قالت الفنانة و الممثلة اللبنانية كارمن لبس ،في حوار خصت به موقع الصباح الجديد، أنها تفتخر بهويتها اللبنانية، و تعتبر وطنها مقبرةً لطموحها ،متمنية في الوقت ذاته ،أن تصبح الدراما قدوة لكل المجتمع حتى يتطور أكثر.
حاورتها : نوال سلماني
ولأنها أنثى رائعة قد سكنت وتربعت على عرش الجمال، استحى الجمال في حضورها، فصارت سيدة هائمة في شخصيتها متقدة ومنبهرة لطبعها وطيبتها، تخاف الكلمات أن لا تنصفها، إن أقبلت هي الأنشودة المميزة، ذات صفات راقية وشخصية أصيلة، تتسم بالجمال حضوراً، وإن غابت محبوبة بين الناس، استقبلتني بشفافية روحها النقية وصدقها، هي إنسانة تحدت ظروفها وولجت الحياة من أوسع أبوابها عابرة إلى النجاح والتميز، إنها الجوهرة اللبنانية الثمينة الذكية، والذهب الخالص، كارمن لبس نجمتنا القديرة.
*بداية أرحب بك في هذا الحوار الذي أسعدتني به
_وأنا أسعد بالحوار معك
*كيف هي نفسية نجمتنا القديرة بعد هذا الحجر الطويل؟
_لا أعتقد أن نفسيتي أو نفسية الغير جيِّدة، فلا أحد قد توقع أن نصل إلى هنا، فقد يخطر ببالنا عدة أمور بشعة ولكن أبشع من هذا الوضع لم يحدث أبداً.
*عندما ترى كارمن نفسها في المرآة، هل ترى إنسانة مختلفة عن السنوات الماضية؟ أم ما تزال كارمن نفسها لم تغيِّرها خطوب الحياة؟
_نعم هناك الكثير من القصص قد تغيرت، فقد أصبح عندي نضج ووعي أكبر ولم أعد أعلق على بعض التفاصيل السخيفة، وصرت أسامح كثيراً، وتبقى هناك قصص تقف عندها مبادئي وطباعي التي يصعب علي تغييرها، ولليوم مازلت أصدق الناس وأعود وألوم نفسي قائلة:«لمَ لا أغيِّرها»، ولكن في الأخير أقتنع أن طبع الإنسان لا يتغير بسهولة، ولست غاضبة من شيء فالحياة فعلاً تغير، وخاصة وضع المرأة بمجتمعنا العربي فهي عكس الرجل عندما تصبح وحيدةً يجب أن تقف في وجه المجتمع، وأن تثبت نفسها أضعافاً مضاعفةً فالحياة وبصدق علمتني الكثير، و أوجعتني في كثيرٍ من المواقف ولكن الحمد لله ما أزال أقف وبقوة وسأناضل وأستمر.
*بماذا تنصحين النساء المعنفات؟ واللاتي يتعرضن للتحرش والضرب من قبل الأهالي؟
_انصحهن أن لا يخفن من نظرة المجتمع لهن، إن أردن أن يفصحن بما يقلقهن وأن يقلن لا، فبالنسبة لي لا يوجد شخصٌ ضعيفٌ فالإنسان حرٌ، ويجب أن يطالب بحريته وحقوقه وأن يمنع الناس من أذيته، وبالنسبة للتحرش، يجب أن ترفع المرأة صوتها وأن تحكي عن قضيتها حتى تحصل على حقوقها الكاملة، وأعلم أن من الصعب أن تصرح بهذه الأمور ولكن يجب أن تقاوم وأن لا تستسلم للوضع، وخاصة إذا كان العنف من قبل الأب، أو الأم أو من أي شخصٍ، ينبغي أن تقول لا، لأنها انسانة خلقت حرة وستبقى حرة.
*كيف ترى كارمن الوضع اللبناني بصفة عامة؟
_أعتقد أنه لا يوجد كلمة أو جملة أو أي شيء يمكنه وصف الوضع اللبناني الحالي، فأقل شيء سيقال أنها. -(زريبة)- أو فوضى وأنا أحس أن ماقلته قليل جداً في وصف الحالة، للأسف.
*هل وصلتِ للحد الذي تمنيتِهِ في الحياة، أم لم تبلغي أمانيك بعد؟
_مازلت لم أصل لكل أمنياتي التي تمنيتها ولكن لقد تحقق لي جزء بسيط.
*قد يراك المعجبات في الوطن العربي من خلال الشخصيات التي تؤدينها القدوة لهم في الحياة، فهل ترى كارمن أن تلك الشخصيات كافية لإيصال رسائل حياتية متنوعة؟ أم لك وجهة نظر مختلفة؟.
_القدوة كلمة كبيرة تحملني مسؤولية، وأتمنى من خلال أعمالي أن أستطيع إيصال رسائلَ مفيدة، فبالنسبة لي الدراما ليس للتسلية وحسب بل نستطيع من خلالها توعية المجتمع على قضايا تتناول مشاكل مجتمعنا بأسلوب مسلي بدون تنظير ممل، فأتمنى أن تصبح الدراما قدوة لكل المجتمع حتى يتطور أكثر.
*كارمن كإنسانة، متى تشعرين حقاً بالرضا التام في يومياتك أو عملك؟
_أشعر بالرضا التام عندما أرى السعادة بوجوه من حولي، إن كان بعمل أو بحياتي الخاصة.
هل هناك شيء مختلف حدث لك غيَّر مفهوم الحياة لديك؟
_لقد عشت في بيئة مغلقة، لأن أبي «رحمه الله»كان يخاف علينا ويحمينا، وقد كنت قريبة جداً من أهلي، حتى ظننت أن كل الناس هكذا، ولكن الآن الجميع يحس أن هناك ذئاباً خارجية ترغب بنهش لحومنا فيجب أن يحمي كل شخص نفسه، فالقصص التي مررت بها وواجهتها لوحدي جعلتني أرى الحياة من منطلق ثانٍ، فقد يحدث أن أظلم البعض بالخطأ أو أمنح الثقة للبعض فأتلقى صدماتٍ لم أكن اتوقعها، لذلك وضعت حصناً لنفسي لكي لا أُظلم أكثر من الحياة ومن البعض، فالحياة قد لا تكون جميلة وبلمسة منا نجعلها جميلة من وجهتنا الخاصة، ومهما جربنا أراها تصعب أكثر فأكثر.
*من أقرب الناس إليك؟ وماذا تتمنين إعطاءه أكثر مما يتخيل؟
_ابني، وأمي التي أتمنى أن تعيش طويلاً لتبقى تاجاً فوق رؤوسنا، ولكن ابني هو نقطة ضعفي وأتمنى أن أعطه كل شيء حتى حياتي أن احتاجها.
*ماذا فقدت كارمن في الحياة، وجعلها تسارع لمنحه لكل محتاج؟
_إنه سؤال كبير ومتشعب، لقد فقدت أبي لأنه أعز الناس إلى قلبي، وبسب عملي كممثلة لم أمنحه الوقت الكافي للبقاء معه أكثر قبل وفاته رحمه الله، وحالياً أحاول التعويض لأمي بالجلوس معها أيام العطل، بالنسبة لي ما الذي أعطيه لكل محتاج، قد تكون مشورة أو القوة التي أجرب منحها للنساء والبنات، أو نصائح بخصوص الحياة.
*هل تشعرين بتأنيب الضمير أحياناً، بسبب شيء ما، وما هو؟
_أعتقد أن الجميع يشعر بتأنيب الضمير، وتأنيب الضمير متواصل داخلي، وفي كل يوم عندما أحاول النوم يمر شريط النهار أمامي فقد أكون أغضبت شخصاً بدون قصد مني، أو إذا تفوهت بكلمة غير مناسبة في وجه انسان، أجلس وأفكر فيهم ويأنبني ضميري كثيراً لمَ فعلت ذلك؟، وكان المفروض أن اتصرف هكذا نعم أعاني من تأنيب الضمير المستمر كل يوم، وهذا شيء أراه جيّد في حياتي..
يظن البعض أن المشاهير لا هم لهم، ولا حزن لهم، ولا تعب فقد توفرت لهم كل سبل الحياة، بماذا تجيبينهم؟
مطلقاً هم بشر لديهم مشاكل وضغوطات مثل الباقيين، ولكن تبقى حسب الأشخاص فلا يمكن أن نعمم عند المشاهير أو عند بعض الناس، فمثل ما قال المتنبي ذو العقل يشقى في النعيم بعقله، وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ، فمن عنده عقل ويفكر لن يكون مرتاحاً بالحياة، فليس كل المشاهير يمتلكون العقل، وليس كل المشاهير بلا عقل، فمن عنده عقل سيتعب إذا عمل عملاً ناجحاً بسبب حجم المسؤولية وكيف سيتقدم، فالمشاهير لديهم تعب أكثر من غيرهم، قد يكثر معجبيهم وعندما يتقدمون في السن تقل الأضواء عليهم لذلك أغلبهم يشعرون بالإحباط، وقد تنتهي بالانتحار بسبب الفراغ والوحدة، فالحياة ليست بالسهلة عند المشاهير رغم التسهيل الذي يحظون به، إلا أن التفكير في كيفية الخروج والتجول لوحدهم يصعب عليهم الحياة، فالمشهور حياته ليست له.
ماهو أفضل عمل قدمتيه في حياتك الفنية، وجعلك الآن تسعدين كلما تذكرتيه؟
أفضل عمل تلفزيوني هو ابنة المعلم، لأنه من أهم الأعمال التي قدمتها والذي أسميه السهل الممتنع لأنه نخبوي وجماهيري والذي يصعب أن نجده في بعض الأعمال كالسينما والمسرح، فعندما قدمت المسلسل وصلتني عدة رسائل من الناس مفادها أن أبناءهم أصبحوا يحبون التعلم والعلم والمدرسة، فمن خلال قصة ابنه المعلم استطعنا إيصال عدة رسائل للجيل الجديد، وبالسينما قدمت بيروت الغربية، وماتريده لولا.
كارمن كأم، هل وفرت لفلذة كبدك ما يتمناه كل ابن؟
كأم أحس أنني قصرت جداً مع ابني لأنني تزوجت صغيرة وتطلقت صغيرة، فكنت أواجه الحياة وابني معي، وكلانا نتربى معاً، فلم أقم لأحضر له الأكل لدى ذهابه للمدرسة أو عند عودته لا أذاكر معه دروسه، فقد كنت أبحث عن حياتي بالدراسة والتمثيل فهذه المساحة في الحياة لم استطع إعطاءه إياها من حنان واهتمام، لذلك أنصح كل المقبلين على الارتباط أن لا تتزوجوا وأنتم صغار فالحياة طويلة عيشوا واستمتعوا وعندما تنضجون تزوجوا وانجبوا وامنحوا أبناءكم ما تعلمتموه من الحياة، من اهتمام وحبٍ حتى يسعدوا في حياتهم، فهكذا سيكون المجتمع سليم خالٍ من المشاكل، وقد منحت ابني الحرية للخروج واختيار مايناسبه في الأخير أولادكم ليسوا لكم، بل هم أبناء الحياة، وكآباء وأمهات لا يجب الضغط عليهم ومحاصرتهم ففي النهاية أنجبناهم حتى يعيشوا أحسن منا.
وجهي رسالة لابنك لم تذكريها يوماً أمام أحد.
أتمنى أن يعود الزمن للوراء حتى أمنحك كل شيء حرمت منه، من حنان وحماية فهذه الأمور ندمت عليها فليتني أستطيع العودة للوراء لتعويضك، لكن هذه هي الحياة.
ماذا تعني كلمة لبنان لنجمتنا؟
أنا أفتخر بهويتي اللبنانية، واعتبر وطني مقبرةً لطموحي.
بم تنصحين الشباب والشابات في لبنان من أجل قضية الوطن؟
انصح الشباب أن يحبوا بعضهم حتى يستطيعوا أن يحبوا وطنهم فلا تحبوا الأشخاص أو الزعماء لأنهم راحلون، فالوطن والأرض هما الأساس والبلد بلدكم ولبنان بيتكم ومثلما تحافظون على بيوتكم ونظافتها حافظوا على لبنان ولا تفكروا في مصلحتكم الشخصية فكروا كمجموعة لأنه كلما كنتم يداً واحدة كنتم أقوى وجعلتم الوطن صالح.
ماهي آخر أعمالك الفنية؟
آخر أعمالي سيبث وهو عشرين عشرين وأنا أعتمد عليه لأن الدور جديد علي سيبث في رمضان الكريم، وهناك عمل اسمه رصيف الغرباء حالياً يبث عبر قناةLBCاللبنانية طيلة شهر رمضان، كما أنني أجتهد حالياً على مسلسل على الحلوة والمرة والذي سيبث بعد شهر الصيام.
وجهي كلمة لمحبيك في الوطن العربي
_لكل الذين يحبونني شكراً على محبتكم الرائعة، التي تمدني بالقوة وتجعلني أعمل بطاقة أكثر حتى أوصل لكم أعمالاً رائعة وحتى لا أخذلكم، وأتمنى أن تفكروا بمحبة لذلك فلتحبوا الطبيعة والأرض والحيوان لأنه جزء من هذه الأرض ولنحب بعضنا أكثر، فالحب هو الأساس وهو الذي يعطي الأمل ويجعلنا نعيش في مستقبلٍ أجمل.
في ختام حوارنا أتمنى لك نجمتنا التوفيق والنجاح الدائم في أعمالك الفنية والحياتية، وشكراً مرة أخرى على منحي هذه الفرصة رغم ضيق الوقت.
شكراً لك الأديبة والإعلامية الجزائرية نوال سلماني على الأسئلة الجميلة التي تحمل الكثير من العمق كما أشكر كل القائمين على الجريدة.