لقاء الأحبة

بقلم:عز الدين طهاري

البارحة..
قضينا يوما جميلا ورائعا بين أحضان ببلدة “الجزائر شاطئ” الساحرة رفقة الأصدقاء والزملاء الأعزاء تواتي سليماني،ابراهيم زيواش،محمد شلوش وأحمد شرماطي..
كان الجو ربيعيا بديعا مع مطلع “مارس” شهر العشاق والمجانين.
تمتعنا بجمال المدينة الفاتنة الهادئة المطلة على زرقة اليم..
تمتعنا …
بسحر شاطئها الفاتن ..
الذي يعد الذراع الشرقي ,لخليج الجزائر المدهش والبديع لعشاق البحر و يعد من أجمل خلجان العالم ..
حول مائدة الصداقة والمحبة وبأحد مطاعم البلدة تناولنا وتمتعنا بأطباق شهية من مختلف أنواع الشواء المطهي على جمر نار فحم هادئة تسيل لعاب المارين على الرصيف ,مصحوبة بشربة من عدس لذيذ المذاق والطعم وسلاطة مزينة بزيتون مبارك وقطع من جبن وطماطم شديدة الاحمرار.
مائدة حميمية جمعتنا كما لم تجمعنا من قبل، تخللتها أحاديث ذو شجون تحمل بين طياتها أنينا وحنينا لزمن ولى وباتت في حدائق ذكرياتنا المعطرة بعطر الصداقة والمودة.
عادبنا الحنين الي تلك السنوات الجميلة الخوالي التى تقاسمنا طيلة عقود طويلة حلوها ومرها بالاذاعة الوطنية
تذكرنا زملاء رحلوا عن عيوننا وما رحلوا عن قلوبنا وهم الآن يرقدون في دار الخلد…
تذكرنا الشهدين الزميلين الطيب بوترفيف وعلى عبود اللذين أغتيلا غدرا وظلما وعدوانا من قبل الارهاب الأعمي الهمجي في عشرية حمراء تركت جراحاتها و واحزانها العميقة في ضمير الأمة الجزائرية التى تسامح لكنها لن تنسي شهدائها.
الشهيدان الطيب بوترفيف وعلى عبود لم يؤذيا طيلة حياتهما بعوضة ,أغتيلا لا للجرم ارتكباه سوي أنهما كانا صحفيين من عامة الشعب الجزائري.
تذكرنا أيضا الراحل الأخ على بوجعطيط رحمه الله،
هذا الرجل الرائع الذي كان أول رئيس تحرير ,عملت معه كصحفي مبتدىئ عندما التحقت بالاذاعة الوطنية بدايات ثمانينيات القرن الماضي ..
كان من الذين تبنوني و شجعونني ونصحوني ووضعوني على السكة الصحيحة التى سرت على سكتها الي النهاية.
أدينا صلاة الظهر بالمسجد الكبير “الشيخ البشير الابراهيمي” الذي يزين وينور وينير بطراز معماره الرائع وصومعاته الشامخات قلب وسماء بلدة “الجزائر شاطىء” الفاتنة
يومنا كان حافلا حقا، سيظل راسخا في ذكرياتنا بعدما ذهبنا الي عالم التقاعد مكرهين واقلامنا لازالت مدرارة وافكارنا لا زالت تجدد ونتفتح براعمها كازهار اللتوتس .
من جميل الصدف ويقال رب صدفة خير من الف ميعاد ,حيث وجدنا انفسنا نتاول فنجان قهوة وحلويات لذيذة في بيت الكاتب و الصحفي الكبير الأستاذ بوعلام رمضاني المقيم بمنفاه الثقافي والفكري بعاصمة الجن والملائكة باريس…
استقبلنا في بيت والده الراحل بأحضان مفتوحة و ابتسامة صاقدة صدق أصالة وعراقة الرجل.
كان لقاءا استثنائيا من كل النواحي زينته التلقائية والحميمية حيث لم نلتق بالأخ بوعلام رمضاني منذ أكثر من 20 عاما!!!
وتصوروا كيف تتعانق الأحاسيس الجياشة بين أخوة وأصدقاء فرقتتهم الأيام لكن أبدا لم تفرقهم المحبة والماضي المشترك و الحاضر والمستقبل أيضا.
لم يتغير الأستاذ بوعلام رمضاني كثيرا لا في ملامحه و لا في روؤاه ولا في حبه وتعلقه بالجزائر وثقافتها العريقة ..
سفير الثقافة الجزائرية والعربية غير المعتمد في بلاد الغربة كما يلقب من قبل زملائه، بقي هو هو ،نفس الحميمية ،نفس الهواجس الثقافية والفكرية لازالت تسكن قلبه وعقله.
حدثنا عن الثقافة والاعلام في الجزائر وما أصابهما من ووعكات و وهن و تقهقر وتردي في زمن سيطر الدخلاء على دواليب الثقافة و وحولوها الي تجارة مربحة تشبه تجارة “الترابندو المغشوشة”
عاد بنا الي العصر الذهبي للثقافة الجزائرية الاصيلة المتأصلة التى كانت مرآة حضارة الأمة الجزائرية ودرعها المتين وحاميه من عواصف العولمة التى لاتبقي ولا تذر.
بوعلام رمضان الذي درس معنا في كلية الاعلام نهاية سبعينيات القرن الماضي, يعد من أبرز الصحفيين الجزائريين المهتمين بالحقل الفكري والثقافي, له مساهمات وكتابات قيمة وثرية في هذا المجال.
كتب ولازال يكتب في كبريات الصحف الوطنية والعربية ،ونشط وانتج أيضا عدة برامج ثقافية عبر الاذاعة الوطنية…
ودعنا الأستاذ رمضاني وقد لاحت في الافق تباشير صلاة المغرب فعلى صوت الحق مجلجلا في سماء بلدة “الجزائر شاطئ “حيث أدينا الصلاة في أحد المصليات غير البعيدة عن هدير أمواج البحر وهي تسبح بخالق الكون في ذهابها وغدوها بين عمق اليم و شاطئه البديع.
كان يومنا يوما مشهودا في زيارتنا لبلدة “الجزائر شاطىء” وسيبقي في دفاتر ذكرياتنا والبوم حياتنا..