بقلم :محمد جربوعة
هذه يافا .. ويعني اسمها في اللغة الكنعانية ( المنظر الجميل) .. وهو الاسم الذي أخذه الغربيون عن الكنعانيين بعد آلاف السنوات ، ليطلقوه على مدنهم وأحيائهم ..وهو بالفرنسية ( بيل في) ..
تقع يافا غرب القدس ، وتبعد عنها بـ 55 كلم .
يسكن يافا اليوم ، 70 ألف نسمة ، أغلبهم يهود ، بينما العرب المسلمون والمسيحيون أقلية .
يافا بناها الكنعانيون على البحر قبل الميلاد بـ 4000 سنة ..
يافا ، فتحها عمرو بن العاص رضي الله عنه …
يافا ، من مدن 48 الواقعة تحت الإدارة المباشرة للاحتلال الإسرائيلي ..
يافا كانت قبل احتلالها عام 1948 م ، العاصمة الثقافية لفلسطين ، بنواديها الثقافية ومجلاتها وجرائدها ..
هناك مغالطتان اثنتان أحب التنبيه إليهما والتحذير منهما:
1- الأولى : اختصار فلسطين في رام الله أو في غزة .. وهذا يعني أن تكبر رام الله في نظر البعض فتصبح هي فلسطين ، بينما تكبر غزة عند البعض فتصبح هي القضية.. بينما نحن قضيتنا هي قضية فلسطين ، وعاصمتنا فيها لا هي رام الله ولا هي غزة ، بل هي القدس .. مع ما يعنيه مشروع ثنائية (رام الله – غزة) من تجاهل أراضي 48 ,,
2- هناك مشروع مسموم ، يسميه السياسيون (الرجوع إلى خط الرابع من حزيران 1948 م) ، وسأشرحه لشباب والناشئة اختصارا ، لئلا ينخدعوا به .
هناك أراض احتلتها إسرائيل عام 48 ، ومنها يافا ، وهناك أرض احتلتها عام 1967 ومنها القدس ..وهناك مشروع في المنطقة يطالب إسرائيل بالرجوع إلى ما قبل 67 ، بالاحتفاظ بأراضي 48 ، وإعادة أراضي 67 إلى العرب .
وحتى إذا لم نكن اليوم قادرين على تحرير فلسطين واقعا ، فيجب على المستوى النظري والاعتقادي ، أن نؤمن إيمانا قاطعا أن كل فلسطين لنا ، سواء أراضي 48 أو 67 ، وأننا لا نتنازل عن حبة رمل واحدة منها ، وأن نعقد النية على تحرير أرضنا من الاحتلال الإسرائيلي ولو بعد ألف عام .. وهو وعد القرآن الكريم ..
لذلك ، لا بد أن نحرر العقل العربي من خدعة تقزيم فلسطين واختصارها في غزة ورام الله ، ومن خدعة أن أراضي 48 من حق فلسطين ..
إن مدننا الصابرة المحتسبة في أراضي 48 ، عكا وبئر السبع وصفد وطبريا وبيسان والناصرة وعسقلان ويافا ..كلها أرض لنا ليس من الشرف التنازل عنها ، مهما كان ..
أكتب هذه السطور عن يافا ، لأنشر صورا لصلاة التراويح هناك البارحة ..
هؤلاء الذين يصلون التراويح في يافا ، لا يتحدون كورونا ، بل يتحدون إسرائيل والصهيونية العالمية والماسونية العالمية والرئيس الأمريكي ..والعالم كله ..
هؤلاء جنسياتهم إسرائيلية ، درسوا في مدارس إسرائيل بمنظومات إسرائيلية ، ويعيشون ضمن الإدارة الإسرائيلية .. فجرائدهم عبرية وقنواتهم عبرية ووثائقهم بالعبرية ..
لكنهم بعد 72 سنة ، يخرجون ليثبتوا هويتهم ..رغم الداء والأعداء ..
ألا يستحق هؤلاء من شعب الجبارين التحية ؟
ألا يحق أن نشكرهم لأنهم نابوا عنا في تحمل أمانة فلسطين 72 سنة ؟
أليس هذا هو مشروعنا الحقيقي الذي يجب أن نرتبط به ، وأن نوجه الناس إليه ، بدل توجيههم إلى عواصم تدعي الإسلام وترفع علم إسرائيل ؟
أليس من الأشرف لنا أن نربط أبناءنا بيافا وعكا والقدس ، رغم أنها جريحة ، ليشبوا وبين أعينهم غضب ساطع ، ونية تحرير صادقة ، بدل تعليمهم التطبيل لأكبر مطار ولطائرة بيرقدار التي لا تفكر مجرد تفكير في الذهاب باتجاه يافا والقدس ، بدل الذهاب إلى إدلب وطرابلس ؟
تحية عظيمة لأهلنا في يافا ..تحية لجبارين .. وورب الأقصى سننتصر ولو بعد ألف عام ..
وعد ربنا ..
ونبقى نردد مع محمود درويش :
(أحجّ إليك يا حيفا
وانفض عن مصابيحي
غبار الليل والزمن
فما زالت مفاتيحي
معي في الجيب والعينين والكفن
أحجّ إليك يا عكا
أقبل شارعًا شارع
وأحضن كل شبّاك
وعشبًا فوقه طالع
هنا سأنام مشتعلا
من الأحلام والذكرى
هنا خزنت حجارتنا
غد الأقمار والفجرا
فسبحان الذي أسرى بأقدامي
ليبعثني هنا حُرّا)
كما نبقى نردد مع الشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي وهو ينشد للعودة :
(يافا نعود غدا إليك مع الحصاد)