بقلم/ أ.مربوش أحمد رئيس مصلحة التراث الثقافي بمديرية الثقافة والفنون لولاية المدية
هو الفنان الكبير محمد المحبوب صفار باتي ،واحد من اعمدة الاغنية الجزائرية، رائد من رواد الاغنية الشعبية، مؤلف وملحن وعازف وكاتب كلمات، صاحب أشهر الأغنيات: البارح للهاشمي قروابي، راح الغالي راح لبوجمعة العنقيس، سالي طراش قلبي لعمر الزاهي، جاه ربي يا جيراني لعبدالقادر شاعو، والقائمة طويلة إنه محبوب باتي ابن مدينة المدية، فلنتعرف عليه أكثر.
اسمه الحقيقي صفار باتي محمد المحبوب، ولد محبوب باتي يوم 17 نوفمبر 1919 بالمدية، في السادس عشر من عمره سجل نفسه في درس الصولفاج تحت قيادة معلم من أصل يهودي في معهد الموسيقى بالمدية، الذي غادره بعد أسبوعين.
تقدم إلى الحياة كعصامي بشدة الذي يريد أن يرى و يتعلم كل شيء لتحدي الدراسة الكلاسيكية التي لم يستفيد منها مع حماسه الكبير للفن الموسيقي الذي كان ينتظر الإظهار، و في أواخر الأربعينيات التحق بالجزائر العاصمة بالألكسترا المحترفة تحت قيادة مصطفى اسكندراني في الموسيقى العصرية و ذلك أثناء إنشاء خمس مجموعات بمحطة الراديو بالجزائر العاصمة (ORTF).
وقد كان محبوب باتي عبقريا في العزف على الكلارينات و الساكسوفون التي اختارها لتكون ضمن الألكسترا التقليدية تحت قيادة الشيخ خليفة بلقاسم مع عزفه على الإيقاع و العود.
موسيقي فريد من نوعه، جاد، منضبط، و خاصة عبقري، محبوب باتي يعرف كيف يجذ النوتة المخالفة للتقليد و لكن بالحفاظ عليها و الوفاء إليها، تعلم العزف على كل الآلات التقليدية مما سهل له الاندماج داخل كل الألكسترات المهيمنة على الساحة الفنية العاصمية في أوائل الخمسينيات، و لكن قبل الاستقلال الوطني بقليل اكتشف هويته في التلحين و كتابة الكلمات، و لو أن بتأخر لكن كم هي يقينة، إبداعية، ثرية و عبقرية التي جعلت من النوع الفني الذي كان يسوده عدم الحيوية نوعاً محبوباً من طرف الجمهور و هو : الشعبي.
كان لمحبوب باتي حظاً كبيراً لكل الطبوع التي كان يعزفها للكلمات التي يكتبها كذلك وذات صدى كبير.
كما أن محاولته الأولى كانت مع الفنان عبد الرحمن عزيز الذي غنى يانجمة سنة 1954 و التي صورت في فيلم تلفزيوني سنة 1961، و سجلها الفنان محمد العماري للتسويق سنة 1958 بدار النشر تيباز.
و خلال السبعينيات حيث كان محبوب باتي في قمة الشهرة بالإنتاجات التالية: البارح مع قروابي، راح الغالي راح مع بوجمعة العنقيس سالي طراش قلبي مع اعمر الزاهي نستهل الكية مع اعمر العشاب و بعد ذلك جاه ربي يا جيراني مع عبد القادر شاعو متحلفليش مع سلوى الوردة مع نادية بن يوسف و كذلك عدد لا يحصى من أغاني مع فنانين مشهورين آخرين.
ومع كل هذا الإنتاج و في وقتٍ محدودٍ استطاع محبوب باتي أن يصالح الشبيبة مع هويته و أغانيه التي كانت محبوبة آن ذاك و غير خالية من التقاليد، نجح في كل أعماله هذه مع قلة الوسائل المتكونة من استيديو واحد للتسجيل في نهج زبانا بوسط الجزائر العاصمة الذي أنشأه سنة 1968م الذي كان كله جو فني أين كان النجاح مستمر.
و يعتبرمؤلف، ملحن كثير الإنتاج و عبقري، محبوب باتي كان له إنتاج كثيف يشمل كذلك كل الطبوع الموسيقية المعروفة عبر الوطن، كما غنى إنتاجاته أكثر من 70 مطرباً.
معرفته في الموسيقى كانت واسعة إلى حد أنه يجول من طابع إلى آخر مؤكداً قدراته الكبيرة في استيعاب الثروات التي يفتخر بها وطننا في هذا المجال، محبوب باتي غادر بكل حزن و أسف عالم الموسيقى سنة 1986 بعد أدائه مناسك الحج في البقاع المقدسة.
ولكن لم يغادر عالم الموسيقى من قلبه لأن تجربته تصدى لها المحافظون الذين يعيبون عليه بالتخلي عن الأغنية الشعبية الأصيلة و لكن عبقريته تنتصر بعد عشر سنوات حين أعاد جيل من الشباب أعماله الفنية و التي أصبحت مشهورة.
سيكتب التاريخ، بدون شك، و بأحرف من ذهب اسمه في الموسيقى الجزائرية، الإنتاج العظيم الذي ورثناه منه سيتكلم عنه في المستقبل.
خصص له التلفزيون الجزائري حصتين من إنتاج مختار حيدر في جويلية سنة 1998م، هذا الشريط هو الوحيد كشاهد حي لحياته الفنية الكبيرة.
توفي محبوب باتي يوم الاثنين 21 فيفري 2000م و دفن في 22 فيفري 2000م بمقبرة قاريدي بالقبة عن عمرٍ ناهز81 سنة.
المرجع/ كتاب صدر في أفريل سنة 2006م باللغة الفرنسية تحت عنوان Mahboub Bati, un artiste de légende/ محبوب باتي، الفنان الاسطوري، للكاتب عبد القادر بن دعماش.