بقلم: جهيدة رمضاني
حبك قمحة سرية ..طمرتها في أعماقي، أحبك أكثر من أي وقت مضى، لكني مازلت أمارس طقوس العشق على طريقتي الخاصة …مازلت أتذكرك فأكتظ بالعسل وأشعر بنعيم الهوى وصفاء الهواء ..أحبك أمي” نذير مصمودي
“هذه لغتي وأنا لا أستعر بها “، جملة قالها الراحل في لقاء مع الزميل الإعلامي قادة بن عمار في برنامج هنا الجزائر..أن تطالك التهم فقط لشاعرية لغتك، وأن تضطر للرد على الجميع وتقول هذا أنا، أن تتحرر من العقد، والعادات المريضة، والقبلية، وسوء الظن، وتطلق العنان للكلمة الحرة، عندها فقط تصبح الكلمات ناعمة ويصبح بحر أشعارنا خرافي أزرق يقول الراحل ويواصل الكتابة…”ما أحلى المرأة حين تمارس حقها في الجنون، وتتحول إلى طفلة عابثة يملؤها الغرور، في الجزائر للأسف تعاقب المرأة على هذه الحالة الجميلة أو تتهم بالجنون المحيل الى المستشفيات العقلية وسيارات الإسعاف واش يجيك من بلاد يقول فيها مغنيها “قلبي وقلبك عند البوشي معلقين”..” ، وواش يجيك من بلاد يحفظ أطفالها عن ظهر قلب ” نديرله الطيحة، ونروحله للحومة ونلبسله جيلي كونبا”.
رغم هذا نتعلم الأمل في غد أفضل، كأن نبلغ النضج ما بلغ بلدنا سن النضج السياسي، وقبل بتداولنا على حبه كل على طريقته، إنها علاقة الحب التي لن نتبادلها مع حكامنا وعباقرتنا ومبدعينا ..فلهم تنسب الأوطان أيضا وينسب شرف الحب، لذا نجد النشاز حاضرا دائما في كل ثنائية .. فنضطر لقطعه كمن يضغط على زر المذياع فجأة لأنه ضيع أثيره ودخل حيزا متذبذبا، هكذا فجأة يصبح الصمت سيد المكان وأحيانا بمسبات تعوض النشاز فتنقله الى نشاز من نوع اخر.
نذير مصمودي رحمه الله أنموذج لمثقف و”لكلشيه” سنفتقده كثيرا، أينما حط كان الرقي يتبعه، يشي به، متنقلا بين بلدان وأماكن ونساء ، كانت أمه حتما الأكثر حظا منهن جميعا، تتعلم منه ذلك الهدوء وذلك الشجن في صوته الذي لم يفارقه الى اخر لحظاته يقول صديقه حسان زهار، كان متواضعا مع الحفاظ على تلك المسافة الفاصلة بينه وبين الاخرين، وبينه وبين كل ما هو رديء، أنيقا أناقة من يأكل في حي شعبي بأعماق العاصمة، يتحدث بصوت منخفض كمن يعتذر عن علمه وسط الجهال وعن وجوده خطأ في مكان ما.
قال في اخر أيامه ممازحا صديقه الإعلامي حسان زهار” تمنيت أن أملك طاولة لبيع السجائر على حافة الرصيف خير من تكسار الراس انتاع الصحافة ” ..أضحك لأني تذكرت دراسة أخيرة تحذر الرجال من الزواج بصحفيات لأنه من جملة ما سيعانونه، سيتزوجون امرأة تفكر يوميا قبل نومها في الاستقالة وأكاد أجزم أنها حقيقة.
صاحب عمود ” نصف كلمة” بجريدة الشروق اليومي في التسعينات، وصاحب عمود “قطرة حبر” بجريدة الحياة مؤخرا..يقول في صمته الكثير ممن عجزت اللغة عن قوله..نكتفي بقراءته والمحاولة، محاولة ماذا الكل يسأل؟ محاولة أن يكون المرء جميلا أليس من قال ” لا تحاول أن تكون جميلا، لأنه أفشل مشروع في الجزائر؟” .
نذير مصمودي رحمك الله
جميل