بقلم:قلولي بن ساعد / الجلفة

دأب بعض الباحثين في الأدب الشعبي الجزائري على وجه الخصوص إلا فيما ندر إعتبار تخصص الأدب الشعبي من أيسر التخصصات وأكثرها مرونة للإستجابة لنوازعهم الذاتية في مجانية التحصيل العلمي دون زاد أو جهد إجرائي أو منهجي من شأنه أن يعيد الإعتبار لهذا اللون من التراث بكافة مكوناته وروافده والأبعاد التي يحملها لإعتقادهم أن المنطلقات المسحية العائمة وثقافة التعريف والتراجم رؤية ومنظورا كفيلة بإستنطاق النص التراثي الشعبي، ولحد الآن لا زال هذا الفهم القاصر في تناول نص التراث الشعبي هو السائد بأقسام اللغة العربية وآدابها إلى الحد الذي جعل هذا التخصص أصبح يحمل صورة كاريكوتارية من كثرة المتهافتين عليه اعتقادا منهم أنه ” الممر الآمن ” ولا يتطلب جهدا مضاعفا خلافا للتخصصات الأخرى التي لا تجلب لهم سوى ” تكسار الراس” وربما قد لا يحالفهم الحظ ولا تمكنهم المتكآت والمرجعيات التي لا يتوفرون عليها لتجريب إمكاناتهم فيه، فبإستثناء بعض الجهود المتميزة ومنها على وجه الخصوص ما قدمه من مباحث نقدية الدكتور ” عبد الحميد بورايو ” الذي دأب في جل بحوثه النقدية التي نشرها على التعامل مع القصة الشعبية بإعتبارها نصا سرديا كبقية النصوص السردية ” العالمة ” بخصائصها التشكيلية والفنية والموضوعاتية واللغوية خاضعا إياها لقاعدة التحليل البنيوي الذي أرسى دعائمه النظرية فلاديمير بروب في كتابه الشهير ” مورفولوجيا الحكاية ” من وجهة نظر بنيوية، حيث نبَّه إلى أن الحكاية “ليست دائما بسيطة بل تحتوي على متتاليات حكائية وأنماط متعددة تتشابك فيها هذه المتتاليات ” وعبد الحميد بورايو ليس بالشخص الغريب على الأدب الشعبي فقد سبق له في بداية عهده بالكتابة الإبداعية في منتصف السبعينيات من القرن المنصرم أن قدم نصوصا قصصية أستوحى أجواءها من التراث الشعبي الجزائري ولس غريبا أيضا عن فتوحات الدرس البنيوي وما بعده فهو إلى جانب كونه باحثا في الأدب الشعبي يعتبر أيضا إلى جانب رشيد بن مالك والسعيد بوطاجين وحسين خمري والسعيد بن كراد وعبد العزيز بن عرفة وآخرين من المترجمين القلائل الذي قدموا للقارئ ترجمات في غاية النوعية تعرضوا فيها لتقديم بعض أو جه ومكونات النظرية السميائية السردية (تراث مدرسة باريس للسيميائية ) على وجه الخصوص للقارئ المعرب ولهذا أعتقد أن جهد فرد واحد أو مجموعة قليلة من الأفراد لا يكفي لقراءة بعض مناحي الأدب الشعبي قراءة علمية واعية لإخراج هذا التخصص من دائرة الشفوية والإستعجال والأسئلة الظرفية المجانية أو الإكتفاء بالوقوف عند لحظة نقدية مفصلية في تناول الأدب الشعبي تناولا نقديا هي الوظيفة الإجتماعية للأدب الشعبي التي أشبعت بحثا من خلال جهود الرواد الأوائل الذين أسسوا لبديات تمثل الأب الشعبي ومقاربته من الناحية النقدية السياقية على غرار أعمال الدكتور التلي بن الشيخ وأحمد الأمين وروزلين قريش والدكتور العربي دحو وغيرهم وهي رؤية بالطبع كانت مهمة في زمنها بالنظر لمنظومات المعرفة النقدية السائدة آنذاك ونحن لا ننكر ما لهذه الفتوحات الأولية من أهمية في السياق الثقافي الذي أنتجت فيه لكن لا يمكن الإكتفاء بها أو تكرار ما أنجز في دراسة الأدب الشعبي من الناحية السياقية والنسج على منوال الرواد بل لا بد من تحويل زاوية الرؤية والإستثمار المنتج لبعض فتوحات الدرس النظري المعاصر في تناول نصوص الأدب الشعبي تناولا جديدا لإخراج هذا التخصص من دائرة الشفوية والإستعجال والأسئلة الظرفية المجانية وعدم الإكتفاء بالوقوف عند لحظة نقدية مفصلية هي الوظيفة الاجتماعية للأدب الشعبي ولنا في بعض فتوحات النقد الثقافي ما يجعل من نصوص الأدب الشعبي خاصة النصوص السردية مجالا للدراسة الثقافية بالإتكاء على مبحث جديد هو مبحث “السرديات الثقافية ” كما قدم بعض مرتكزاته الأساسية من خلال الرواية الدكتور محمد بوعزة في كتابه ” سرديات ثقافية من سياسات الهوية إلى سياسات الإختلاف ” والتعامل مع السرد الشعبي بوصفه سردا ثقافيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *