مكانة عيد الفِطْر في نفوس الجزائريين يجسد أرقى المعاني والصفات الحميدة؛ إذ يظهر فيه التكافل الاجتماعيّ بين الأسر الجزائرية ، والتآخي فيما
بينهم، وتسمو رُوح الجِوار؛ ليصبحوا وكأنّهم أهل بيتٍ واحدٍ يغمرهم الإخاء بشكله العمليّ، وتظهر بشكلٍ واضحٍ قيمة الإخلاص، ويتبادلون التهاني فيما بينهم،والعيد يوم فرحٍ، وسرورٍ، وتجمُّلٍ يحرص الجزائريون فيه على إطعام الفقراء، وسَدّ حاجاتهم، فلا يشعرون بالنقص أحد، كما أنّ العيد يحرص على
صِلة الرَّحِم، والأصدقاء، فتتصافى النفوس المُتشاحنة، وتثبت على طاعة الله -تعالى-، والسَّعي في سبيل نَيْل رضاه ومَحبّته؛ فكما أنّ العيد استقبل بالطاعة، فإنّه يجدر به العَزم وعَقْد الإرادة على الثبات والاستمرار عليها.
كيف تكون صلاة العيد هذه السنة وجائحة كورونا ؟
يقوم الجزائريون بهذه الفضائل بقلوبهم وبنياتهم الصادقة بالتقليل من اللقاءات والتجمعات بقدر المحافظة على أرواحهم وأرواح غيرهم واتباع الإرشادات اللازمة للوقاية من جائحة كورونا.
تُصلّى صلاة العيد هذه السنة ركعتَين في البيوت صلاة العيد في البيت
تصلى بعد طلوع الشمس، بدون إقامة وتصلى ركعتين،تكبر في الركعة الأولى
07،مع تكبيرة الإحرام وفي الثانية تقوم بالتكبير+ 05 تكبيرات =06، ويقرأ الإمام فيهما سورة الأعلى وفي الثانية الغاشية كما في صحيح مسلم عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ
الْغَاشِيَةِ.
وتبقى المعاني …
وتبقى معاني العيد وأدابه “أذكر إخواني بجملة من آداب وسنن العيد مع التنبيه على بعض الأفعال يمكن أن يكثر انتشار جائحة كورونا والتي قد تقع
في العيد:مثل التقبيل والمصافحة نكتفي بتهنئة العيد بقولنا تقبل الله منا ومنكم ، وعيدكم مبارك الخ
ـ الحرص على إخراج زكاة الفطر ـ التي جعلها الله عز وجل طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين ـ قبل صلاة العيد.
التكبير يوم العيد ويبتدأ من ثبوت العيد وينتهي بصلاة العيد ، وقد قالالله تعالى (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة الآية185) ويكون بصوت يسمع الإنسان نفسه ومن معه
الاغتسال لصلاة العيد ولبس أحسن الثياب والتطيب لذلك ،الأكل قبل صلاة العيد وإشراك النساء والأطفال والصبيان دون استثناء أي جميع العائلة في
هذه الشعيرة و التهنئة بالعيد فهي ثابتة عن الصحابة رضي الله عنهم ،فعن جبير بن نفير قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقى يوم العيد يقول
بعضهم لبعض : تقبل منا ومنك”.
تبادل التهاني والمعايدة بوسائل التواصل الإجتماعي وأن يشكر المسلم ربه في هذا اليوم ويتمم فرحه بالطاعات والقربات والتواصي بالحق والتواصي
بالصبر ، والبذل والعطاء للفقراء والمحتاجين وما أكثرهم وما أحوجهم !
وأفرحوا بعيد الفطر وحق لكم أن تفرحوا ورسولكم صلى الله عليه وسلم قال:
((لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْد لِقَاءِ رَبِّهِ))
ففرحنا اليوم بما وفقنا الله من إكمال صيام الشهر، وغداً نفرح الفرح الأكبر برضا الرحمن عندما ندخل من باب الريان الذي لا يدخله إلا الصائمون
المؤمنون.
وحق لنا أن نفرح﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )
لقدعشنا أياماً معدودات وليالي مباركات صيام وقيام وتلاوة قرآن وبذل وإحسان وصلة رحم وبر وغفران وإطعام طعام وزكاة وحسن أدب وكلام.
وكلنا يطمع في رضا الرحمن أن نكون يوم القيامة مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، مع منهم في
عيشة راضية في جنة عالية قطوفها دانية، و يقال لهم ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾ [الحاقة 24
يتحقق هذا الفرح عندما نرى مجتمعنا خل من جائحة كورونا ومن الأفات الاجتماعية
هنا وقفة مع من يذهب هنا وهناك، حاملا معه فيروس كورونا القاتل وهو يحسب
أنه يحسن صنعا عاصيا بذلك الله ورسوله وأولي الأمر فإن الله لا تخفى عليه خافية فلنتقي الله تعالى.
العيد هو للفرح يتحقق ذلك الفرح لمن سلك أبواب الخير والتعاون والوقاية من جائحة كورونا هذه الأعمال الموصلة إلى الجنة والمحققة للفرح والسرور
في الدنيا والآخرة.
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمِْبأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
أيها الجزائري الصائم في رمضان والقائم في التهجد والتراويح في بيتك والمكثر من تلاوة القرآن والمتصدق ومطعم الطعام. في بيتك المتقرب إلى
الله عز وجل والمحافظة على عائلتك ومساهما بوعيك في نصرة مجتمعك في حربه على جائحة كورونا
أنت مطالب بفعل الخيرات والتزود منها ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ
الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ البقرة: 197.وفي هذه الأيام أعمال البر كثيرة وهي
درجات ومقامات أعلاها توحيد الله وإخلاص العبادة له، وأدنها إماطة الأذى عن الطريق، ولا تحقرن من المعروف شيئاً والتمسوا الأجر في عيدكم بإدخال
السرور على أنفسكم وأهليكم وإخوانكم ، التمسوا الأجر في صلة الأرحام بالسؤال عليهم عبر وسائل التواصل الاجتماعية وإشاعة الفرح وإدخال السرور
على قلب كل مسلم ومسلمة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بفقهه ودرجاته، العيد يوم التسامح والعفو، يوم التراحم والتعاطف يوم النفوس الكريمة تتناسى أضغانها وتتصافى من أحقادها تتقارب القلوب وتعلو الأرواحوتسمو.
وندعوا الله عز وجل بأن برفع عنا هذا الوباء إنه ولي ذلك والقادر عليه.
بقلم الأستاذ/قسول جلول
باحث وإمام مسجد القدس حيدرة