في حجرتنا المعتمة التّي تتطاير فيها الكلمات المضيئة , نقف على أطراف أصابعنا تارة , نثور تارة , نبكي …نضحك ..نحلم …نتألّم ..نصرخ ومن حين لآخر ننفخ بأفوهنا على كومات الكلمات المتطايرة في الجو ترسلها إحدانا للأخرى , تربّت بها على روحها و ترسم لها شكل النّهار بذلك النّور , إحدانا تصنع علب السّكاكر بكريات سحريّة مغيّبة عن ظلمتنا و من حين لآخر ترسل لنا ضوءً لمّا يتعالى الأنين فينا أو تصاب فتاة منّا بالذّعر لمّا تشتدّ عتمة زاويتها …هاهي ذي أخرى هناك في ركن آخر تغلق عينيها عن النّور الضّئيل الذي يتطاير حولها تغلقهما بشدّة و تدّعي أنّها بذلك ستتعوّد الظّلام …تدّعي أنّ البصر في مكاننا هذا نقمة و البصيرة ليست سوى ملحا يضاف إلى الجرح …صديقتي الأخرى بدورها تتألّم تتأّم بشدّة ….مصابة بمخاض ….وستجهض بعد خمس دقائق ..إنها في كلّ مرّة تتتمخّض ثمّ تجهض ألم الذّكرى الذي تعيد ابتلاعه لتجهضه آلاف المرّات ..حتّى بات الألم عندها عادة … ألم يصنع حبّات عرق كبيرة يزيد من انعكاس النّور علينا . صديقتي الأخرى هناك …بعيدة عنّا …بعيدة جدّا هي الوحيدة التّي تملك مصباحا نوره أقوى من نور الكلمات تطفؤه و تجلس وحيدة تتأمّل …تتأمّل صورة في يدها تمحى لمّا ينزل مطر حمضي يفتت جلودنا ثمّ تعود و تنبت على يدها من جديد ..أمّا أنا فواقفة ها هنا متسمّرة مكاني منذ سنوات طوال أجمع في جيوبي الكثير الكثير من الكلمات ..أومن أنّه في يوم ما لمّا أطلق سراحها ثم أشقّ ثوبي لها سيولد النّهار من صدري من جديد….