية التعبير وتغيير قانون الاعلام في زمن الحزب الواحد ، فكانت حركة الصحافيين الجزائريين التي كنت انتمي اليها ونناضل في اطارها باعتبارها تنظيم مستقل لكا الصحفيين ، ولم تكون بيننا اي حساسية معربين او مفرنسين ، وانما كانت اهدافنا واحدة ومتطابقة الدفاع عن المهنة وحماية الصحفي ، خاصة في الاجر والسكن ، وكنا طرفا في تغيير قانون الاعلام الذي جاء فيما بعد بالتعددية الاعلامية في عهد حكومة حمروش ، باعطاء كل الصحافيين حقوقهم المادية كتسبيق في تأسيس جرائد مستقلة ، وكانت مرحلة رائعة في النهوض بقطاع الاعلام ، وبدات مرحلة جديدة فعلا في الصحافة الجزائرية ، وفي بداية التسعينيات ولاسباب مختلفة خاصة الامنية غادرت العاصمة باتجاه الجنوب ، حيث عينت من قبل المجاهد الاسبوعي مسؤولا عن المكتب الجهوي للجنوب الشرقي بورقلة ، فكانت تجربة اخرى في الاعلام المحلي بتغطية كل الاحداث بالجنوب الشرقي مراسلا من ورقلة المضيافة ، ودخلت البلاد في دوامة العنف فاصبح العمل الصحفي اكثر خطورة ، استشهد في هذه المرحلة العديد من الاصدقاء الصحفيين ، وكانت تضحياتهم مؤلمة ولكنها في الوقت نفسه اصرارا على ضرورة الدفاع عن المهنة وعن حرية التعبير ، ثم غادرت الصحافة بعد ذلك الى الجامعة . اذكر كل هذا حتى يعرف البعض ان الصحافة والاعلام هو مهنة المتاعب حقيقة ، وهونضال يومي من اجل افتكاك المعلومة ،. وبمناسبة اليوم الوطني للصحافة اترحم على كل زملاء المهنة ، وابارك لكل الزملاء الذين ما زالوا مرابطين في الذود عن الحق في الاعلام والدفاع عن حرية التعبير وأخلاقيات المهنة . قد تتسنى لي الظروف واكتب عن هذه المرحلة بشئ من التفصيل، خاصة فيما يتعلق بالاعلام الثقافي والادبي الذي كان اكثر حضورا في تلك الفترة المزدهرة ثقافيا .