احتضنت قاعة ابن زيدون بالعاصمة أمس الثلاثاء 29 أكتوبر 2024، العرض الشرفي الأول لفيلم “الحكيم فرانز فانون” للمخرج عبد النور زحزاح، وذلك في إطار تنظيم العروض الأولى للأفلام السينمائية التي تم تدعيمها من طرف وزارة الثقافة والفنون عن طريق المركز الجزائري لتطوير السينما.
وتناول الفيلم في مدة 90 دقيقة محطات هامة من حياة ومسار المناضل فرانتز فانون ضد الاستعمار الفرنسي أثناء فترة إقامته كطبيب نفسي بمستشفى البليدة من 1953 إلى غاية 1956، كما سلط الفيلم الضوء على التوجه السياسي والفلسفي لفرانتز فانون ومعاداته للعنصرية والكولونيالية بالإضافة الى أساليبه العلاجية التي جمعت بين تخصصه العلمي وانسانيته المميزة.
وقدم الفيلم جانبا كبيرا من السيرة الذاتية لفرانتز فانون، خاص من خلالها في تفاصيل حياته كطبيب ومناضل بالإضافة الى اشتغاله كطبيب نفسي وفيلسوف اجتماعي في الفترة الممتدة ما بين 1953 و1956، وهي فترة التحاقه بمنصب رئيس قسم بمستشفى الأمراض العقلية بالبليدة الذي يحمل اسمه حاليا، حيث عمل المخرج عبد النور زحزاح على إظهار التزام هذا الطبيب الإنساني، خاصة خلال عمله بمستشفى جوان فيل بالبليدة اين سخر كل جهوده من اجل معالجة ومداواة مرضاه المسلمين وتحسين وأنسنة الممارسات النفسانية التي كانت سارية حينها ومحاربة العنصرية السائدة في المؤسسة، التي كانت آنذاك اشبه مركز احتجاز اذ لم يكن حينها قبول المرضى إلا لعزلهم أكثر سيما عن “العالم المتحضر” وبالتالي التخلص من مشاكلهم المزعومة من جهة وتقسيمهم حسب عرقهم الأوروبي أو المسلم و بالتالي تحديد طبيعة العلاجات الطبية التي يتم وصفها من جهة أخرى، الا ان فرانتز فانون وبعد توليه منصبه كرئيس مصلحة، تمكن من احداث تغييرات كثيرة وثورة في الممارسات معتمدا طبيا على مقاربات أكاديمية جديدة تقوم على مفهوم “الطب النفسي العرقي” والذي أعطى نتائج ملموسة، كما أرفق هذا المسعى بإنشاء العديد من الهياكل و النشاطات الاجتماعية و المجتمعية على غرار إنشاء مقهى عربي والاحتفال بالأعياد التقليدية والخرجات والقصص والأشعار التي كانت لها نتائج ايجابية في العلاج الاجتماعي.
كما لم يتوقف فانون عند هذا الحد، بل تقرب بصفته رئيس مصلحة من مرضاه و مستخدميه، حيث كان ملتزما فكريا وسياسيا بنضال اكبر يتمثل في مكافحة الاستعمار و الإدماج والعنصرية وجعل منه قضيته إلى غاية وفاته في سنة1961 جراء سرطان الدم.
وقد شارك في أداء أدوار الفيلم ثلة من الممثلين على غرار الممثل الفرنسي الكسندر ديزان، الى جانب عدة فنانين جزائريين أمثال رشيد بن علال، عمر بولعقيربة، شهرزاد كراشني، والموسيقي سليم دادة.
للتذكير، سبق لفيلم فرانتز فانون الذي انتجته شركة “اطلس فيلم”، المشاركة في العديد من التظاهرات السينمائية الدولية على غرار الدورة الـ74 لمهرجان برلين السينمائي الدولي (برلينالي) بألمانيا، مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، واللقاءات السينمائية لبجاية في دورتها لهذه السنة.
كوثر خليدة