روى الترمذي في سننه (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ ((كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ )) .
بداية لا بد أن نكون على علم ويقين بأن كُلّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءُونَ ، ولَا يَخْلُو مِنْ الخطإ والْخَطِيئَةِ إنْسَانٌ ،وذلك لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ البشر مِنْ الضَّعْفِ والنقص ،فالأخطاء هي إحدى حقائق هذا
الكون، وهي جزء لا يتجزأ من كياننا نحن البشر كثرة العتاب من أهم أسباب فقد الأحباب، إذ إنَّه يُرسل برسائلَ سلبية كثيرة من العاتب إلى المعتوب عليه، أبرزها: أن العاتب لا يحتمل لأخيه
أدنى شيء منه، وأنه دائما ما يسيء الظنَّ بأخيه، وأنه ينظر إليه بعين الاتهام بالتقصير، وكلها أمور تنتهي بالصداقات الراسخة، والأخوة الصادقة إلى القطيعة الدائمة، لذلك كان على المسلمين معرفة القواعد المثلى في تطبيق العتاب بين الأحباب.
لقد حرص الإسلام أشد الحرص على تماسك المجتمع الإسلامي بكل مكوناته، تماسك الأسرة، تماسك الحي، تماسك المدينة، تماسك البلاد، تماسك الأمة بأسرها، ومن أجل ذلك؛قرر كل الأصول والقواعد التي تحفظ الوحدة والتماسك بين مكونات الأمة. ونظراً لأن الاختلاف سنة ماضية في الخلق والكون (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك…)
فقد أسس الإسلام لأدوات بقاء المودة والألفة ودوامها، ويُشعر بالرحمة، والقرب، والألفة.ولذلك نجد في القرآن الكريم كيف أن الله-جل وتعالى- كان يعاتب أنبياءه، ورسله، وعباده الصالحين، لذلك نجد في القرآن الكريم-وهو الكلام المعجز-الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه-نجد عتاباً لطيفاً، رقيقاً من الله-جل جلاله- لقمم خلقه، وهم الأنبياء والمرسلون، قال تعالى:(عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) [ التوبة 43] ، وقال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) [ التحريم 1] ، وقال: (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ) [ عبس 1 ـ 3].
وقال: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)
التوبة 118].
وعلى الرغم من أن العتاب لا يكون إلا بين المحبين؛ إلا أنَّه قد يخرج في أحيان كثيرة عن الطور، ويُؤتي عكس ثماره المرجوة، ويتحول لنصل حادٍّ؛ تُشق به العلاقات الراسخة، وتُهتك به المحبات الكبيرة، فالمسلم قد يعاتب أخاه المسلم لكن بلطف،لكن بمودة لكن بمحب.
القاعدة الأولى: إياك وكثرة العتاب، ، فكثرة اللَّوْم في الغالب لا تأتي بخير، ليس كلُّ لوم، ولكن كثرة اللوم والعتاب؛ فإنها تُنفِّر منك الصديق، وتبعد عنك المحب،وانظر إلى الأدب النبوي في تطبيق العتاب، فعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-قال: “لمَّا قدم رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم-المدينة أخذ أبو طلحة بيدي، فانطلق بي إِلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فقال: يا رسول الله، إن أَنَسَاً غلاماً كَيِّساً، فليخدُمْكَ، قال: فخدمته في السفر، والحضر، والله ما قال لي لشيء صنعتُهُ: لِمَ صَنَعْتَ هذا هكذا؟ ولا لشيء لم أصنعْه: لِمَ لَمْ تصنعْ هذا هكذا؟ ” فعلى الرغم من صغر سن أنس، إلا إن الرسول -صلى الله عليه وسلم-قد تألَّفه بترك المعاتبة؛ لما رَأى فيه من رشدٍ وكياسةٍ في معظم تصرفاته، والصغير لا يخلو من هفوات، ومع ذلك، لم
يعاتبه الرسول عليها؛ لعلمه أنها لا تنفك عن أحد في مثل سنه.
قال الشاعر:
إذا كنت في كل الأمور معاتِباً *** خليلَك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
فعشْ واحداً أو صلْ أخاك فإنِّه *** مقارفُ ذنبٍ مرةً ومجانبه
القاعدة الثانية: النظر بواقعية للخطأ، وتعني النظر بواقعية تجاه أخطاء البشر، فلا أحدَ يخلو من أخطاء، وفي الحديث: ” كُلُّ بَني آدمَ خطَّاء، وخيرُ الخَطَّائينَ التَّوابونَ “، ومن طلب صديقاً بلا عيبٍ أو خطئٍ؛ أفنى عمره قبل أن يتحقق له ما يريد، والواجب على المسلم عندما يرى أخاه
على خطأٍ، وعيبٍ؛ أن يبصره بالتعامل الأمثل مع هذا الخلل، فليس بعار أن يكون الإنسان مخطئاً، ولكنَّ العار الحقيقي أن يستمر على خطئه ويواصل الاحتفاظ بعيوبه، وهكذا ينبغي أن نقبل الآخرين على أنهم بشر يخطئون.
الثالثة: خذ بيد أخيك، كن بجواره عند الخطأ، ولا تتخلَّ عنه، وتتركْه غنيمةً باردة للشيطان، أزلِ الغشاوةَ عن عينَيِ المْخطئ؛ وحينما ترى خطأه؛ لا تتشنَّجْ، ولا تجحظْ بعينيك، ولا يتعكر صفو مزاجك، تمهل، قد يكون المخطئ قد غطي على عينيه، فلم يدر ماذا يفعل؟ وخير الهدي هدي
محمد-صلى الله عليه وسلم-بأبي هو وأمي وأمتي كلها ، فعن أبي أمامة الباهلي- رضي الله عنه-: أنَّ فتىً من قريش أتى النبيَّ- صلى الله عليه وسلم-فقال: ” يا رسول الله: ائذن لي في الزنا، يريد الزنا حلالا!؛ وعندها ثار الصحابة الكرام واستُفِزوا بشدة، وتألموا، وغضبوا، منْهم من قطَّبَ جبينه، ومنهم من قال: دعني أضرب عنقه، والنبي- عليه الصلاة والسلام- لم
يزدْ عن أنْ تبسَّم، وقرَّب الفتى إليه، وقال له: ” أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله، يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله، يا رسول الله، جعلني
الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أتحبه لخالتك؟ قال: لا والله، يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه، قال: فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء “.
عندئذٍ، يقول هذا الفتى دخلت على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وليس شيءٌ أحبَّ إليَّ من الزنا، وخرجت من عنده، وليس شيءٌ أبغض إليَّ من الزنا.
فهذا الذي يخطئ على عينيه غشاوة؛ حاول أن تُزيل هذه الغشاوة بهدوء، وبحكمة، وبصبر، وبحلم؛ فلعلَّه يعود إلى فطرته، ويعود إلى رشده.
القاعدة الرابعة: الكلمة الطيبة صدقة، هذا أصل من أصول الدعوة الإسلامية العظيمة، تجد أثرها وفعاليتها في كلَّ المجالات، فتَخيِّرُ أفضلِ الكلمات، وانتقاءِ ألطف العبارات؛ كفيلٌ بنزع فتيل أكبر المشكلات، وللكلمات أنوارٌ، إذا لمعتْ بروقها؛ أضاءت قلوب السامعين، وأنارتْ ظلمة الغافلين، فالمؤمن ليس بلعَّان، ولا طعَّانٍ، ولا بذيء، ولا فاحشٍ، ولا متفحِّشٍ، كما أنه ليس بفج العبارات، أو قاسي الكلمات، يجلد بسوط خيوطه من حرير؛ فيُحدثُ وقْعاً وأثراً، ولا يقطع لحماً، أو يُنزف دماً.
القاعدة الخامسة: إياك والجدل؛ إلا ما كان بالحسنى، غير ذلك، فهو المراء الذي يُرهق العقول، ويوغر الصدور، بالجدال؛ قد تخسر أقرب الأصدقاء، وأخلص الأحباب، ولو كنت محقاً. ذلك أن المجادل بعقله الباطن؛ يربط كرامته بأفكاره، فإذا أردت أن تنقض أفكاره بالحجة والبرهان؛ يرى أنَّك تنتقص من كرامته؛ فيزداد بها تشبثاً! فلذلك وجه النبي -عليه الصلاة والسلام-أصحابه
الكرام، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:” أنا زعيم ببيت في رَبَض الجَنَّة لمن ترك المِراء، وإن كان مُحِقّاً، وببيت في وَسَط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان
مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حَسَّنَ خُلُقَهُ “.
وفرق كبير بين المجادلة وبين الحوار، الحوار: تسوده المحبة، يسوده التفاهم، يسوده التواصل، تسوده رغبة في معرفة الحقيقة، بينما الجدال:يسوده الكبر، يسوده رغبة في تحطيم الآخرين، يسوده استعلاء، فإياك أن تجادل، لا تجادل، ولكن، ألق كلماتك الرقيقة العاتبة بأرقى أسلوب؛ فلعلَّ قلب المخطئ يلين.
القاعدة السادسة: الرفق مذلل الصعاب، فالرفق زينة الأمور، وزينة الكلام وزينة الرجال، وزينة الإسلام كله، وقد حض عليه الرسول الكريم في عدة مواطن، فقال- صلوات ربي وتسليماته عليه- :” إِنَّ اللهَ رَفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، ويُعطي على الرِّفْقِ ما لا يُعْطي على العنفِ، وما لا يُعطي
على مَا سِواهُ ” ، وقال : “إِنَّ الرِّفقَ لا يكونُ في شيء إِلا زَانَه، ولا يُنْزَعُ مِن شيء إِلا شانَه ” ، وقال ” إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِين، فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ ” ويعطينا مثالاً عملياً راقياً، في تطبيق النصيحة برفق-مهما كان العمل مستفزِّاً ومُنفِّراً، فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: ” أنَّ أعْرَابيّاً دخلَ المسجدَ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جَالِس، فصلَّى ركعتين، ثم قال: اللَّهُمَّ ارْحمني
ومحمداً ، ولا ترحمْ معنا أحداً، فقال النبيّ-صلى الله عليه وسلم-: لقد تَحَجَّرْتَ وَاسِعاً ، ثم لم يَلْبَثْ أن بالَ في ناحية المسجد، فأسْرَعَ إِليه النَّاسُ، فنهاهم النبيُّ-صلى الله عليه وسلم-وقال: إِنما بُعِثْتُم مُيَسِّرِينَ، ولم تُبْعَثُوا مُعسِّرِينَ، صُبُّوا عليه سَجْلاً من ماء، أو قال: ذَنُوباً من ماء ” ثم قال للإعرابي: ” إِنَّ هذه المساجدَ لا تصلحُ لشيء من هذا البول والقَذَرِ؛ إِنما هي لِذِكْرِ الله، والصلاةِ، وقراءةِ القرآن ” كلمات رقيقة-برفق- استولت على قلب الأعرابي،
وحققت المراد منها بكل يسر وسلاسة.
القاعدة السابعة: الإنصاف، وهو أعز خلق يتصف به الناس، وقليل من الناس من يتخلق بهذا الخلق في شتى أحواله، ذلك أن كثيراً من الناس قد يُنْصفون حال الرضا، فإذا حل الغضب، أو ضاق الأمر؛ نسوا الإنصاف، واتشحت قلوبهم بسواد الخصومة، فحينما تعاتب، اذكر الجوانب الإيجابية؛ فإن هذا يُشعر المعاتَب بالإنصاف إن ذكرت محاسنه، ثم نوهت بسلبياته؛ فهذا يدعو إلى الطمأنينة لك، أنك منصف، وأن الهدف من عتابك له ليس تجريحه، أو تقريعه، أو الاستعلاء
عليه، بقدر ما هو حبك له، وحرصك عليه، وإرادة الخير له. وهذا الإنصاف من معين النبوة الصافي: ” نِعْمَ الرَّجُلُ عبدُ اللهِ، لو كان يُصَلِّي باللَّيْلِ” هناك مديح، وهناك توجيه، وحديث آخر، عن أبي بكرة-رضي الله عنه-أنه انتهى إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-وهو راكع، فركعَ قبل أن يصِلَ إلى الصفِّ، فذكر ذلك للنبيِّ-صلى الله عليه وسلم-فقال: “زادَك الله حِرْصاً، ولا تعُدْ “.
إن أردت أن تعاتب، فابدأ بذكر الإيجابيات قبل السلبيات، عندها؛ تنفتح القلوب لقبول النصح والعتاب. والنفس البشرية الطاهرة البريئة مثل نفس الطفل، التي لم تشبْها شائبة الغل، والحقد، وحب الذات، حين تمدحه على عمل صغير؛ تراه يبذل لأن ينجز لك الجليل، وانظر لذلك الذي طوّع السبع المفترس في باحات العروض؛ كيف روّضه وهو السَّبُع الذي لا يعقل ولا يفهم، كلُّ ذلك بمدح القليل والتشجيع عليه.
القاعدة الثامنة : إحسان الظن مع التثبت، فتقديم إحسان الظن بين يدي المعاتبة؛ تقطع شوطاً كبيراً على طريق بناء الثقة، والتقدير، وزيادة الألفة والمحبة، وهذا أدب قرآني سامٍ، لا يناله إلا الصالحون، قال تعالى:( سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين ) [ النمل 27] ، وهو أدب نبوي راق، لا يعرفه إلا المحبون، مارسه الرسول-صلى الله عليه وسلم-بكل اقتدارٍ، ومهارةٍ مع حاطب بن أبي بلتعة، ومع الأنصار يوم حنين؛ فأثمرت ثماراً يانعةً، وأنواراً ساطعةً؛ بددتْ غيوم الشَّك، ووساوسَ الشِّيطان، الذي يجري من ابن آدم مجرى الدَّم.
فعن علي بن الحسين-رضي الله عنهما-: أنَّ صَفِيَّةَ زَوجَ النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورضي الله عنها، قالت:”كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم معتكفاً، فأتيتُه أزُورُه لَيلاً، فحدَّثتُه، ثم قُمْت لأنْقَلِبَ، فقام معي ليقْلِبَني-وكان مَسكنُها في دارِ أسامَةَ بن زيدٍ-فمرَّ رجلان من الأنصار، فلمَّا رأيا النبي-صلى الله عليه وسلم-أسرعا، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: على رِسْلِكُما، إنَّها صفيةُ بنتُ حُيَيّ، فقالا:سُبْحان الله! فقال: إنَّ الشيطان يجري من ابن آدم مَجْرَى الدمِ، وإني
خشيتُ أن يَقْذِفَ في قلوبكما شراً، أو قال: شيئاً ”
القاعدة التاسعة: إياك والمعايرة، من الأخلاق الذميمة، التي تكشف عن سوء الطوية وخبث النفس؛ خلق المعايرة. فالذنب شؤم على المجتمع؛ ويوجد مشكلةً مع صاحب الذنب، مع صديقه، مع أخيه، مع جاره، مع قريبه، صاحب المذنب، إن رضي بهذا الذنب؛ شاركه في الإثم، وإن ذكره للناس؛ فقد اغتابه، وإن عيَّره؛ ابتلي به.
إذاً هذا الذي أذنب كأنه مريض، فحاولْ أنْ تكون طبيباً، لا شامتاً! حاول أن تكون معلماً، لا معنِّفاً.
القاعدة العاشرة: إياك والمبالغة أو التهوين. فتضخيم الخطأ، أو تصغيره؛ من الأخطاء الشهيرة عند العتاب، فإنك حين تعظّم الحقير؛ توغر الصدر، وحين تحقّر العظيم؛ تفسد الأمر، ومن صفات العوام؛ أنهم يبالغون، فالخطأ الصغير؛ يكبرونه إلى درجة وكأنه جريمة! والخطأ الكبير يصغرونه-إن صدر من أحبابهم-وكأنه هفوة. والرسول صلى الله عليه وسلم حين علم أن أسامة-رضي الله عنه-قد قتل رجلاً؛ بعد أن نطق بالشهادة، اشتد في عتابه وإنكاره على أسامة فِعلتَه، حتى تمنى أسامة، ألا يكون قد أسلم إلا في هذا اليوم.
وعندما كسرت عائشة إناء صفية؛ لم يزد على قوله: ” غارت أمكم “، وألزمها بضمان ما أتلفته، لم يزدْ في عتابه، وتقريعه عن ذلك؛ لعلمه أن الغيرةَ بين النساء أمرٌ جِبِلِّيٌ.
الأستاذ /قسول جلول
باحث وإمام بمسجد القدس حيدرة