نص رسالة الإعلامي سليمان بخليلي إلى رئيس الجمهورية :
سيادة الرئيس ،،
اسمح لي أن أضُمَ قلمي لأقلام أدبائنا الكبار الذين راسلوك هذا الصباح ( واسيني لعرج ، محمد بوعزارة ، وغيرهما ) فأرفعَ إليك هذه الرسالة العاجلة رغم أنني ـ بكل أمانة وصدق ـ لا أعرف عنوانك !
أقول ( لا أعرف العنوان ) لأنني لست متأكداً من إمكانية وصول رسالتي ( المتواضعة ) هذه إليك ، مادامتْ رسائل الشعب ( الحادة الغاضبة الصاخبة ) لم تصلك ، بل إنها حين وصلتكَ وصلتْ إليك مُحرَّفة عن لفظها ومعناها وسياقها حسبما سمعناه من رسالتك إلينا البارحة حين أصبحتْ ( هتافات ) الشباب مجردُ ( آهات ) ، وصراخُ الشعب الهادر مجردُ ( قلق حرّكته الريبة والشكوك ) ، دون أن أتمكَّنَ من فهم هذه الجملة الأخيرة ، لأن ترجمة رسالتك من النص الفرنسي الأصلي الذي كتبت به ، إلى النص العربي الذي أذيع علينا ، لم تكن ترجمة دقيقة !
سيادة الرئيس ،،
أستأذنُكَ أن أستعيرَ من شاعرية مفدي زكريا ومحمود درويش ونزار قباني ــ وأنت القارئ الكبير لروائعهم ــ قبساً من لغتهم لأقول :
( في هذه الأيام التي أصبحتْ فيها نفوسُ الناس براكين ، وأعصابُهم رماداً ، ودماؤهم سوائلَ سريعةُ الاشتعال ، وقلوبُهم قنابلَ موقوتةٌ قابلةٌ للانفجار ، لم يعد بإمكاني ( بكل تواضع ) كإعلامي ، أو ككاتب ، أو كجزائري على الأقل ، يُحِسُّ بآلام مجتمعه وشعبه أن أسكت ..
لم يعدْ بإمكاني ـ والحرائقُ تشتعل في كل مكان ـ أن أبقى صامتاً أو محايداً ، فحيادُ أمثالي اليوم هو وصمة عار على جباههم ، بل إن حيادي وصمتي ووقوفي مكتوفَ اليد أمرٌ يعاقب عليه القانون ، من حيث كونه أشبه بوقوف أي شخص أمام جسدٍ جريح دون أن يسعفه أو يأخذ بيده ، فما بالك عندما يتعلق الأمر بمن يستطيع أن يقدم الدواء ولو على شكل نصح ، ويُطَهِّر الجراح ولو بالكحول ، ويكوي بالنار إذا لزم الأمر المنطقة المصابة بالورم ) !
ولأنك يا سيادة الرئيس :
ـ تعرفُ أنني ليست لدي أيةُ مصلحة حالية أو مستقبلية لديك .
ـ وتعرف أنني لم أطمع فيكَ يوماً ولن أطمع مستقبلاً .
فأنا أكتب إليك ( بدون أية مصلحة مادية ) كي أناشدك اللهَ ــ من أجل الجزائر ، ومن أجل تاريخك النضالي ، ومن أجل ماضيك المشرّف ـ أن تعدلَ عن المضي في ترشحك للانتخابات الرئاسية .
هل يًعقل ـ يا سيادة الرئيس ـ والجزائر تمُرُّ بمرحلة اقتصادية حرجة أن نصرف أموالا طائلة على انتخابات تُفْضِي إلى إجراء انتخابات أخرى حتى وإن تعهدتَّ أن لنْ تترشح لها ؟
هل يُعقَلُ ـ يا سيادة الرئيس ـ أن تصُمَّ أذنيك عن هتافات الجماهير الغاضبة وهي تدعوك للرحيل ، مرفوقة أحيانا بكلام سيء ومسيء يجعلنا نتألم ونحن نسمع ما لا يشرف مسارك ولا مكانتك ؟
يا سيادة الرئيس ،،
لن أغضِب أكثر مما غضَب غيري ..
ولن أصرُخ أكثر مما صرخ سواي ..
ولن أقول أكثر مما قاله كل العقلاء وهم يلتمسون إليك أن تُقَدّم مصلحة الجزائر على مصلحتك الشخصية بإعلان انسحابك من سباق الرئاسيات بشرف ، وأن تتفرغ لإجرائها في كَنَفِ الأمن والسِّلْمِ والطمأنينة والنزاهة والشفافية بدلاً من مُضيّكَ فيها كمرشح ( وهمي ) بالنسبة للشعب .. مرشحٍ يُسيء إلى الصورة الجميلة المشرقة التي استقبله بها أبناءُ الجزائر عام 1999 : رجلِ ( قبول ) بالإجماع ، يتحوّلَ اليوم بعد عشرين سنة إلى رجل ( رفض ) بالإجماع !
وإذا سمحتَ لي يا سيادة الرئيس أن أكون أكثر وضوحاَ وصراحة قلتُ إنني لن أتجاوز أفكارك في النقد الذاتي يومَ وقفتَ قبل 7 سنوات في سطيف ( وتحديداً في شهر مايو 2012 ) تفكر بصوتٍ مسموع ، وتكشِف بشرفٍ وأمانةٍ حساباتك ، وتعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله حين قلتَ لنا في خطابك المؤثر : ( طاب جناني ، وعاش من عرف قدر نفسه ) !!
• لن أكتب حرفاً واحدا بعد اليوم يا سيادة الرئيس ، فقد عاش من عرف قدر نفسه
والسلام عليك ..
بقلم : سليمان بخليلي