بقلم: عبد الرزاق بوكبة
لن أنخرط في مسعى التّشكيك في كون ولاية تيزي وزّو جديرةً بالمرتبة الأولى في نسبة النّجاح في شهادة الباكالوريا منذ سنواتٍ طويلةٍ، خوفًا من الوقوع في التّجنّي المجّاني، في ظلّ افتقادي لحقائقَ ووثائقَ دارسةٍ ومدروسةٍ.
لكنّني أتبنّى هذا السّؤال: لماذا لا تدرس وزارة التّربية العوامل الموضوعية، التّي أدّت بهذه الولاية إلى الصّدارة الوطنية في هذا الاستحقاق التّربوي، ثمّ تعمل على توفيرها في الولايات السّبع والأربعين الأخرى ليصبح التّفوّق معمّمًا؟
إذا كان التّلميذ الجزائري في تيزي وزّو قادرًا على تحقيق هذا التّفوّق اللّافت للانتباه والمثير للإعجاب، رغم المنظومة التّربوية المعرّبة، وهو المتكلّم والمفكّر والحالم بالأمازيغية، فإنّ إمكانية أن يتفوّق نظيره أيضًا في الولايات النّاطقة بالعربية تصبح قائمةً جدًّا إذا توفّرت له العواملُ نفسُها.
هل يتعلّق الأمر بجدّية الهيئة المديرة للمؤسّسات التّربوية في تيزي؟ أم بجودة الهيئة المدرّسة؟ أم بحسن الخدمات المدرسية؟ أم بهذه العوامل كلّها؟ ما المانع إذن من تعميمها وطنيًّا، حتّى نحقق ما يُمكن أن نسمّيها “العدالة التّربوية”؟
أم أنّ الأمر يتعلّق بطبيعة المجتمع المدني في الولاية، ولا أقول المنطقة لأنّ بجاية والبويرة لا تحظيان بالنّتائج نفسها، حيث منظومة أولياء التّلاميذ في تيزي تختلف من حيث حرصها ومواكبتها ومتابعتها ومراقبتها ومرافقتها، فتصبح مواجهة بقية الولايات بهذه الحقيقة أمرًا واجبًا، حتّى تتحمّل مسؤوليتها؟
إن التّعتيم الذي تُمارسه وزارة التّربية في تبرير عوامل الاحتفاظ بالصّدارة، عوض أن يخلق روح التّنافس بين ولايات الجمهورية، فإنه سيخلق روح التّباغض، فتطفو إلى السّطح التّهم بالغشّ والانحياز والعنصرية، خاصّة أنّ الأمر يتعلّق بجيل سيتولّى مستقبلنا، ولا ينبغي أن نفخّخ هذا المستقبل مسبقًا، مثلما فعلنا مع حاضرنا، الذي كان مستقبلًا عام 1962.
قاع الفنجان
ليست الخيانة أن نبيع البلاد للاجنبيّ فقط، بل هي أيضًا أن نشتري السّلم الاجتماعيّ المؤقّت، على حساب الرّهانات الوطنية الدّائمة.