بقلم الكاتب الجزائري: عماره بن عبد الله
هاهي وبفضل عزيمة وإصرار ووفاء الرجال، وأي رجال وهم أبناء الجزائر البررة ..!!، هاهي الجزائر الدولة والتاريخ والهوية تنتصر، بل وتهزم الأعداء التاريخيون لهذا الوطن المفدى، فعلا تنتصر لكونها تخطت عتبة الفراغ الدستوري، وفوتت الفرصة على المتربصين بها، لكي يتدخلوا في الشأن الداخلي، ومن ثم كانت الشرعية الدستورية التي أصر عليها السليل وقيادته المجاهدة المدركة، الدرع الصلب الذي ألجم كل الأطماع، وأسقط كل المخططات التآمرية في الماء.
أولا وقبل كل شيء نحمد الله حمدا كثيرا، أن الجزائر عبرْت المنعرج الخطير في هدوء وسلام، لأنه ومما لا شك فيه فقد شكل موعد الاستحقاق الرئاسي المؤجل مرتين كابوسا مرهقا للعقلاء، وارتسمت خلاله سيناريوهاتٌ كثيرة في أذهان الجزائريين، بين حلم الانتقال إلى عهد جديد أو الانتكاسة إلى مربع الفوضى، لكن هبة الوعي الشعبي أنجت بلاد الشهداء من السقوط في وحل الفراغ المُفزع، وهذا بفضل فطنة الشعب المتفاعل واليقظ والمنتِج، الشعب الذي رفض الدخول في متاهات المراحل الانتقالية، والمخاطر الجسيمة التي كانت ستشكلها، بفتح المجال أمام قوى غير منتخبة، تعينها السفارات الغربية، لكي تقود البلاد إلى صراعات طائفية وعرقية مدمرة، لن ينتهي بها الحال إلا على الطريقة السودانية التعيسة، وعليه تدمير كل المكتسبات واللجوء إلى مجلس تأسيسي، تكون فيه للأقليات اللغوية والدينية والإثنية، الدور الحاسم وحق الفيتو، في ترسيم مستقبل البلاد، وتدمير هويتها وتحويلها من باديسية نوفمبرية، إلى فسيفسائية مثلية، “يتسيد” فيها الشواذ جنسيا على أرض الشهداء.
مررنا ولله الحمد الى الهدف الاسمى، بلا إراقة قطرة دم واحدة، كالذي حدث بكل حصرة وأسى في بعض الدول التي تدعي زورا وبهتانا، أنها مهد الحضارة والرقي، مررنا في ثورة لم يسمع من أصواتها شعارا يدعو لفتح علاقات مع إسرائيل، لأننا أبناء شعب ثائر له قلب ينبض دائما وأبدا على قلب فلسطين، خلافا لما رأيناه من بعض رموز الثورات الأخرى، الذين انتهوا في مزابل التاريخ حين جاهروا بخيانة الوطن، مررنا في ثورة لم نسمع فيها أصوات الارتماء في أحضان الخارج، أو لبيع النفوس في أسواق النخاسة الدولية، بل سمعنا وسمع العالم أنه ربيع الاستثناء، ربيع يمكننا أن نصلح فيه أوطاننا دون أن نخونها، ربيع رأينا فيه جيشنا سليل جيش التحرير يترفع عن الخلافات، ويبقى إلى جانب الشعب وفيا له ولمبادئه، فحرص على حفظ الأمن دون قمع الناس وقتلهم، في صورة نموذجية قدمها قائده ذلك العسكري المؤمن بشعبه والحريص على وطنه والحكيم في تهدئة النفوس وضبط الأمور، ليسجل بذلك الجيش الوطني الشعبي، وقيادته الوطنية، بأحرف من ذهب تاريخا غير مسبوق في العالم العربي، بل والعالم بأسره، عن جيش يحمي ثورة الشعب، فيرافق سلمية الجماهير في الشارع، كل هذا حدث في الجزائر لان بها شعب وجيش بفطرتهما وغريزتهما، وبعقيدتهما المستنسخة عن أبجديات ومبادئ ثورة نوفمبر، يرفضان التدخل في شأن غيرهما، إلا إذا كان من أجل إصلاح ذات البين والمساهمة في إطفاء نار الفتنة، كما يرفضان رفضا قاطعا وبأي شكل من الأشكال، أن يتدخلا غيرهما في أمور بيتهما، خاصة إذا كان من جهات مشبوهة لا يأتي منها ومعها إلا الشر. الجزائر انتصرت بأبنائها، برجالها ونسائها، بالمؤيدين منهم والمعارضين، بالذين هم في الداخل أو أولئك الذين يتحرقون شوقا إلى وطنهم في خارج البلاد، انتصرت بالحراك العظيم في بداياته العظيمة، وبصموده طيلة هاته الشهور، وبالصندوق الانتخابي الذي أغلق كل منفذ للهزيمة، وها نحن أصبح لدينا رئيس منتخب سيقود قاطرة الوطن نحو مزيدا من الرقي والازدهار، لذا يجب أن يثبت هذا الانتصار ونفتح بمختلف توجهاتنا ومشاربنا أبواب الحوار الحقيقية، وأن نستمع إلى بعضنا البعض، هنيئا نصرنا المبين عاشت الجزائر ولا نامت أعين الأعداء.