ما زلتَ ترسم شيئا لستَ تفهمُهُ
عيناك سهوٌ..ويجري منهما دمُهُ
ترى حياةً بلا معنى مباهجُها
مجروحةُ العمقِ..فيها ما تُهدِّمُهُ
وفي يديك من الألوان أجمعِها
وتحمِل الأحمرَ القاني..وتبصمُهُ
ولا تزال كما طفلٍ بلا لغةٍ
يأتيكَ منْ صارخِ الأوجاع أبكمُهُ
تضيع في الصمتِ..تُنسى..لا ترى أحدًا..
وليس ثمّة إنسٌ قد تكلّمُهُ
تُرتّب الوقتَ..كي تمضي إلى عدمٍ
رحْبِ المسالكِ..لا يُعييكَ أظلمُهُ
وتختفي مثل برقٍ..أو كأغنيةٍ
ماتَ المغنّي..ولم يَسلمْ ترنّمُهُ
عرفتُ قلبكَ في أوقاتِ فرحتهِ
وحين جاء منَ الأحلام موسمُهُ
وحين كنتَ شقيَّ الخطْوِ..شيْطنةٌ
رؤاكَ..والحزنُ ترميه وتلكمُهُ
وصوتَ أمّكَ:يا مجنونَ إخوتهِ
إهدأْ قليلا..كثيرٌ ما تُحطّمُهُ
وكنتَ تضحكُ مفتونا بأخيلةٍ
تأتيكَ ليلا..وفي عينيكَ أنجمُهُ
وفي المدارسِ..كم كسّرْتَ نافذةً
كي تلمسَ البرْدَ..يسري فيك مُعظمُهُ
والآن وحدكَ..هذي الكأسُ عامرةٌ
والقلبُ يَفرَغُ..يُفنيه تألُّمُهُ
والقلبُ يرحلُ في الإغماءِ..تخطفهُ
هلاوسٌ..ثمّ يسْبيه توهُّمُهُ؛
أنّ الوجودَ جحيمٌ نارُه وجعٌ
وأنّ قبرَكَ فردوسٌ وزمزمُهُ
وأنَّ في الفقدِ دفئا..في غياهبهِ
ترتاح روحُكَ من عُمْرٍ ستردمُهُ
في قلبكَ الوحشُ لم تبرحْ تصارعهُ
ولا يهمّكَ يوما كيف تُلْجمُهُ
تسير في الأرض مثل السائرين بها
وفي ربى الجرح يغفو ما تُلمْلمُهُ
وتحمل الفأسَ..لا جدوى..ستقطع أشجارَ
المعاني سوى حبٍّ ترمِّمُهُ
تعيشُه كإلهٍ..منْ مفاتنهِ
تنمو الحدائقُ..يهمي السِّرُّ..تلثُمُهُ