بقلم:عبد العزيز بوباكير
محمد بجاوي من المشاهير الذين ولدوا وبأفواههم ملعقة من ذهب. تبوّأ مناصب وزاريّة ودبلوماسيّة حسّاسة، منها وزارة الخارجيّة في حكومتي بلخادم وأويحي، ورئاسة المجلس الدستوريّ، وقبل ذلك كان رئيسا لمحكمة لاهاي الدوليّة. يفتخر أنّه “حرّاق”، فقد عاش أغلب عمره خارج الجزائر وكان، حسب رواية رضا مالك، لا يعتبر نفسه جزائريّا ليتملّص من دفع الاشتراكات لفيدراليّة فرنسا لجبهة التّحرير. وأكّد أنّه “حرّاق” بامتياز حين ترشّح لرئاسة اليونسكو باسم دولة الكومبودج كردّ فعل غاضب على تأييد الجزائر لترشّح وزير الثّقافة المصريّ فاروق حسني. ولعلّ أفضل نعت له هو ما قاله عنه هواري بومدين “مرتزق القوانين” Le mercenaire des lois. فقد كان وراء ديباجة كلّ الدساتير الجزائريّة بالتّعاون طبعا مع صديقه وزير العدل الفرنسيّ بادنتير.
أشرف على صياغة دستور 1976، فطلب منه عبد العزيز بوتفليقة أن يدرج مادة تستحدث منصب نائب رئيس الجمهوريّة. وكان بوتفليقة يريد المنصب لنفسه بالطّبع، أي يصبح وليّا للعهد! ولأنّ المرتزق خوّاف اِتّصل بجاوي ببومدين مستفسرا الأمر، فكان جواب بومدين:”أنت كرجل قانون يمكنك أن تقترح أي مادة تريد إلاّ هذه”. هذه الرواية سمعتها من ثلاثة مصادر(الشاذلي بن جديد، الشريف بلقاسم، أحمد طالب الإبراهيمي).
وتدول الأيام ويصبح بوتفليقة رئيسا ويقترح عليه الجيش تعيين خالد نزار نائبا له، لكنّه رفض رفضا قاطعا حتى مجرّد الحديث عن الفكرة. هل فهمتم الآن لماذا كان بوتفليقة يردّد لكلّ من أراد أن يسمعه:”أنا لست ربع رئيس، ولا نصف رئيس، ولا ثلاثة أرباع الرّئيس!
عيش تشوف العجب في دولة كان وزير عدلها، وحافظ أختامها سنوات طويلة “حرّاق” من الكومبودج!