أحيا  اليوم مجلس الأمة سبعينية اجتماع الستة التاريخيين (23 أكتوبر 1954- 23 أكتوبر 2024) بمنتدى الذاكرة 
من تنظيم “جمعية مشعل الشهيد” واليومية الوطنية “المجاهد” .

وبالمناسبة ؛ألقى السيد ساعد عروس، رئيس المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي ؛كلمة نيابة عن رئيس مجلس الأمة السيد صالح قوجيل ؛ قال فيها ان الحديث عن ميلاد جبهة وجيش التحرير الوطني هو مناسبة جليلة تؤكد أن صدى ثورتنا المجيدة والتضحيات الجسام لشهدائنا الأبرار، باقية دائما وأبدا في ذاكرة الشعب وفي تاريخ البلاد، وهي فرصة متجددة نجدد فيها العرفان للشهداء والمجاهدين، والامتنان للمجد والشموخ اللذين قدموهما للجزائر، وللطريق التي عبدتها تضحياتهم أمام أجيال الاستقلال لمواصلة مسار البناء وخدمة الوطن ؛ قائلا :”تمر اليوم سبعون عاما على ثنائية النصر التاريخية، والتي يستحضرها الوجدان بكثير من الفخر، إنها سبعينية لقاء الستة التاريخيين، مفجري أعظم ثورة تحريرية في التاريخ المعاصر، وسبعينية تأسيس جبهة التحرير الوطني، وذلك قبيل الاحتفال بسبعينية ثورة أول نوفمبر 1954، والتي اختير لها شعار معبر: “نوفمبر جديد، وفاء وتجديد”..

وليضيف السيد قوجيل ؛نحن نسترجع ملاحم الثورة التحريرية المباركة، يتوقف بنا شريط الأحداث عند مرحلة مفصلية قادتها مجموعة الستة، وعند ظروف ميلاد جبهة التحرير الوطني التي فجرت الثورة،.. حيث شرع أعضاء “اللجنة الثورية للوحدة والعمل” في الإعداد للثورة والتخطيط لها، فدعوا إلى عقد اجتماع لدراسة الوضع واتخاذ موقف موحّد لإنقاذ المشروع الثوري، واتفق الجميع على دعوة باقي أعضاء المنظمة السرية، المُلاحقين من طرف الإدارة الفرنسية عبر أنحاء الوطن، لينعقد هذا الاجتماع التاريخي بتاريخ 24 جوان 1954،بمنزل المناضل”إلياس دريش” بحي “المدنية” حاليا (CLOS SALEMBIER )، ثم جاء لاحقا دور ما عرف بلجنة الستة ، حيث قرر قادتها في آخر اجتماع لهم بتاريخ 23 أكتوبر 1954 بـ “الرايس حميدو” (بوانت بيسكاد POINTE PESCADE سابقا) بالعاصمة، تجسيد الخطوات العملية لتفجير الثورة التحريرية في الفاتح نوفمبر سنة 1954،يقودها التنظيم الثوري الجديد، الذي حَمَلَ اسم “جبهة التحرير الوطني” (F.L.N) وتسمية جناحها العسكري بـ “جيش التحرير الوطني” (A.L.N)..
أولى هذه الخطوات تمثلت في تنفيذ عدة عمليات فدائية بمختلف مناطق الوطن استهدفت عدة مراكز للدرك والثكنات العسكرية ومخازن الأسلحة ومنشآت اقتصادية. وبالرغم من محاولات السلطات الاستعمارية التقليل من قيمة هذا الحدث الثوري بتقليل عدد هذه الهجمات، إلا أن مجموع العمليات المسلّحة ضد المصالح الفرنسية كلفها خسائر فادحة على كافة المستويات.. زيادة على أن تزامن تلك العمليات في توقيت موحد وفي مختلف أرجاء الوطن، أربك الاحتلال الفرنسي ومن والاه، وهو في الواقع كان مقصودا، الهدف منه تكريس البعد الوطني للثورة التحريرية المباركة.
وإذا كانت فرنسا الاستعمارية قد انتابتها صدمة عنيفة من العامل الفُجائي لقيام ثورة نوفمبر، فإن قيادة الثورة قد حرصت من خلال قراراتها الحكيمة، على إحداث قطيعة جذرية مع المقاربات السابقة في النضال ضد الاستعمار، وتبني الكفاح المسلّح باعتباره السبيل الوحيد لاسترجاع الاستقلال والسيادة، وذلك بعد تعبئة الشعب الجزائري في معركة التحرير الوطني، تجسيدًا لمِا جاء في بيان أول نوفمبر، إلى أن افتكت الجزائر حريتها واستقلالها في الخامس جويلية من سنة 1962. يضيف المتحدث ذاته.
وفي الاخير؛أكد رئيس مجلس الأمة في كلمة ألقاها نيابة عنه السيد ساعد عروس ؛ حرص رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على مواصلة الانتصارات باستكمال بناء الجزائر الجديدة المنتصرة التي يتمسك فيها الجزائريات والجزائريون بهويتهم وبالقيم النوفمبرية، وتُحفظ فيها الذاكرة الوطنية وتُخلد، وتترسخ الممارسة الديمقراطية وتتوسع المصفوفة الوطنية للحقوق والحريات وتُكرس التنمية وتُمكن المرأة ويُشرك الشباب بفاعلية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية..
ومن هذا المنبر النوفمبري الكريم في جمعية مشعل الشهيد..، ومن وحي هذا الاسم الحامل لمعاني الاستمرارية والوفاء لأمانة الشهداء، أدعو بنات وأبناء الجزائر من أجيال الاستقلال إلى الاقتداء بتضحيات شهداء الثورة التحريرية في سبيل الوطن، من أجل الاستلهام من الماضي وفهم مستجدات الحاضر ومجابهة تحديات المستقبل،.. كما أحيي مؤسسة الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني بحق وجدارة، ومعه كافة المصالح الأمنية التي تشكل مجتمعة جدارا وطنيا حصينا، يصد مطامع ومؤامرات المتربصين بالجزائر .. فالقصد المنشود يبقى أولا و أخيرا، الحفاظ على هذا الوطن لأجيال اليوم والغد، يقول قوجيل .
كمجاهد عاش أهوال الاستعمار وعايش نعيم الاستقلال وتحدياته لاسيما في سنواته الأولى، أوصى قوجيل  بمواصلة مسار تشييد الجزائر الجديدة المنتصرة التي يرسي دعائمها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، والقائمة على الحق وقوة القانون والمواطنة الواعية المستندة على الإرث النوفمبري،.. كما أدعو كافة فئات الشعب الجزائري وعلى رأسها الشباب إلى عدم النسيان، والالتحام بثوابت الأمة والتحلي بمزيد من اليقظة والأداء الخلاق لتحقيق تنمية شاملة في ظل دولة وطنية قوية ومزدهرة..
إن المحافظة على الجزائر هي أصدق رسالة إلى الشهداء الأبرار والمجاهدين الأخيار، أن اطمئنوا فإن عهدكم محفوظ، وأمانتكم مصانة، وها هي جزائر الإرادات كما أردتموها،.. ماضية بشموخ نحو أمجاد جديدة وتغيير حقيقي وفعلي بأدواته الملائمة ومهارات أبنائها الأكفاء،.. جزائر ديدنها العمل، تخوض تحديات التنمية والتقدم وتعزيز الاستقرار بخطى ثابتة، بقيادة ابنها البار الرئيس عبد المجيد تبون، الذي أعاد توحيد الجزائريين حول هدف الاستقلالية والريادة كما وحدهم بيان أول نوفمبر حول هدف الاستقلال والسيادة،.. فالجزائر التي دفعت أكثر من خمسة ملايين شهيد من أبنائها وصمدت 132 عاما تحت نير استعمار استيطاني غاية في القسوة والإجرام، ثم حملت لواء مناهضة الاستعمار في العالم، وساندت حق الشعوب في الحرية وتقرير المصير، لا تليق بها سوى الريادة في كل شيء، ولا جزاء يضاهي عبقرية السلف التي غيرت وجه التاريخ وأعادت ترتيب موازين القوى في العالم، إلا أن يكون الخلف رائدا وقائدا وأولا، لا يسبقه الأولون.يختتم السيد صالح قوجيل كلمته .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *