يلعب الوازع الديني دورا هاما في الوقاية من داء جائحة كورونا إذا علمنا أن ما يقوم به الإنسان للمحافظة على نفسه أو غيره هو صميم التعبد والتقرب إلى الله ينصح ، يشتري كمامة ، تعقيم ، تباعد ، إلى آخره … من جهز مواطنا للوقاية من طرف جائحة كورونا كأنما جهز غازيا في سبيل الله …
عن أبي سعيد- رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” ما يصيب المسلم من نصب ، ولا وصب ، ولا هم ، ولا حزن ، ولا أذى ، ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها ، إلا كفر الله بها خطاياه ” متفق عليه . وطّنوا نفوسكم على الاحتساب في كل شيء، وإرادة وجه الله، ومرّنوها على محبة الخير للمسلمين، والنصح لعباد الله؛ فإن الله لا ينظر إلى صوركم الظاهرة وأعمالكم، وإنما ينظر إلى بواطن قلوبكم، وما اشتملت عليه من أحوالكم.
وعوِّدوا أنفسكم الإخلاص في كل ما تأمرون وما تذرون، واحتساب الأجر فيما تسرون وما تعلنون؛ ليكون الإخلاص لكم قريناً، وارتقاب الثواب على الخيرلكم عويناً
وَمَنْ يَسْعَى لِتَقْدِيمِ الْخَيْرِ إِلَى الْغَيْرِ، جُزْءٌ لا يَتَجَزَّأُ مِنْ عَقِيدَةِ الْمُسْلِمِ مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
فقط إخلاص النية وتحديد الهدف والغاية، فإن من لا غاية له ولا هدف كحاطب بليل؛ لا يدري ماذا يجمع، ولا إلى أين يتوجه، وهو كذلك يعيش في التيه،ويحلم بالأوهام، ويرى السراب ماءً، قال الله تعالى:” {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً
حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ } ” النور:39
ولذا فقد وردت العديد من الآيات والأحاديث النبوية تؤسس لإخلاص النية وتوجيه المقصد في كل الأعمال إلى الله – جل في علاه- بما فيها الوقاية من جائحة كورونا فإخلاص النية في الوقاية من جائحة كورونا والصبر وما أصابنا
في اقتصادنا وفي أموالنا وصحتنا … كلها في ميزان الحسنات فأعمالنا هذه عبادة وطاعة وأجر وقد جاء في سورة البينة قول الله – تعالى-: ” {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} ” [البينة:5] وفي الحديث الشريف عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله
–تعالى- عليه وعلى آله وسلم- يقول: ” «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله،ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه»” متفق عليه
ولذا فاحرص على أن تجدد نيتك لله –تعالى- في بداية مشوارك في الحياة ،وثمة نقاط أسوقها إليك أذكرك بها هي – في الواقع -مفاتيح تجلب لك السعادة والسكينة في بيتك ، وتسهم في تحقيق الطمأنينة و السكينة ربط علاقتك بالله به تقوي المناعة الإيمانية ومن روافد المجتمع الرباني أن يقوم الرجل فيه بدور الأب والمربي لزوجته وأولاده، ولك أن تتخيل لو أن كل رجل أصلح نفسه وأهل بيته، كم من الأسر التي ستبني مجتمعًا صحيحًا سليمًا، إضافة إلى أن الرجل حينما يقوم بتعليم أهله وتأديبهم فقد جمع بين الخيرين: تعليم نفسه أولاً وتأديبها وإصلاحها؛ حيث لا يتصور أن يُعَلِّم غيره ولا علم لديه، ففاقد الشيء لا يعطيه،
وثانيًا: حاز أجر التعليم والدعوة بما غرس في أهله من قيم وفضائل وآداب، له بها أجرها وأجر من عمل بها، وأسقط ما عليه من واجب في تبليغ دعوة الله – عز وجل – عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ب«لِّغوا عني ولو آية» ” [رواه البخاري] . أخلص نيتك في تعاملك بالحسنى،والخلق القويم، ولأنك ذو أصل وجب عليك أن تكون أخلاقك أخلاق الفرسان شهامة ورجولة،وحوّل العادة إلى عبادة إن فعلت ذلك بنية التَّقَوِّي فهو عبادة… قال صلى الله عليه وسلم: “إنَّما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى“.
والنيَّة بها تميز فروض العبادات من نفلها، وبإخلاصها لله، يعظم أجرها،ويفوز العامل بفضلها وطّنوا نفوسكم على الاحتساب في كل شيء، وإرادة وجه الله، ومرّنوها على محبة الخير للمسلمين، والنصح لعباد الله؛ فإن الله لا ينظر إلى صوركم الظاهرة وأعمالكم، وإنما ينظر إلى بواطن قلوبكم، وما اشتملت عليه من أحوالكم. وعوِّدوا أنفسكم الإخلاص في كل ما تأمرون وما تذرون، واحتساب الأجر فيما تسرون وما تعلنون؛ ليكون الإخلاص لكم قريناً،
وارتقاب الثواب على الخير لكم عويناً.
فمن كان مشتغلاً بتجارة، أو صناعة، أو حرفة، أو فلاحة، أو غيرها من الأعمال، فلينْوِ بذلك القيام بواجب النفس، والأهل والعيال؛ فإنَّ ذلك جهادٌ، واشتغال بالواجب وهو من أفضل الأعمال.وإذا أطعم أحدكم أهله، أو من
يمونه، فليقصد بذلك وجه الله؛ فإنه إذا رفع اللقمة إلى فيّ امرأته، أو ولده، أو كساهم محتسباً، كان له رفعة وثواباً عند الله.
ومن أكل، أو شرب، أو نام، أو استراح ينوي بذلك التقوّى على الطاعة؛ فهو في عبادة.ومن طلب العلم يبتغي به وجه الله ونفع نفسه والمسلمين؛ فهو في جهاد ورفعة وزيادة.ومن عز عن فعل الخير فنواه بصدق؛ فله أجر ما نواه.ومن كان له عبادة خير وطاعة، فمرض، أو سافر؛ كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً. فما أحق العبد بشكر مولاه!ومن همَّ بحسنة، فلم يعملها؛ كتبها الله عنده حسنة كاملة.ومن همَّ بسيئة، فتركها لله؛ كتبها الله عنده حسنة كاملة.ومن حرص على فعل المعصية، فعجز عنها؛ فهو بمنزلة الفاعل.
ومن سعى في خير، فأدركه الموت قبل تكميله؛ وقع أجره على الله الذي أكرمه بلطفه الشامل.ومن أخذ أموال الناس وعاملهم، يريد الوفاء، أدَّاها الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها؛ أتلفه الله.
ومن توسَّل بحيلة إلى معاملة محرمة، فهو مخادع ظالم.ومن وقّف وقفاً، أوأوصى بوصية، يريد حرمان غريمه، أو مضارة وراثه؛ فهو معتد آثمٌ.
فطوبى لأهل الهمم العالية، لقد انقلبت عاداتهم -بالنية الصالحة- عبادات.
ويا ويح أهل الجهل والهمم الدنيَّة، لقد كادت عباداتهم- لضعف النية- تكون عادات، قال تعالى: (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) [الإسراء:19
بقلم الأستاذ/ قسول جلول
باحث وإمام مسجد القدس حيدرة .