بقلم:جباب محمد نور الدين
جملة استفزازية واحدة أو ما يشبه الجملة من طرف وزيرة التربية كانت كافية لاستنفار وتعبئة وتجنيد وتحريض العمق الأنثروبولوجي أو الروحي للمجتمع، وجعلته يتحدى وزيرة التربية في” عقر دارها” كما جعلت الكثير على أتم الاستعداد أن يذهب بعيدا في” الصمود والتصدي والتحدي ” ويرفع شعار” إن زدت زدنا “، ولا استبعد أن تترك تلك الجملة أثارها وتكون لها تداعيات، هنا وهناك بعيدا عن الإدانة والتمجيد ،درس التاريخ يعلمنا أن استفزازالعمق الأنتروبولوجي للمجتمع بخاصة في المجتمعات التي لاتزال تعيش ركودا تاريخيا، يكون في لحظات تكون فيه القوى المهيمنة على السلطة السياسية قد وصلت إلى حدودها التاريخية وفقدت شرعيتها ولم تعد تملك ما تقدمه للمجتمع ،في هذه اللحظة التاريخية تلجأ تلك القوى إلى افتعال قضابا زائفة من أجل تزييف وعي المجتمع وتوجيهه وإلهائه وصده عن قضاياه الواقعية الحقيقية الملموسة التي تمس مباشرة حياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وقد ذهب القوى المهيمنة بعيدا في تزيف الوعي من أجل بقائها واستمرارها في الحكم حيث تلجأ داخليا إلى إشعال حروب هويات طاحنة ،وخارجيا، قد تلجأ إلى حد افتعال حروب السؤال الذي يجابهنا: هل تصريح وزيرة التربية الاستفزازي يدخل في سياق تزييف الوعي والتعمية الأيديولوجية ؟
إن المتابع للشأن العام يتكشف أن نظام الحكم يعيش أزمة سياسية عميقة وانسدادا سياسيا خطيرا لم تشهده الجزائر منذ تحقيق الاستقلال، لأن اللحظة الراهنة مختلفة وفريدة عما سبقها منذ استقلال الجزائر حيث الأزمات عرفت حلولا سريعة وبدائل فورية،
إن من يتابع الوضع السياسي الراهن سوف يكتشف أن النظام يعيش أزمة متعددة المستويات ، فهو من جهة يعيش أزمة بنيوية و وصل إلى حدوده التاريخية ولم يعد قادرا على الاستمرار ،ومن الجهة الأخرى هو غير قادر على إعادة أنتاج نفسه ، ومن الجهة الثالثة ، غياب قوى حقيقية منظمة وفاعلة داخل المجتمع قادرة أن تكون البديل
هل يوجد من أسر في أذن الوزيرة وقال لها “اصدعي بما تؤمرين “؟ أم أن السيدة الوزيرة تصرفت من بنات أفكارها ؟ في الحالة الأولى هو إفصاح صريح عن إفلاس نظام الحكم، وفي الحالة الثانية إفصاح صريح أيضا ، لكن عن تفكك نظام الحكم، وفي الحالتين إفصاح صريح أننا نعيش أزمة عميقة تهددنا دولة ومجتمعا