لا يفرق البعض بين ماهو فرح وما هو حزن و لايفرحون و لا يعرفون حقيقة الفرح؛ الحزن دائم على وجوههم ، وعلى مظاهرهم الفرح يخاف منهم بل لايفرحون ويأمرون بعدم الفرح.
إن من أهم أسباب الشعور بالحزن المستمر عند بعض الناس هو طرد الفرح من حياتهم حتى لو أتى إليهم ضيفا كالعيد راجيا مجاورتهم وإدخال الفرحة والسرور عليهم لطردوه بعيدا ، وبالفعل قد يبالغ بعض الناس في وصف أحزانهم ونكبات حياتهم ويرون أنهم ليس لهم نصيب من السرور والفرح في هذه الدنيا .
وهذا خطأ وليس من الدين قال الله تعالى (قل بفضل الله وبرحمته فبذالك فاليفرحوا ….)
فإن لكل أمّةٍ عيد يأنسون فيه ويفرحون،وهذا العيد يتضمَّن عقيدة هذه الأمة وأخلاقَها وفلسفةَ حياتِها، وعيد الأضحى قد شرعه الله تعالى لأمّة الإسلام، قال الله تعالى: ((لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا))الحج:34،
وعيد الفطر يكون بعدَ أداء ركنٍ مِن أركان الإسلام ألا وهو الصيام فالعيد في معناه الديني شكر لله على تمام العبادة، والعيد في معناه الإنساني يومٌ تلتقي فيه قوة الغني، وضعف الفقير على محبة ورحمة وعدالةٍ من وحي السماء، عُنوانُها الزكاةُ، والإحسانُ، والتوسعة.
والعيد في معناه النفسي حدٌّ فاصلٌ بين تقييدٍ تخضع له النفسُ، وتَسكُنُ إليه الجوارح، وبين انطلاق تنفتح له القلوب ، وتتنبّه له الشهوات. والأعياد في الإسلام لها أخلاق وآداب منها : الفرح والسرور بقدوم العيد : فالعيد جعل للفرح والسرور.
لا لتجديد الهموم والأحزان بزيارة المقابر يوم العيد لأحد الأقارب…أو الوالدين ..أو الأبناء فيس الإنسان بفقدهم والفراغ الذي تركوه في العائلة ….وهذه المحبة تجعلهم يتذكرونهم يوم العيد يجتمعون صغارا وكبار يبكون لساعات والأبناء الصغار قلوبهم طرية يبكون أكثر من الكبار أي
نتعاون على البكاء ….ونتعاون على طرد فرح العيد ونجعله يوم حزن ،والنبي صلى الله عليه وسلم شرع لنا الفرح يوم العيد : قالت عائشة رضي الله عنها: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني، وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد، فزجرهم عمرُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
«دعهم،أمنًا بني أرفدة». أخرجه البخاري.
وسمّي العيد بهذا الاسم لأنّ لله تعالى فيه عوائد الإحسان، أي: أنواع الإحسان العائدة على عباده في كل عام، منها: الأكل والصدقة والتوسعة على العيال ، وصدقة الفطر ، ولأنّ العادة فيه الفرح والسرور والنشاط والحبور غالبًا بسبب ذلك
ففي العيد يستريح الأشقياء ويشمون ريح السعادة، ويتنفس المختنقون في جومن السعة، وفيه يذوق المُعدمون طيبات الرزق، ويتنعم الواجدون بالطيبات من الرزق .
ففي العيد تسلسل النفوس الجامحة قيادها إلى الخير، وتهش النفوس الزكية إلى الإحسان. وفي العيد تنطلق السجايا على فطرتها، وتبرز العواطف والميول على حقيقتها.
ومن العجب العجاب أنه في يوم عيد الفطر يقل الطعام ومن السنة التوسعة على العيال والإكثار من الصدقة ..كان إلى وقت قريب يوم العيد نأكل فيه أجمل الأطعمة وأشهاها ولا تكون حتى في الأيام الأخرى لكن نحن عكسنا الأمر
أي فرح في يوم عيد الفطر ينعدم فيه الخبز والإطعام كما شاهدنا في السنوات الماضية تغلق المطاعم وينقلب الأمر من التصدق إلى الحاجة للطعام أي عيد!!؟
وما سن الاغتسال والتطيب والتزين :إلا لطرد الأحزان لأن المظهر يعبرعن المخبر وإلا لو كان الحزن في العيد لأمرنا أن نلبس لباس رث ولا نتطيب ، ولا نتزين .
فإن من سنن العيد إظهار الفرح والسرور و الحرص على الاغتسال والتطيب والتزين ولبس الجديد،عن نافع أنّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهم كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى. أخرجه مالك في الموطأ. وثبت أنّ
ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل في هذين اليومين. أخرجه مالك في الموطأ بسند صحيح ويستحب التزين في العيدين في اللباس والطيب عند عامة الفقهاء , و أنّ التجمل يوم: الجمعة، والعيد، واستقبال الوفود كان مشهورا إعلموا أن العيد له مكانة عظيمة وأداب سامية يجب أن يعرفها
المسلم والمعايدة (كان أصحاب رسول اللَّه إذا التقوا يوم العيد يقولبعضهم لبعض:( تقبل الله منا ومنكم ) وقد جرت العادة في كثير من المدن بالتهنئة بقول: عيدكم مبارك، أو كل عام وانتم بخير فإن قالها فلا حرج .وما يفعله الناس اليوم من التواصل والتواد والزيارات في العيد أمر محبوب ، لأنه مظهر من مظاهر صلة الأرحام والقيام بحق البعيد والقريب ،
قال ابن رشد :سئل مالك عن التهاني للقرابة في يوم العيد والتزاور فأجاز ذلك … فصلوا أرحامكم .وأحسنوا إن الله يحب المحسنين .
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وعيدكم مبارك …
بقلم الأستاذ/ قسول جلول
باحث وإمام مسجد القدس حيدرة