منذ طفولتنا ونحن نشعر برعب لا يمكن أن يوصف بسبب الترهيب والوصف المخيف ليوم القيامة ويأتون بكل الآيات والأحاديث التي توصف يوم القيامة بأنه : قال تعالى(يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه) (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه )؟(يوم يقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد ) ويتناسون الجانب التبشيري للمؤمنين الطائعين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم قال تعالى (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ
وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ (21) حتى يعبدون الله عز وجلمحبة ويرون يوم القيامة بأنه يوم فرح وسرور.
ولأحياء هذه المعاني …نقف عند بعض الآيات :
عندما تبعث يوم القيامة وترى الملائكة في انتظارك : قال تعالى :”( لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (103) الأنبياء …سيكون
يوما رائعا عندما تطلقها صرخة مدوية في العالمين من الفرح (فَأَمَّا
مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ )22
سيكون يوما سعيدا عندما تنظر خلفك وترى ذريتك تتبعك للمشاركة في فرحتك (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ)
سيكون يوما في غاية الروعة وأنت في زمرة المرضى عنهم ويتقدمهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَايُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ
يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )8 سورة التحريم
سيكون يوم الفرح عندما تكون ضيفا محبوبا ومرغوبا ونداء خاصا لك ادخلوا قال تعالى ( ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ) تسرون وتنعمون .)
في يوم لن تكون قادرا على إخفاء بياض ونظارة وجهك السعيد عندما يكون رفيقك هناك محمد صلى الله عليه وسلم وموسى وعيسى ونوح وإبراهيم ـ عليهم السلام (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا }
هناك تفرح بتحقيق الوعود وتتذكر ما تلوته في الدنيا قال تعالى : (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ )
استعد لحضور حفلة تكريم سرمدية كن على العهد ولا تقنط ولا تيأس واستحضر نعم الله ورحمة الله وعفوا الله وافرح بلقاء الله واعلم أن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه واعلم أيها المؤمن أن الله يَغفرُ للمسيءِ إذا تابَ ، ويَجبرُ المنكسرَ إذا لاذَ بحماه، يَنْزلُ كُلَّ ليلةٍ إلى سماءِ الدُّنيا حينَ يبقى ثلث الليل الآخِرِ (فيقُولُ: هَلْ من مُستَغْفِرٍ؟ هلْ من تائبٍ؟ هل من سائلٍ؟ هلْ من داعٍ؟) رواه مسلم، ﴿ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62
والأعضاء، ﴿ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87.
﴿ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62
فطبيعة الدنيا أنّها دار امتحان إلى آخر يومٍ فيها، فمن عقل ذلك وأدركه ارتاح واطمأنّ لأنّه ترك البحث عن الكمال في شؤونه لعلمه أنّه ما كملت الدنيا لأحد، بل إنّ الله -تعالى- يبتلي المؤمن على قدر إيمانه…
والدين والإسلام يخفف عنا هذه الفتن وهذه المحن وهذه الفتن ويدخل على نفوسنا نوعا من الترغيب والطمأنة والناس يتجاهلون جانب الطمأنة والرغبة في السعادة والتفاؤل فتراهم يأخذون من الدين ومن التشريع ما يرعبون به المؤمنين ويصورون لهم الدنيا عذاب بجوائحها ( كورونا )وظلمها والآخرة عذاب إبتداء من المرض ثم الموت ثم عذاب القبر يوم الحساب ويدخلون اليأس والقنوط على العباد أي إستبعاد رحمة الله والله حذَّرَ من اليأس والقُنوط من رحمته، فقال تعالى: ﴿ قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، وإخبارٌ بأنَّ اللهَ يَغفِرُ الذُّنوبَ جميعاً لمنْ تابَ منها ورَجَعَ عنها، وإنْ كانت مَهْما كانت، وإنْ كَثُرَت وكانت مِثْلَ زَبَدِ البَحرِ،ولا يَصِحُّ حَمْلُ هذهِ على غيرِ تَوبَةٍ؛ لأنَّ الشِّركَ لا يُغفَرُ لمن لَم يَتُب منهُ.
وعن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما (أنَّ رجُلاً قالَ: يا رسُولَ اللهِ ما الكبائِرُ؟ قالَ صلى الله عليه وسلَّمَ: الشِّركُ باللهِ، والإِياسُ مِنْرَوْحِ اللهِ، والقُنُوطُ من رحمةِ اللهِ) رواه البزَّار.
بقلم الأستاذ/قسول جلول
باحث وإمام مسجد القدس حيدرة